وصف مسؤول عراقي، أمس، إقدام إيران مؤخراً على قطع الكهرباء المستوردة عن مدن جنوبي العراق، بأنه «ابتزاز سياسي»، يهدف للضغط على الحكومة العراقية. وقال المسؤول ل«سكاي نيوز عربية»، طالباً عدم الكشف عن اسمه، «إن ما فعلته طهران يندرج ضمن الابتزاز السياسي الذي تمارسه إيران على العراق». وأضاف المسؤول أن الأعذار التي ساقتها إيران لتبرير قطع الكهرباء المستوردة عن مناطق عراقية «غير صحيحة». وكانت إيران قد قالت إنها أقدمت على هذا الإجراء لتلبية احتياجاتها الداخلية من الكهرباء. لكن المسؤول العراقي كشف أن حاجة إيران الفعلية للاستهلاك المحلي من الكهرباء تبلغ 42 ألف ميجاواط، في حين أن إيران تنتج 58 ألف ميجاواط. وأشعل انقطاع الكهرباء عن مدن جنوبي العراق موجة احتجاجات في الشوارع على مدار الأسبوعين الماضيين، حاولت إيران استغلالها للضغط على القادة العراقيين من أجل تشكيل حكومة موالية لطهران. وبعد أن قطعت إيران الماء والكهرباء عن محافظات في الجنوب العراقي، لا سيما البصرة، تعمل الحكومة العراقية على توفير بدائل انطلاقاً من العمق العربي للعراق. وبحسب مسؤولين ومحللين سياسيين، لم يكن في وارد العراقيين أن تتحول الكهرباء الإيرانية المستوردة، على قلتها، إلى سيف مسلط على رقابهم وورقة ضغط سياسية تنتقل من يد طهران إلى يد بغداد، وبالعكس، في محاولة لتبادل الأدوار في معركة ضحيتها ملايين العراقيين. وقال السياسي العراقي المستقل، غانم العابد، إن الحكومات العراقية المتعاقبة أنفقت حوالي 40 مليار دولار أمريكي على الكهرباء، قائلاً «إنه بهذا المبلغ كان من الممكن شراء أصول شركات كهربائية كاملة، مثل سيمنز الألمانية». وأكد مراقبون أن إيران، وعبر أذرعها في العراق، عرقلت بناء محطات الكهرباء، لتظل ممسكة بهذه الورقة الحساسة بغية استخدامها كورقة ضغط على الشعب العراقي حين تشعر بأن مصالحها باتت مهددة. وقال العابد إن تكلفة محطة كهربائية بخارية يبلغ 300 مليون دولار أمريكي، وأن 10 محطات منها كافية لإنتاج 3 آلاف ميجاواط، مستدركاً أن «الطبقة السياسية الحاكمة في العراق تريد أن تساعد إيران في ظل حصارها، ولذلك تغض الطرف عن إنشاء محطات محلية». وتغذي إيران العراق منذ عام 2007 بأربعة خطوط كهربائية تصل إلى البصرة والعمارة وديالى وخانقين، مزودة هذه المناطق ب1200 ميجاواط فقط، وفق عقود أبرمتها بغداد مع طهران في 2007 و2011 و2013. إلا أن هذه الكمية من الكهرباء لا تعالج النقص الذي يعاني منه العراق من الكهرباء، إذ إن البلاد تحتاج إلى 8 آلاف ميجاواط إضافية لسد العجز في شبكاتها. ويحتاج العراق إلى 23 ألف ميجاواط لتحقيق الاكتفاء الكامل، ينتج منها حاليا 15 ألف ميجاواط.وقال المتحدث باسم وزارة الكهرباء العراقية، مصعب المدرس، إن بغداد تعكف حالياً على إنشاء محطات ستدخل الخدمة خلال العامين المقبلين لإنتاج الثمانية آلاف ميجاواط التي من المتوقع أن تنهي الأزمة. لكن المدرس أبدى تخوفاً كبيراً من «مشكلة الهدر» التي تبقى حجر عثرة، حتى إن وصلت البلاد للاكتفاء الذاتي من الكهرباء، إذ قال إن نسبة الفاقد حالياً تصل إلى 65 بالمئة، تتمثل في سرقات وسوء استخدام وتوصيلات بدون عدادات وغيرها من التجاوزات.وعلى الرغم من أن بغداد جددت عقود التزود بالكهرباء مع طهران مطلع هذا العام، وفق ما أفاد المدرس، فإن هذه العقود تنص على إعطاء الأولوية للمدن الإيرانية في حال حصل نقص داخلي، الأمر الذي يجعل العراق تحت رحمة إيران في أي وقت.
مشاركة :