الكويت - تواجه السلطات الكويتية فضيحة كبرى تتعلّق بتزوير شهادات جامعية، لكنّها لن تكون من دون تداعيات سياسية، خصوصا وأنّ الحلقة الأساسية في عملية التزوير ليست سوى وافد مصري، ما سيجعل الأصوات التي نادت خلال السنوات الماضية بتقليص عدد الوافدين، متهمة إياهم بالمسؤولية عن عدّة ظواهر سلبية، تستند إلى هذه القضية لتكثيف ضغوطها على الحكومة. وينذر اكتشاف أضخم عملية تزوير لشهادات جامعية في الكويت بظهور فضائح عديدة، لكون المستفيدين منها أكثر من ألف شخص بعضهم من ذوي الشهرة والمكانة الاجتماعية. وتتصاعد دعوات برلمانية وأكاديمية إلى محاسبة جميع الضالعين، وسد الثغرات في آلية اعتماد الشهادات الجامعية. وأعلنت وزارة التعليم العالي في وقت سابق اكتشاف عدد كبير من الشهادات المزورة الصادرة من مصر لمختلف المراحل الجامعية، خلال الأشهر الماضية، وإلقاء القبض على مصري عامل بالوزارة متواطئ في الجريمة. ورغم أنها ليست المرة الأولى التي يُعلن فيها عن اكتشاف تزوير في الشهادات، يبدو أنها الأضخم في تاريخ الكويت، إذ أوردت وكالة الأناضول نقلا عن مصادر وصفتها بالمطلعة على القضية أن العدد يتراوح بين 400 و1000 وربما يزيد. وقالت وزارة التعليم العالي الكويتية، في بيان، إن تحقيقا بشأن الشهادات المزورة تم بالتعاون مع إدارة معادلة الشهادات العلمية بالوزارة والمكتب الثقافي المختص. وأضافت أن التحقيق أسفر عن تحويل العديد من أصحاب الشهادات المزورة إلى النيابة العامة، إضافة إلى سحب معادلة الشهادات الصادرة من الوزارة خلال الأشهر الماضية. وقال النائب الكويتي عبدالله فهاد إن “ملف الشهادات المزوّرة يحظى بمتابعة حثيثة من مجلس الأمة (البرلمان)، خاصة مع وجود تقرير رسمي معد من وزارتي التربية والتعليم العالي يتحدث عن ذلك”. اختبار للتأكد من سلامة معادلة 270 شهادة في اختصاصي الطب والهندسة تمكن من تجاوزه شخص واحد فقط ورأى أن الإعلان الأخير من وزارة التعليم العالي هو “بداية الخيط نحو القضاء على هذه الآفة الخطيرة”، فيما قال رئيس اللجنة التعليمية بالبرلمان، النائب عودة الرويعي، في تصريح صحافي “نعمل يدا بيد لمكافحة مثل هذه الأمور ومع كل من يسعى لمحاربة كل ما هو غير سليم وغير صحيح لتطوير التعليم”. وقالت مصادر مطلعة على القضية إن الوافد المصري تم تحويله من وظيفة رجل أمن في 2011 إلى موظّف طباعة يزود الحاسب الآلي ببيانات ويطبعها في إدارة المعادلات. وأضافت أنه اعترف في التحقيق باستلامه مبالغ مالية تتراوح بين ثلاثة آلاف وأربعة آلاف دينار (10 و12.9 ألف دولار) عن كل شهادة مزوّرة يساهم في توفيرها. وبحسب المصادر أدلى الوافد بأسماء تخص سماسرة يوفرون له الزبائن ويزودونه بالأوراق المطلوبة لفتح الملفات دون أن يلتقي بالراغبين في الحصول على شهادات. أكاديميا دعا أستاذ القانون الجزائي في جامعة الكويت فيصل الكندري، وزارة التعليم العالي إلى “اتخاذ إجراء وقائي مستقبلي قبل التصديق على الشهادات، وذلك بمخاطبة الجامعات العربية والأجنبية المعنية عن طريق المكاتب الثقافية للتأكد من إصدار الجامعات لتلك الشهادات”. وأضاف الكندري “إن لم يكن هناك شريك مع الوافد في جريمة تزوير الشهادات في وزارة التعليم العالي فهناك بلا شك مهمل ومقصر يجب محاسبته وتوقيع أشد العقاب عليه”. ودعا مجلس الوزراء إلى “اتخاذ قرار حازم بعدم السماح لغير الكويتيين باستعمال الأنظمة الآلية في الأجهزة الحكومية والدخول على المعلومات الخاصة والسرية”. وأحالت الحكومة في يوليو 2016، 270 مزوّرا لشهادات طب وهندسة يعمل أغلبهم في القطاع الخاص إلى النيابة العامة. وجاءت هذه الخطوة بعد أن أجرت اختبارا لمعادلة شهاداتهم والبتّ فيها لم يتقدّم إليه سوى مئة شخص لم ينجح من بينهم إلا واحد فقط.
مشاركة :