مثقفون يتطلعون إلى وضع حد للتداخل في تنظيم الفعاليات بين هيئتي «الثقافة» و«الترفيه»

  • 7/19/2018
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

نظمت كل من الهيئة العامة للثقافة وهيئة الترفيه أخيراً فعاليات عدة، بيد أن تشابه الفعاليات وأحياناً طبيعتها ومدى ملاءمتها لنوعية النشاطات التي دأبت على تنيظمها إحدى هاتين الهيئتين، أثار تساؤلات ونقاشاً في أوساط المثقفين، الذين تحدثوا لـ «الحياة» حول ما بدا لهما أن تداخلاً في الأنشطة وتشابهاً لا يخدم التنوع وأيضاً التخصص، وبالتالي يفتح الباب على العشوائية والعمل غير المنضوي في سياق أو خطة محكمة. ومعظم المثقفين يعلمون أن كل مؤسسة ثقافية، نادياً أدبياً كان أو جمعية للثقافة والفنون، منوط بها تنظيم برامج وفعاليات لا تخرج عن نطاق ما أنشئت من أجله، وبالتالي هي كفيلة بإظهار البرامج أو الفعاليات، كما تراها، شكلاً ومضموناً. ويقول الكاتب محمد المنقري لـ «الحياة»: «هذه نتيجة متوقعة، فالمؤسسات الثقافية الآن تعمل بشكل عاطفي، وإدارتها فردية يحكمها الاجتهاد، فلا جهة منها تمتلك لوائح تنظيمية تحدد مفاهيمها، والأدوار المناطة بها، وحدود عملها والفئة المستهدفة، ولا تقدم خطتها مطلع العام، ولا تعرض تقريرها السنوي على الجمعية العمومية لأنها غير موجودة أصلاً، ولا نعرف مكتب المحاسبة المالية الذي يتولى مراجعة الدخل والمصروفات، وكل مسؤول عن هذه القطاعات يعمل وفق التساهيل»، مضيفاً أن الوزارة تختار القيادات وتعينهم، «وكثير منهم لا يمتلكون خبرة ثقافية أو إدارية، وتنتظر من الوزارة أن تقدم لها كل شيء على أطباق جاهزة، والأجدر أن يكونوا عوناً للوزارة على صياغة اللوائح التنظيمية التي تعطي هذه القطاعات المعنى المؤسسي بكل وضوح، وتستجيب لمطالب الفئات المستهدفة، وتنأى بنفسها عن المنافسات والتحديات غير الشريفة، المتمثلة في تكرار البرامج والفعاليات وتكرار النشاطات من دون إبداع». وفي ضوء كل ذلك، قال إنه لن يستغرب في هذه المرحلة، «أن يعلن نادٍ أدبي عن دورة تدريبية في صيانة المكيفات، ولا إعلان جمعية فنون عن محاضرة حول إعادة تدوير الورق، أو حملات السياحة إلى جزر بحر العرب فالصورة غير واضحة إلى بداية العمل الفعلي لوزارة الثقافة الجديدة التي يعلق عليها الجميع آمالاً كثيرة». بدوره، أوضح الدكتور سامي الجمعان أن «الخلط الحاصل في التخصصات دليل قاطع على الحال التي تعيشها ساحتنا الثقافية عامة، التي يلزمها شيء من التخطيط وإعادة البرمجة، ودليل على أن المؤسسات الثقافية غير واضحة المعالم، وغير محددة التوجهات، ما يؤدي حتماً إلى حالة اللاجودة»، راجياً ألا تشكل «هذه الهوجة البرامجية إساءة لساحتنا ولحركتنا الثقافية»، مبدياً أمله الكبير في الهيئة العامة للثقافة، «أن تكون السبيل إلى تنظيم العمل الثقافي، وتحديد التخصصات، لاعتقادـ في داخله «أن الحرص على التجويد لا يكون إلا بالحرص على تنظيم عمل المؤسسات وتعميق أدواره». في حين بيّن رئيس مركز أوان للدراسات والاستشارات الإعلامية خالد دراج، أننا نعيش منذ فترة «مرحلة إعادة هيكلة للعديد من الوزارات والقطاعات الحكومية»، مؤكداً ضروة هيكلة المحتوى الثقافي والأدبي والترفيهي «وحان الوقت لذلك، بعد أن أصبح التداخل واضحاً ومؤثراً في الكثير من الفعاليات والجهات المنظمة لها، وربما أَجِد أن الوقت الآن أصبح مناسباً أكثر من أي وقت مضى بعد الإعلان عن إنشاء وزارة للثقافة لأول مرة في تاريخ المملكة، ما يعني ويفترض في الوقت نفسه أن تشرف بشكل مباشر وغير مباشر على كل منشط وفعالية وحدث تتعلق بالشأن الثقافي والأدبي» لافتاً إلى أنه لم يعد مناسباً «أن تشرف هيئة السياحة والتراث الوطني على مهرجان ثقافي مثل سوق عكاظ، وتشترك معها جامعة الطائف في التنظيم، أو مهرجان مثل مهرجان الجنادرية والتراث الوطني ويشرف عليه الحرس الوطني على رغم نجاحه الكبير»، موضحاً أن هذا المهرجان بهيئته وتفاصيله أقرب إلى التراث «وبالتالي سيكون أقرب لهيئة السياحة، كذلك الأندية الأدبية وجمعيات الثقافة والفنون أصبحت تتداخل في مهماتها وأنشطتها، وتخرج عن إطار ما أنشئت من أجله. نحن الآن أمام أنشطة وأحداث ثقافية وأدبية وفعاليات ترفيه وحفلات غنائية وسينما متناثرة في أكثر من اتجاه ولأكثر من جهة، ونحتاج كما ذكرت إلى إعادة هيكلة للمحتوى، وعلى أساسها نهيكل القطاعات المعنية، ربما نصل في النهاية إلى دمج أو فصل أو استحداث لقطاعات، وربما تغيب معها جمعيات الثقافة والفنون أو تدمج مع الأندية الأدبية، أو ربما تستحدث مراكز للثقافة والفنون». ودعا دراج إلى عقد «ورش عمل متخصصة يشارك فيها متخصصون، يخرجون في النهاية بخريطة طريق ثقافية استشرافية شاملة». بينما لم يجد القاص طلق المرزوقي ضيراً في هذا الأمر، فالثقافة والفنون، كما يقول «تتداخل عادة وفي كل الثقافات». ويرى أن كلاً من جمعيات الثقافة والفنون والأندية الأدبية «استنفدت دورها التاريخي، وأضحت غير قادرة الآن على خدمة الثقافة بشكل جدي»، متمنياً أن «تعاد هيكلتها بطريقة تجعلها قادرة على أداء دور جديد غير الدور التقليدي، الذي ما عاد صالحاً الآن لهذه اللحظة التي يعاد فيها صياغة البلد وفق رؤية جديدة مغايرة عما سبقها». من جهتها، أشارت الكاتبة والروائية حسنة القرني الى توجه الأندية الأدبية وبعض فروع جمعيات الثقافة والفنون في المناطق في الفترة الأخيرة، إلى عقد شراكات في ما بينها، «بهدف إقامة فعاليات ثقافية وفنية مشتركة»، واصفة هذا الأمر بالصحي «وفي منتهى الإيجابية، ويهدف إلى تقديم فعالية متكاملة وعلى قدر جيد من التنوع، بغية تقديمها للجمهور بشكل نموذجي، وللاستفادة من جمهور كل منهما في الحضور». وقالت: «عن نفسي أدعم هذا التوجه وأطالب بتكراره عبر ضمهما معاً تحت مسمى مراكز ثقافية، أو بقائها كما هي، المهم النتيجة التي يقدمانها للجمهور»، مضيفة: «من هذا المنطلق لا أرى بأساً في تنظيم أي منهما فعالية يمكن إدراجها من ضمن اختصاص الجهة الأخرى، شريطة أن يكون التنفيذ كما ينبغي، بعيداً عن التهريج، فمن شأن ذلك خلق بيئة تنافسية في المنطقة الواحدة، على اعتبار أن بها نادياً أدبياً واحداً وفرعاً واحداً للجمعية». وذكرت أن «سبب كل ركود فقدان التنافسية، كما أن الثقافة فعل شامل يمكن للجهتين ممارسته كما تراه كل جهة وتوسع دائرته، وفي النهاية إمتاع وجذب الجمهور هو الأمر المهم هنا».

مشاركة :