أكد أساتذة إعلام وإعلاميون وأكاديميون عراقيون أن وسائل التواصل الاجتماعي أدت دورا مؤثرا وكبيرا في عملية التواصل الإخباري من دون رقيب، خلال التظاهرات الشعبية الغاضبة، التي اجتاحت العراق، مشيرين إلى أن التسريبات الإخبارية كانت تسابق أي سبق صحافي لأكبر الصحف والفضائيات باعا في صناعة الخبر. طه جزاع: من الملاحظ عدم وضوح الخطاب الإعلامي والحيرة في التعامل مع الأحداثطه جزاع: من الملاحظ عدم وضوح الخطاب الإعلامي والحيرة في التعامل مع الأحداث وقالوا في تصريحات لـ”العرب” إن أخبار شبكات التواصل الاجتماعي عن تطورات الأحداث في العراق صارت تسبق في بروموشناتها وهاشتاغاتها حتى الصحف والفضائيات كونها لا تخضع في ترتيبها وتنضيدها وبثها إلى تسلسل كادر صحافي حرفي. ولاحظوا أن هناك صمتا عربيا وعالميا على الأحداث، التي جرت مؤخرا في العراق يضاف إليها قطع الإنترنت الذي أضعف قدرة الاتصال. ونصح الإعلامي العراقي الدكتور هيثم نعمان الهيتي، المقيم في الولايات المتحدة الأميركية ممثلي المعارضة العراقية أو الأحزاب المعارضة في الخارج بالصمت لكي لا تتهم هذه المظاهرات بأنها من تدبير جهات بعثية، كما تتهم دوما. وقال إن هناك ضرورة لتحريك النخب في بغداد، وبخاصة أن هناك مظاهرات في منطقة الشعلة وفي ساحة التحرير وضرورة التحام هذه النخب بالجماهير، وخصوصا النخب العلمية والكتاب واتحادات الأدباء والصحافيين وأساتذة الجامعات وجميع النقابات من دون انتظار النقيب لأنه مسيّس، كما يجب التركيز على الإضرابات والعصيان المدني وصياغة مطالب محددة. ومن جانبه، قال الأكاديمي والكاتب الصحافي الدكتور طه جزاع إن وسائل الإعلام والقنوات الفضائية المحلية والعربية والعالمية تعاملت مع الأحداث التي بدأت شرارتها في البصرة وامتدت لاحقا إلى 8 محافظات في الوسط والجنوب ولا سيما في الناصرية والحلة والنجف وكربلاء، على ثلاثة مستويات تمثلت في تبني تلك الأحداث والترويج لها وربما تضخيم بعض مراحلها بإعادة مقاطع فيديو معيّنة في نشرات عدة ولأيام متواصلة، أو متابعتها بحيادية وموضوعية ضمن النشرات الخبرية، فيما تجاهل عدد من الفضائيات تلك الأحداث أو مر بها مرور الكرام. مثنى الطبقجلي: الإعلام العراقي خسر دورا مهما كان يفترض أن يمارسه في نقل الأحداثمثنى الطبقجلي: الإعلام العراقي خسر دورا مهما كان يفترض أن يمارسه في نقل الأحداث ويلاحظ على المستويات الثلاثة عموما، عدم وضوح الخطاب الإعلامي وضبابيته والحيرة بين التعامل مع هذه الأحداث بصفتها حركة جماهيرية عفوية لها مطالب خدمية محددة وخصوصا في البصرة، أو بصفتها واجهة لحراك سياسي لأحزاب وجهات لم تظهر للواجهة، أو كما ذهب بعضهم إلى الاعتقاد أنها مرتبطة بأجندات خارجية تتعلق بمحيط العراق والعلاقة المتوترة بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران، المرشحة للدخول في مرحلة الحصار الاقتصادي المُحكم وتصدير النفط وتسويقه . وتابع جزاع “لم يكن أمام وسائل الإعلام هذه من خيار إلا الوقوف مع الطلبات الجماهيرية حتى وإن كانت الجماهير قد استهدفت فيما استهدفته بعض مقراتها في هذه المحافظة أو تلك، وقد حدث ذلك إما بخطاب إعلامي متردد يحاول أن يكون موضوعيا ومتوازنا قدر الإمكان، وإما بإعطاء الحق للمتظاهرين في طلباتهم الخدمية شرط أن يكون ذلك بالوسائل السلمية لا بالمواجهة الدموية مع القوات الأمنية وغيرها، فيما حاولت بعض هذه الوسائل الإيحاء بأن الجهة التي تنطق باسمها قد تكون مؤيدة وربما محرّضة ومشاركة في قيادة تلك الأحداث” . هيثم نعمان الهيتي: مظاهرات الكتاب والأدباء والصحافيين تمت من دون انتظار النقيبهيثم نعمان الهيتي: مظاهرات الكتاب والأدباء والصحافيين تمت من دون انتظار النقيب وأضاف “مثلما حدث في ما يسمّى بثورات الربيع العربي، وبالأخص في مصر، فقد أدت وسائل التواصل في العراق من دون شك دورا تحريضيا مهمّا في تصعيد الأحداث، ولا أدل على ذلك من حجب خدمة الإنترنت لأيام متتالية من أجل تطويق هذه الأحداث والحد من توسعها وانتشارها إلى بقية المحافظات والعاصمة التي استجابت بعض أحيائها الشعبية لما حدث في عموم محافظات الجنوب والفرات الأوسط”، مشيرا إلى أن حجب خدمة الإنترنت عطّل مصالح الحكومة والمواطن معا. وأبدى الصحافي العراقي مثنى الطبقجلي اعتقاده بأن الإعلام العراقي خسر دورا مميزا كان يفترض أن يمارسه في تغطية الأحداث الداخلية أثناء الأزمات جراء الابتعاد عن المهنية والشفافية في التعامل معها بصفته الراعي الوطني لحاكمية الأخبار التي يفترض أن تغطي الأحداث بأمانة ومصداقية والتزام. وقال إن الإعلام العراقي، في أغلبه، لم يمارس دوره المهني سواء المطبوع منه أم المرئي إلا في استثناءات ولعب مقص الرقيب السياسي والطائفي لدى مديري التحرير في الصحف وغرف الأخبار عاملا حاسما أمام دور الصحافيين والإعلاميين العراقيين في نقل الصورة كما هي نقلا أمينا يبتعد عن الأطر الحزبية والمذهبية، ولم يتسابق المراسلون إلى السفر إلى مناطق الأحداث الساخنة كما يحدث الآن في جنوب العراق ليس خوفا وإنما لكي لا يسقطوا في فخ الخبر الطائفي، وهو ما يؤشر على عامل تردٍ على صعيد هذه المهنة، التي غالبا ما تكون قريبة من الأحداث لكنها عجزت عن ذلك بسبب قوانين السلطة والانتماء العقائدي وتراجع الدور المهني لنقابة الصحافيين العراقيين. هاشم حسن التميمي: هدف التظاهرات إحداث تغيير حقيقي لسحب الثقة من الأحزابهاشم حسن التميمي: هدف التظاهرات إحداث تغيير حقيقي لسحب الثقة من الأحزاب واتهم الطبقجلي أغلب أجهزة الإعلام العراقية المقروءة والمرئية في العراق بانسياقها وراء المحاصصة الطائفية في نقل الخبر، وبأنها لم تتعامل معه بنحو دقيق وملتزم وأمين ينأى بنفسه عن التوجهات الحزبية والطائفية التي باتت تتحكم في عمل وتوجيهات قادة المؤسسات الصحافية ما انعكس سلبا على نوعية الأخبار والتقارير وكل التغطيات الإخبارية، منوها إلى أن الكثير من الصحف استدرجت أبناء الطائفة الواحدة والفصيل الواحد للعمل فيها حصرا إلا ما ندر، وخرجت تاليا أخبارها مغايرة للأمانة الصحافية والالتزام وحتى الدقة والموضوعية ولم تستكشف معاناة المواطن واحتياجاته وتمارس دورها كسلطة رابعة تتابع عمل الفاسدين والمزورين وسارقي المال العام، بل على العكس من ذلك وجدنا أن الإعلام الطائفي كان أول المدافعين عن الفاسدين والمزوّرين من الوزراء والمسؤولين والمحافظين من أتباعه والمصطف معه. ورأى عميد كلية الإعلام في جامعة بغداد هاشم حسن التميمي أن التظاهرات التي اجتاحت بغداد والمناطق الجنوبية والفرات الأوسط كانت حدث تغيير حقيقيا لسحب الثقة من الأحزاب المهيمنة على السلطة كلها من دون استثناء، وإعلان عن عدم قدرتها على إجراء أي إصلاح. ويقول التميمي إن ذلك تأكد من خلال العزوف عن المشاركة في الانتخابات النيابية ومقاطعة الأغلبية لها، والاعتقاد السائد أن العمل في نظام رئاسي متزن سيعود، بعد تعديل الدستور وإلغاء البرلمان ومجالس المحافظات ومحاكمة من خرب العراق واختلس المال العام، وأن المؤسسات والهيئات والمفوضيات جميعها ستلغى كونها بوابات فساد، كما ستلغى الامتيازات الاستثنائية كافة منذ 2003.
مشاركة :