قال الدكتور محمود عبد العزيز، في خطبته بجامع شاهين الكواري بمعيذر الشمالي، إن الرضا هو باب الله الأعظم وجنة الدنيا، ومستراح العابدين، وطريق السعداء الموقنين، في صحيح مسلم يقول عليه الصلاة والسلام: «ذاق طعم الإيمان مَن رَضِي بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد رسولاً».أضاف: «كيف لا نرضى ونحن نوقن بأن الله هو «الرحمن»، أرحم بعباده من الأم بولدها؟! كيف لا نرضى ونحن نوقن بأن الله هو «العليم»، يعلم ما يصلح عبده وما يضره، والعبد جاهل لا يرى إلا تحت قدميه؟! كيف لا نرضى ونحن نوقن بأن الله هو «اللطيف»، يَبتلي عباده بالمصائب؛ ليُطهرهم من الذنوب والمعائب؟! كيف لا نرضى ونحن نوقن بأن الله هو «الودود»، يتودَّد إلى عباده بنِعمه اللامحدودة: «وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا» [النحل: 18]. لاحِظ أنه قال: «نعمة»، ولم يقل: «نعم»؛ لأن كل نعمة محشوة بنعم لا تُعد ولا تحصى، حتى إن المحنة حَشوها نِعَمٌ كثيرة، فكيف لا نرضى؟! العبد ذو ضجرٍ والربُّ ذو قدرٍ * والدهرُ ذو دُولٍ والرِّزق مقسومُ والخير أجمعُ فيما اختار خالقُنا * وفي اختيار سواه اللوم والشومُ حقيقة الرضا وعرف عبد العزيز الرضا بأنه هو تَقَبُّل ما يقضي به الله من غير تردُّد ولا معارضة، وقيل: «الرضا هو سكون القلب تحت مجاري الأحكام، لماذا؟ لأن كل ما حصل لك أو عليك إنما هو بقدر الله؛ فلا تحزن على أمر فات، ولا تَخف مما هو آت. وحول الأمور التي يجب أن يرضى بها المسلم، أوضح الدكتور محمود عبد العزيز، أنها: 1 - ارضَ بالله رباً، رباً يلزمك أن ترضى بأوامره امتثالاً، وترضى بنواهيه اجتناباً، وترضى بأقداره المؤلمة، ترضى بكل نعمة ومصيبة، وكل منع وعطاء، وكل شدة ورخاء، ترضى إذا عافاك، ترضى إذا ابتلاك، ترضى إذا وضعك في السجن وحيداً فريداً، ترضى به إذا أغناك وحباك، ترضى به إذا أعدمك وأفقَرك. 2 - ارض بالإسلام ديناً، فما في الإسلام من حُكم أو أمر أو نهي، فإنك ترضى عنه تمام الرضا، وليس في نفسك أي حرج، وتسلِّم لذلك تسليماً، ولو خالف هواك، ولو كان أكثر الناس على خلافك، ولو كنت في غربة، ترضى بأحكام الدين، وتسعى لتنفيذها، وإن خالفت العالم. 3 - ارض بمحمد رسولاً، بأن يكون أولى بك من نفسك، فترضى بسُنته فتنشرها وتدافع عنها، ولا تتحاكم إلا إليها. 4 - ارض بما أنت عليه، ارض بصورتك وصوتك، ووضعك ومستواك ودخلك، ارض ببلدك وبيتك، ارض بما قسم الله لك من جسد وسكن ومال وعيال، وهذا هو منطق القرآن؛ يقول تعالى: «فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ» [الأعراف: 144]. السخط سلوك الأشقياء أوضح الدكتور محمود عبد العزيز أن الذي يرضى بقضاء الله وقدره فإن الله يملأ قلبه سعادة وسروراً ورضاً، أما الذي يتسخط ويعترض، وينظر إلى غيره، فإنه يعيش في شقاء لا يعلمه إلا الله؛ قال الله: «إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ» [القمر: 49]، ولفت إلى أن الآيات في القرآن كثيرة جدّاً دلَّت على أن الله تعالى قد قضى كل شيءٍ وقدَّره، وقال صلى الله عليه وسلم: «وارض بما قسَم الله لك تكن أغنى الناس»، رواه أحمد والترمذي، وحسَّنه الألباني. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله تعالى كتب مقادير الخلائق عنده قبل أن يَخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة» ، وقال : «المؤمن القوى خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير، احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تَعجز، وإن أصابك شيء، فلا تقل: لو أني فعلت كذا لكان كذا وكذا، ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل، فإن (لو) تفتح عمل الشيطان» رواه مسلم.;
مشاركة :