يعتقد باحثون أنهم اكتشفوا دور بروتين متوافر في جسمنا قد يحدث ثورة في علاجات الكآبة التي تقود في معظم الحالات الحادة إلى الانتحار. من الطبيعي أن تشعر بالحزن أو الأسى بعد حوادث محددة، إلا أن الكآبة مختلفة، فهي تؤدي إلى مجموعة اضطرابات عاطفية وجسدية تحد من قدرتك على الحفاظ على دورك ونشاطك في العمل والمنزل. تشتمل أعراض هذه الاضطرابات على الشعور بحزن حاد فترات طويلة، وفقدان الاهتمام بالنشاطات اليومية، والصداع، والقلق، واضطرابات في النوم، وأرقاً. من الممكن علاج الكآبة، إلا أن من الضروري أن تستشير خبيراً متخصصاً بغية اختيار أفضل علاج استناداً إلى الأسباب، والأعراض، والتاريخ الطبي والعائلي، وعوامل ثقافية، وعوامل بيئية. طريقة جديدة يستند أكبر جزء من مضادات الكآبة إلى الاعتقاد بأن الكآبة تحدث بسبب مادتين كيماويتين يفتقر إليهما مَن يعانون الكآبة: السيروتونين والنورابينفرين. لذلك تهدف الأدوية إلى ضبط معدلات هذين النوعين من النواقل العصبية. تشير جمعية علم النفس الأميركية إلى أن 80% إلى 90% من المرضى يتفاعلون إيجاباً مع العلاجات. ولكن في بعض الحالات، تخفق الأدوية المتوافرة في الأسواق اليوم. لذلك يسعى الباحثون وراء طرائق جديدة لعلاج الكآبة. وتتناول دراسة أُجريت في جامعة هيروشيما في اليابان، ونُشرت في مجلة «علم الأعصاب»، سلوك البروتين RGS8 الذي تحمل شيفرته في حالة البشر الجينة RGS8. يضبط هذا البروتين مستقبلاً هرمونياً يُدعى MCHR1 يسهم في تنظيم النوم، والغذاء، والمزاج. وفي السنوات الماضية، اكتشف العلماء «أن RGS8 يبطل نشاط MCHR1 في الخلايا المزروعة». عمل RGS8 لدى الفئران أجرى الباحثون في جامعة هيروشيما تجربة على الفئران بغية تحديد ما إذا كان RGS8 يسبب سلوكاً اكتئابياً. خضعت الفئران أولاً لاختبار سباحة. وهكذا استطاع العلماء تحديد الفترة التي كانت فيها كل فأرة نشيطة، وحسمها من وقت الاختبار الإجمالي، ثم معرفة الفترة التي ظلت فيها الفأرة ساكنة. أظهرت النتائج أن «الفئران التي امتلكت كمية أكبر من RGS8 في جهازها العصبي ظلت ساكنة لفترة أقصر، مقارنةً بتلك التي تمتعت بكمية RGS8 طبيعية». عندما أُعطيت الفئران مضادات كآبة، قصرت فترة سكونها. ولكن عندما أخذت دواء يوقف نشاط MCHR1، لم يتأثر وقت السكون. تسلّط هذه الاكتشافات الجديدة الضوء على سبب محتمل إضافي للكآبة يبرز دور MCHR. بالإضافة إلى ذلك، تأمّل الفريق أدمغة الفئران تحت المجهر بغية تحديد العلاقة بين MCHR1 وRGS8 بخفص حجم الأهداب (وهي امتدادات شبيهة بالشعيرات تُرى بين خلايا معينة) في منطقة من الحصين تُدعى CA1 حيث كانت معدلات RGS8 الأعلى. أظهرت النتائج أن الفئران التي أُعطيت دواء يمنع MCHR1 من العمل تمتعت بأهداب أطول. وفي السنوات العشر الماضية، كشفت الدراسات التي تناولت دور الأهداب في الأمراض أن اختلال الأعصاب يرتبط بحالات صحية مثل السمنة وأمراض الكليتين والشبكية. على العلماء إجراء تجارب إضافية بغية تحديد دور الأهداب في الكآبة. لكن نتائج دراسة جامعة هيروشيما كشفت أن RGS8 يؤدي دوراً في تطوير السلوك الاكتئابي. لا شك في أن هذه الاكتشافات البالغة الأهمية تمهد الدرب إزاء تجارب مستقبلية تهدف إلى التوصل إلى أدوية جديدة لعلاج الكآبة.
مشاركة :