تجاوزت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي «امتحان» تصويت مجلس العموم (البرلمان)، ما أبقى خطتها الشاملة لمغادرة المملكة المتحدة الاتحاد الأوروبي (بريكزيت) في مسارها، بعد رضوخها لضغوط من أنصار «الطلاق» في حزبها «المحافظين». وفي الوقت نفسه، فرضت اللجنة المشرفة على الانتخابات في بريطانيا غرامة على الحملة الرسمية المؤيدة لـ «بريكزيت»، لانتهاكها قواعد الانفاق. وكانت ماي تعهدت الالتزام بخطتها للتفاوض على أوثق علاقات تجارية ممكنة مع الاتحاد الأوروبي، وقالت إن استراتيجيتها هي الوحيدة التي يمكن أن تحقق أهداف الحكومة للخروج من الاتحاد، في أكبر تحوّل في السياسة الخارجية والتجارية لبريطانيا منذ عقود. لكن خطتها تعرضت لانتقادات من كلا المعسكرين في حزبها، حتى قبل تقييم الاتحاد علاقات بريطانيا المستقبلية معه، إذ وصفها وزير سابق مؤيد للاتحاد الأوروربي بأنها «تنطوي على كل المساوئ» المتعلقة بالانسحاب من الاتحاد أو البقاء فيه، في حين رأى المشككون في الاتحاد أنها تُبقي بريطانيا أكثر قرباً مما ينبغي من التكتل. واستهدف أنصار «الطلاق» مشروع قانون طرحته الحكومة في شأن الجمارك، آملين بأن تتبع نهجاً أكثر تشدداً تجاه الاتحاد، لكنها قبلت بتعديلات طرحوها، بدل مواجهتهم. وبقبولها مطالب غلاة المدافعين عن الانسحاب، تكون ماي كشفت عن ضعفها في البرلمان، حيث تبادل جناحا حزبها الهجوم، ما يبرز انقسامات عميقة تعرقل التقدم في المحادثات مع الاتحاد الأوروبي. وقال ناطق باسمها إن التغييرات التي أُدخلت على مشروع القانون الذي يعرف رسمياً باسم مشروع قانون الضرائب (التجارة عبر الحدود)، لم تفعل سوى أنها وضعت سياسة الحكومة موضع التطبيق. لكن تشديد اللهجة، بهدف تأكيد أن تحصيل بريطانيا والاتحاد الأوروبي الرسوم والضرائب سيكون على أساس متبادل مستقبلاً، جعل نواباً يخشون أن يكون أنصار الانسحاب جعلوا خطة ماي أقل قبولاً لدى التكتل. في سياق متصل، أعلنت اللجنة المشرفة على الانتخابات في بريطانيا فرض غرامة على الحملة الرسمية المؤيدة لـ «بريكزيت»، لانتهاكها قواعد الانفاق خلال استفتاءٍ حوله عام 2016، وأحالت القضية إلى الشرطة. وقال مدير التمويل السياسي والقوانين في اللجنة بوب بوزنر، أنه «تم إجراء تحقيق معمّق في التمويل والحملة التي أجرتها فوت ليف (صوّتوا للخروج) والمجموعة الأصغر المؤيدة لبريكزيت بيليف خلال حملة الاستفتاء». وأضاف: «وجدنا أدلة ملموسة على أن المجموعتين عملتا نحو خطة مشتركة، ولم تعلنا نشاطهما المشترك، ولم تلتزما سقف الإنفاق القانوني»، ما يشكل «خروقاً خطرة لقوانين وضعها البرلمان، لضمان النزاهة والشفافية خلال الانتخابات والاستفتاءات». وذكر تقرير اللجنة أن حملة «صوّتوا للخروج» تخطت بنحو 500 ألف جنيه، سقف إنفاقها القانوني المحدد بـ7 ملايين جنيه (7,9 مليون يورو، 9,3 مليون دولار). وأضاف أن مجموعة «بيليف» أنفقت أكثر من 675 ألف جنيه، مع مجموعة «أغريغيت آي كيو»، وهي شركة إعلانات سياسية رقمية كندية، بموجب «خطة مشتركة» مع حملة «صوّتوا للخروج»، التي تم تغريمها بمبلغ 61 ألف دولار، فيما فُرضت على مجموعة «أغريغيت آي كيو» غرامة 20 ألف جنيه.
مشاركة :