في أول ظهور له مع فريقه الجديد «دي سي يونايتد» في الدوري الأميركي الممتاز لكرة القدم مساء السبت الماضي، تألق النجم الإنجليزي واين روني بمجرد اشتراكه كبديل في الدقيقة 59 من عمر اللقاء، وأدرك كل من تابع المباراة أنه ليس لاعبا عاديا. وكانت هذه هي أول مباراة لنادي دي سي يونايتد على ملعبه الجديد. ويقترب روني من نهاية مسيرته الكروية وجاء إلى الولايات المتحدة مباشرة من عطلته، لكنه كان أفضل لاعب في المباراة التي انتهت بفوز فريقه بثلاثة أهداف مقابل هدف وحيد على نادي فانكوفر وايتكابس. ولعب روني تمريرات سحرية إلى زملائه بدقّة فائقة وسرعة كبيرة للدرجة التي جعلت زملاءه يشعرون بالمفاجأة لدى رؤية الكرة وهي قادمة نحوهم. وصنع روني هدفين ولعبة رأسية رائعة أنقذها حارس مرمى نادي فانكوفر، برايان روي، ببراعة. وعندما انتهت المباراة، أدرك لاعبو «دي سي يونايتد» أن لديهم لاعبا لم يروا مثله من قبل. وقال بول أريولا، لاعب خط وسط دي سي يونايتد الذي أحرز الهدفين اللذين صنعهما روني: «لكي أكون صادقا لم ألعب أبدا مع لاعبين بكفاءة واين روني». ويتعين علينا أن نلتمس العذر للاعبي «دي سي يونايتد» إذا لم يكونوا مدركين لقيمة اللاعب الذي انضم إليهم، والذي كان فريق العلاقات العامة للنادي بحاجة إليه باسمه الكبير في عالم كرة القدم لكي يكشف النقاب عن ملعب الفريق الجديد الذي أنشأ بتكلفة بلغت 400 مليون دولار ويطل على نصب واشنطن التذكاري ومبنى الكابيتول الأميركي. وقد أصبح الدوري الأميركي الممتاز خلال السنوات الماضية ملاذا للاعبين الكبار الذين تقدموا في السن ويسعون للحصول على مقابل مادي كبير قبل إسدال الستار على مسيرتهم الكروية، وعندما علم مسؤولو النادي الأميركي بأن نادي إيفرتون على استعداد للتخلي عن خدمات روني تقدموا على الفور للتعاقد معه. ووصل روني إلى نادي «دي سي يونايتد» ولم يكن متغطرسا بالشكل الذي ربما اعتقده مسؤولو النادي الأميركي، حيث وصفه زميله في الفريق أريولا بأنه لاعب «متواضع». أما المدير الفني للفريق، بن أولسن، فقد وصف روني بعد مباراة السبت بأنه: «لاعب كرة قدم رفيع المستوى من النخبة». ومع ذلك، لم يلعب روني لنفسه في أول ظهور له في الدوري الأميركي الممتاز، لكنه جعل اللاعبين من حوله يظهرون بشكل أفضل. وكان تأثيره واضحا على الفور. وتقدم «دي سي يونايتد» بهدف دون رد في البداية، لكن أداء الفريق لم يكن قويا حتى هتف جمهور النادي الذي وصل عدده إلى 20 ألفاو504 متفرجين قائلين: «نريد روني». وبعد ثوان من نزوله إلى أرض الملعب، حصل دي سي يونايتد على ركلة حرة تقدم لها روني ووقف بكل ثقة وثبات كما فعل مئات المرات من قبل. وفي الحقيقة، كانت هذه خطوة جريئة من قبل اللاعب في ظل هذه الظروف الصعبة، لكنه يظل واين روني، وقد كان للطريقة التي تقدم بها للعب الكرة تأثيرها المباشر في نفوس زملائه في الفريق. وبدا وكأن المباراة قد انقسمت قسمين: قسم قبل دخول روني وقسم آخر بعد نزوله أرض الملعب. وقال روني في المؤتمر الصحافي الذي عقد بعد المباراة: «إنه لأمر رائع أن يكون هناك لاعبون شباب من حولك، وأشعر بأنني أستطيع تقديم الكثير من الخبرة لمساعدتهم، وهو ما شعرت به بقوة في الدقائق الثلاثين الأخيرة من عمر المباراة». وإذا لم يكن نادي إيفرتون يريده بعد الآن، وهو ما أشار إليه روني في تصريحاته منذ وصوله إلى واشنطن، فإن دي سي يونايتد يحتاج إليه بشدة، لأن وصوله جاء في وقت صعب للغاية للنادي الذي كان أحد الفرق المهيمنة على كرة القدم الأميركية وفاز بأربع بطولات في أول تسعة مواسم، لكنه بات يعاني خلال السنوات الأخيرة. وقد دخل دي سي يونايتد مباراة السبت الماضي وهو يتذيل جدول ترتيب القسم الشرقي، ويعود السبب في ذلك إلى أن الفريق قد لعب جميع مبارياته، باستثناء مباراتين فقط، خارج ملعبه بعدما قطع مسافات طويلة، في الوقت الذي كان ينتظر فيه اكتمال ملعبه الجديد «أودي فيلد». وحتى افتتاح الملعب كان مثيراً للجدل، وسط اعتراض مجموعة من مشجعي النادي على هذه الخطوة. وبالتالي، بدا الأمر وكان روني ليس مطالبا فقط بالتأقلم على اللعب في بطولة أقل في المستوى كثيرا من البطولة التي جاء منها، لكن أصبح يتعين عليه أيضا أن يوجّه فريقاً شاباً وأن يساعد على رأب الصعد بين جمهور النادي. وفي الحقيقة، كان من الصعب أن تطلب من أي نجم أن يقوم بكل ذلك، وبالطبع سيكون الأمر أكثر صعوبة عندما تطلب هذا من لاعب مثل روني الذي لم يكن يرغب مطلقا في أن يكون هو الواجهة لأي جهد أو عمل. ومع ذلك، شارك روني في جميع المناسبات العامة الخاصة بالنادي وظهر مع الجمهور ووقف لالتقاط الصور معه، وبالتالي أصبح هو القائد المثالي الذي كان يبحث عنه نادي دي سي يونايتد. وقال روني: «لقد قلت منذ مجيئي إلى هنا قبل أسبوعين إنني أريد تحقيق الفوز. أنا أقوم بكل ما أستطيع القيام به داخل الملعب وخارجه. وأنا مؤيد للمدير الفني ولزملائي في الفريق، ونتحدث سويا عن أفضل طريقة لتحقيق الفوز في مباريات كرة القدم. وقد يكون الأمر مختلفا تماما الأسبوع المقبل. وأعتقد أن أهم شيء هو التواصل، مع نفسي ومع اللاعبين أيضا». وقال روني هذا والابتسامة على وجهه، وقد حاول أن يتعامل مع هذه المباراة على أنها مباراة عادية قدر الإمكان، من خلال الاسترخاء على الفراش لمشاهدة مباراة المنتخب الإنجليزي أمام نظيره البلجيكي في مباراة تحديد المركزين الثالث والرابع بكأس العالم في الصباح، ثم المشي في منتصف النهار، واللعب لخوض المباراة مساء. وظهر روني سعيدا، رغم أن هذا الأمر قد يبدو محرجا بالنسبة له، لأنه الهداف التاريخي للمنتخب الإنجليزي ولا يشارك مع منتخب بلاده في أفضل منافسة له على الصعيد العالمي منذ ربع قرن من الزمان. لكن روني هز رأسه وقال: «إنها بطولة رائعة لإنجلترا، سواء كدولة أو كمشجعين». وكان روني لا يزال يرتدي قميص «دي سي يونايتد» الذي كان يبدو غريبا عليه في حقيقة الأمر، نظرا لأن المشاركة في الدوري الأميركي الممتاز لا تقارن بأي حال من الأحوال بالمشاركة مع المنتخب الإنجليزي في كأس العالم بروسيا، أو حتى باللعب في مدينة مانشستر أو ليفربول بالدوري الإنجليزي الممتاز. لكن فريق «دي سي يونايتد» يحتاج روني، وقد اتضح أن روني يحتاج لهذا الفريق أيضا. لو كان قائد المنتخب الإنجليزي السابق يفكر فيما كان سيفعله في كأس العالم لو انضم لقائمة منتخب بلاده، لما نجح في الظهور بهذا الشكل القوي مع فريقه الجديد بالدوري الأميركي.
مشاركة :