أصدرت الهيئة المصرية العامة للكتاب «النص السردي المتمرد.. دراسة نقدية في تحولات الرواية الجديدة» للدكتور محمد حسين أبو الحسن، ويستدعي هذا العنوان طرح أسئلة حول أنساق هذه التحولات ومرجعياتها، ومدى قدرتها على بلورة جماليات جديدة، لا سيما أن النقد العربي لم يواجه هذه الظاهرة الروائية بالدرجة الكافية، ولم يقم بدوره في فهم آلياتها ومعرفة جديدها وعلاقتها بالتراث الروائي العربي وغير العربي، ومن ثم تأتي الدراسة محاولة لتأمل تلك المدونة الروائية استجلاء لكوامن نصوصها، والنظر في مواضعاتها الفنية، مع اتساع فضاءات التخييل، سعيا وراء كشف قيمتها الجمالية وغير الجمالية، من دون تعسف أو تزيد أو افتئات.يوضح أبو الحسن أن هذه الدراسة ليست محاكمة لنصوص جيل التسعينات، إنما هي استقراء نقدي ينصت بشغف متعاطف إلى هذا المنجز الروائي، سعيا لاستكناه تحولاته ورؤاه الفنية والجمالية، إنها كتابات متمردة تعبر عن حساسية جديدة تحتاج إلى قراءة جديدة تمهد الطريق لاستيعابها وفهمها عبر ذائقة تنطوي على فهم مختلف للذات والعالم.ويشير الكاتب إلى أن جيل التسعينات يبصر القضايا الكبرى من منظور جديد يخلق إطارات فنية وجمالية تعمل على تكثيف الواقع وتجاوزه، من دون أن تكون نصوصهم انعكاسا أو اختزالا آليا له، منظور لا يرى الحدود الفاصلة أو المفترضة بين العام والخاص، ويركز على الذات والنظر إلى داخلها، وتفاصيل الحياة اليومية الصغيرة، وإلى الهامشي والمسكوت عنه، حتى صارت كتابة الرواية مغامرة لغوية تخييلية تنطوي على قدر كبير من الجرأة الجمالية والفكرية والتمرد شكلا ومضمونا على نحو يكاد يكون غير مسبوق.وتظهر كتابات التسعينات ولعا استثنائيا بالتجريب والتشظي والميتاسرد والذاتية وجماليات القبح والسخرية والشك والتناقض والمفارقة، وغيرها من التحولات الفنية، وكأنها بذلك تشير إلى أن الرواية التي عرفناها تدخل مرحلة جديدة لها ملامحها وسماتها الخاصة بتحولات فنية، أرادت أن تكون من خلالها قفزة نوعية في تاريخ الجنس الروائي.
مشاركة :