جدد شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب رفضه ربط الإرهاب بالأديان، مؤكداً أن «الإرهاب هو انحراف فكري ومرض نفسي وأن المسلمين كانوا ولا يزالون هم ضحاياه». وأشار إلى أنه «بعد هجمات 11 أيلول (سبتمبر) أصبح الإسلام الذي يدعو إلى السلام والإخاء الإنساني مصدراً للهواجس والهلوسات». وشدد شيخ الأزهر على أن الـ «إسلاموفوبيا» ظاهرة «متهافتة ومصنوعة»، داعياً إلى «التصدي للإرهاب وتحرير الأديان من قبضته بكل ما أوتينا من قوة». وانتقد نظريات سياسية مثل «صراع الحضارات» و «نهاية التاريخ»، داعياً الشباب إلى «حمل شعلة الحوار»، وإلى «التقاء الغرب والشرق على مصلحة واحدة إنسانية مشتركة». وألقى الطيب كلمة في حفل اختتام «منتدى شباب صناع السلام»، الذي عقدت فعالياته في لندن، بمشاركة 25 شاباً من أوروبا اختارتهم أسقفية «كانتربري»، و25 شاباً عربياً اختارهم الأزهر. وقال شيخ الأزهر: «أنا أنتمي إلى جيل يمكن تسميته بجيل ضحايا الحروب في الشرق العربي والإسلامي. هذا الجيل الذي مر عليه الآن أكثر من سبعين عاماً، سمع من أزير الطائرات الحربية، وأصوات تفجير القنابل وروائح البارود والغازات، ورأى من أنهار الدماء وأشلاء الضحايا، بأقوى وأشد مما سمع من أناشيد وموسيقى وأشعار، وبأكثر مما رأى من جماليات الفن وسمع من تغريد البلابل وهديل الحمام». وأضاف أن «العالم العربي والإسلامي لم يكد ينعم طويلاً بحياة الأمن والسلام التي تحياها بقية شعوب العالم في الشرق والغرب، حتى فقدنا السلام من جديد، ودخلنا في ما يُسمى حرب الإرهاب، وهي نوع من الحروب جديد لا يعرف الحدود، وله قدرة على أن يحمل الموت والدمار إلى ضحاياه في المنازل والشوارع والمتاجر والمدارس والمسارح والنوادي والتجمعات، حتى المصلين والمصليات تعقبتهم هجمات هذا الإرهاب الجديد». وأضاف: «مع هذا الرعب الجديد لم يعد أي آدمي في أي مكان على ظهر الأرض في الشرق كما في الغرب آمناً على نفسه ولا على أسرته، كان الأمل أن ينحسر هذا الإرهاب مع مطلع القرن الواحد والعشرين، وأن ينظر العالم المتحضر الراقي إلى هذا العبث بالأرواح والأجساد بحسبانه سلوكاً همجياً لا يليق بإنسان هذا القرن. لكن، خاب الأمل مع حادثة الحادي عشر من سبتمبر في مطلع هذا القرن، وسرعان ما تداعت المواقف المعقدة والنتائج الأكثر تعقيداً، والتي تمثلت في وضع الإسلام والمسلمين جميعاً في وضع المسؤول الأول والأخير عن هذا الإرهاب». وقال الطيب: أنتم هنا أدرى مني بظاهرة الـ «إسلاموفوبيا» التي لا أريد أن أتوقف عندها، ولكن أريد فقط أن أبين لكم تهافت هذه الظاهرة وأنها مصنوعة صنعاً لا تخفى على فطنة كثيرين، وأقول: إنه لو كان صحيحاً أن الإسلام هو دين الإرهاب؛ لكان من المحتم أن كل ضحاياه من غير المسلمين، ولكن الواقع يقول: إن المسلمين كانوا ولا يزالون هم ضحايا هذا الإرهاب، وهم المستهدفون بأسلحته وبطريقته البشعة في القتل وإزهاق الأرواح، والمسلمون هم من دفعوا ويدفعون الثمن غالياً. وشدد على أن «الإرهاب لا يعبر بالضرورة عن الدين الذي يقتل الناس تحت لافتته، بل الإرهاب هو الذي يرتهن الأديان ويخطفها بعد ما يقوم بعملية تدليس وتزوير وخيانة في تأويل نصوصها وتفسير معانيها، ليُنفِّذ بها جرائم حرمتها الأديان والكتب المقدسة التي يلوحون بها بإحدى اليدين بينما يعبثون بنصوصها باليد الأخرى». واعتبر أن «حضارتنا المعاصرة فقدت كثيراً مما تحتاجه الإنسانية في مسيرتها اليوم، بل أوشكت أن تصبح حضارة بلا معنى، حين أدارت ظهرها للهدي الإلهي». وقال شيخ الأزهر: «لست في حاجة إلى أن أذكركم بأن سحباً سوداء تلوح في الأفق اليوم بسبب تطبيق بعض النظريات السياسية المعاصرة، وفي مقدمها: «صراع الحضارات» و «نهاية التاريخ» و «العولمة» وغيرها من السياسات التي يهون عليها أن تستبدل أرواح الناس باقتصاديات السلاح، داعياً إلى «إعادة النظر في هذه السياسات، وتصحيح مسارها، لإنقاذ شعوب بأكملها تعاني من الموت والفقر والجهل والمرض واليأس وفقدان الأمل». وكرم شيخ الأزهر وكبير أساقفة كانتربري جاستن ويلبي المشاركين في «منتدى شباب صناع السلام». وكان الطيب وويبلي عقدا حواراً مفتوحاً مع المشاركين في المنتدى، الذي عقد على هامش الحوار بين الأزهر والكنيسة الإنغليكانية.
مشاركة :