تخلى عن خصوصيتك واحصل على سيارة مجاناً

  • 7/22/2018
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

من شأن الجدل الدائر حول الخصوصية أن يجعل المستهلكين في حالة إرباك وتمزق بين خيارين سيئين: الانفصال عن العالم الافتراضي والحفاظ على سرية الهوية، أو التفاعل عبر الإنترنت والمجازفة بتعريض الهوية والبيانات المالية والسلامة الشخصية، وربما الديمقراطية، للخطر.يعتقد جون إيليس، وهو مستثمر في صناعة السيارات وخبير سابق للتكنولوجيا لدى شركة فورد موتور، أننا ربما قد أغفلنا خياراً ثالثاً. فهو يقول في كتابه المعنون بـ«ذي زيرو دولار كار» أنه ينبغي على المستهلكين التفكير في الخصوصية كمنتج. وبدلاً من إخفاء البيانات الشخصية الخاصة، كما يقول، يجب أن نتمكن من بيعها للشركات، واستخدام الأرباح في تخفيض أسعار السلع والخدمات التي تتغذى بدورها على المعلومات التي ننتجها بأنفسنا.ويرى إيليس أن أفضل طريقة للبدء في ذلك هي استخدام السيارات الحديثة، وهي الآلة التي تحولت من وسيلة عادية للنقل إلى حاسوب معقد يتحرك على عجلات، ويقدم وصولاً أكبر إلى العادات الشخصية والسلوكيات المعتادة بأكثر مما تفعل الهواتف المحمولة.ويمكن لسيارات اليوم، كما يقول الخبراء، تحديد مكان التسوق، وحالة الطقس في الشارع، ومرات ربط حزام المقعد في السيارة، وما الذي كنت تفعله قبل لحظات من الاصطدام، وحتى المكان المفضل لتناول الطعام، وما هو مقدار وزنك.وإن كانت شركات السيارات سوف تشرع في جمع هذه البيانات القيمة، كما يقول إيليس، ألا ينبغي عليهم أن يدفعوا مقابل الحصول عليها؟ ولقد تحدثنا مع إيليس لمعرفة المزيد عن كيفية استخدام الشركات للبيانات الشخصية، ولماذا مبادلة أو مقايضة هذه البيانات بالمال من شأنها أن تخفض وإلى حد كبير من أسعار السيارات، والأجهزة الملحقة، والتكنولوجيا. ولقد تم تعديل المقابلة الشخصية لأغراض الوضوح.> يبلغ متوسط تكلفة السيارة الجديدة أكثر من 33 ألف دولار. فإن كنا قادرين على بيع البيانات الشخصية إلى شركات السيارات، فما مقدار الانخفاض الحقيقي المتوقع في سعر السيارات؟ وهل الحد الصفري لسعر السيارة من الممكنات الحقيقية؟- أثبت في كتابي أن قيمة بيانات السيارات تصل إلى آلاف الدولارات. وبالنسبة للسيارة التي تعمل بمحرك الاحتراق، قد تكون هي الحالة الوحيدة التي لا نصل فيها إلى الحد الصفري من سعر الشراء، ولكن لا ضير في ذلك. إن الهبوط بسعر السيارة من 33 ألف إلى 25 ألف دولار لا يزال يشكل ممارسة ومناقشة جديرة بالاهتمام.ولكن كيف يكون الحال عندما لا تبتاع السيارة وتبتاع مجرد مقعد فيها، كما هو الحال مع شركات «أوبر» أو «ليفت»؟ وماذا لو أن قيمة بياناتك الشخصية تعني إمكانية حصولك على دعم كبير ينخفض بسعر رحلة الركوب إلى الحد الصفري؟ وهذا ممكن بكل تأكيد، وأكثر من محتمل الحدوث.وعندما تكون السيارة ذاتية التحكم؟ تصور أنك أحد عملاء سلسلة مقاهي «ستاربكس»، وتطلب قدحاً من القهوة من المنزل، وتأتيك القهوة عبر سيارة ذاتية القيادة، تلك التي تقلك مجاناً إلى عملك مقابل مجرد سعر القهوة التي اشتريتها، فإن تكلفة رحلة الركوب إلى العمل تكون مجانية تماماً (والسبب هو ولاؤك لستاربكس). هذا هو المستقبل الأكثر احتمالاً من غيره، وليس الحاضر الذي يشغل بالنا اليوم، إن أردنا «تصويب» سياسات البيانات والخصوصية لدى مختلف الشركات.> إحدى الأفكار الراديكالية التي تقترحها تتعلق بأنه ينبغي علينا التفكير حول خصوصيتنا باعتبارها منتجاً من المنتجات. والتعامل مع الخصوصية من هذا المنطلق وبشكل مختلف، كما تقول، يشكل تحدياً كبيراً للطبيعة البشرية، فما الذي تقصده من وراء هذه الفكرة، وأن تتحول خصوصيتنا إلى منتج من المنتجات؟- تصور أنه حين تتاح الفرصة للوصول إلى الحد الصفري للأسعار، تجدنا نقول لك: «كلا، شكراً لك. أريد أن أسدد الثمن بالكامل». لماذا يرغب أحدهم في فعل ذلك؟ إننا عن طريق الرفض الصريح نعلن أن بياناتنا الشخصية ليست للبيع، ونحن في جوهر الأمر نشتري الخصوصية، مما يعني أننا نُبرم اتفاقاً بشأن منتج «الخصوصية».والآن، تصور أننا نوسع تلك القاعدة لتشمل أياً من المنتجات التي تُعرض مجاناً. فماذا لو أنها عُرضت علينا بكامل قيمتها السعرية؟ إن العملاء الذين يختارون شراء المنتج بسعره الكامل يشترون معه الخصوصية أيضاً، ومن ثم فإن الخصوصية صارت منتجاً من المنتجات.وموقع «فيسبوك» من أفضل الأمثلة على ذلك. عندما شرعت في تأليف الكتاب عام 2017، كانت المفاهيم التي طرحتها في الكتاب بعيدة النظر لأقصى درجة ممكنة. ولقد اعترف مارك زوكربيرغ في الآونة الأخيرة بأنه إن رغب مستخدمو «فيسبوك» في الاحتفاظ بسرية وخصوصية بياناتهم الشخصية، فقد تفرض شركة «فيسبوك» مقابلاً مادياً عليهم لقاء استخدام الموقع وخدماته. وإن لم تكن ترغب في الخصوصية، فيمكنك الاستمرار في استخدام «فيسبوك» مجاناً.> إحدى أفضل اللحظات التي عايشتها من محاضراتك على «تيد توك» كانت تلك الفرضية التي يمنح فيها مشتري السيارة الجديدة فرصة لبيع 6 مجسات - جهاز تحديد المواقع، والأمطار، ومساحات الزجاج الأمامي، وحالة المصابيح الأمامية، والتحكم في الجر، ومقياس الضغط - إلى الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي. لماذا ترغب تلك الإدارة أو البلدية، أو حتى شركة من الشركات، أن تدفع لي النقود مقابل مجسات مساحات الزجاج الأمامي في سيارتي؟- حسناً، تعتبر الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي من الوكالات العلمية التابعة لوزارة التجارة الأميركية التي تراقب الأحوال الجوية، بما في ذلك تنبؤات العواصف الشديدة، مثل الأعاصير والرياح العاتية والعواصف الثلجية.وإن حصلت تلك الإدارة على حق الوصول إلى بيانات السيارة، مثل المجسات الستة المذكورة آنفاً، فسوف تحصل تبعاً لذلك على تقارير دقيقة وحديثة عن أحوال الطقس من كل السيارات على الطرق في كل منطقة من مناطق البلاد. وبدلاً من السعي وراء التمويل الفيدرالي لبناء محطة الأرصاد الجوية الجديدة، لماذا لا تبتاع الإدارة تلك البيانات من أصحاب السيارات على الطرق؟ومع نمو استخدام مجسات السيارات التي تخلق كل أنواع البيانات المطلوبة، تدرك شركات التكنولوجيا أن كل شيء - من الرسائل الواردة والمعلومات المجمعة مما يقوله السائقون عبر ميكروفونات السيارات حول الطقس، والطرق التي يسلكونها، وأحوال تلك الطرق - يمكن بيع هذه البيانات إلى الشركات الخاصة والمرافق العامة، على سبيل المثال.وبالنسبة إلى شركة تكنولوجية عملاقة مثل «غوغل»، التي يمكنها جمع وتحليل ومعالجة البيانات، فإن هذه المجسات، عند دمجها مع الموقع، والنيات والتفضيلات، تتزايد قيمتها لدى الشركة بصورة لا مثيل لها. وهذا يفسر وجود استراتيجية للسيارات لدى شركة «غوغل».> هناك أكثر من 100 مجس في السيارات الحديثة تولد كميات هائلة من البيانات. فهل ينبغي أن يشعر السائقون بالقلق من المعلومات التي تجمعها مثل هذه المجسات؟- توجد كل المجسات في السيارة الحديثة بسبب الاعتبارات الدقيقة لدى مهندسي السيارات الذين يرغبون في تحسين سلامة السيارات، وإدارة الانبعاثات الكربونية منها، وتوصيل الركاب بالسلامة إلى وجهاتهم. وفي أي وقت من الأوقات كان المهندسون يحاولون معرفة كيفية استثمار بيانات المجسات، ولكن هناك آخرون يريدون الحصول فعلا على هذه البيانات، وتتسارع شركات التكنولوجيا للوصول إلى سيارتك، والحصول على هذه البيانات. والسيارة، في واقع الأمر، هي أكثر ملائمة لشركات التكنولوجيا من الهواتف الذكية.> نعلم قدر وأهمية بيانات السيارات، وأنها في قيمة، أو ربما أفضل من قيمة، بيانات الهواتف الذكية، فما هي الأمثلة على كيفية استخدام شركات التكنولوجيا للسيارات كقناة موصلة للزبائن؟- صممت شركة «غوغل» و«آبل» تطبيقات «أندرويد أوتو»، و«آبل كار بلاي» بهدف توسيع قاعدة الخدمات لتشمل السيارات، ويحصلون في المقابل على البيانات الخاصة بالموسيقى المفضلة لدى السائق، وسلوكياته وتفضيلاته في أثناء الانتقال أو القيادة على الطريق، وبيانات الصوت، وبيانات الموقع التي تساعد في تسجيل عدد لا نهائي من الإحصائيات حول السائق بهدف بيعها مرة أخرى إلى الجهات الإعلانية المختلفة بغية عرض الإعلانات المناسبة في اللحظة المناسبة بالضبط.والسيارة مثيرة لاهتمام الشركات بسبب وجودك بداخلها، واستخدامك للسيارة يؤكد على ثبات بعض السلوكيات والتفضيلات المعينة بشأنك. وتولد مجسات السيارات البيانات التي تكشف عن الموقع والتحركات والوجهة، والمتاجر التي تزورها، والسرعة التي تتحرك بها، والطرق التي تسلكها، والناس الذين تتقابل معهم. وهذه البيانات كافة ذات قيمة لا تصدق بالنسبة للشركات التي تشتري وتبيع الإعلانات. والوصول إلى هذه البيانات من الأهمية بمكان لشركة «غوغل»، عندما يتعلق الأمر بالتميز عن الشركات الأخرى، وذلك عن طريق مساعدة الجهات المعلنة على تقديم الإعلان المناسب إلى الشخص المناسب في الوقت المناسب.وبعيداً عن شركتي «غوغل» و«آبل»، هناك شركات التكنولوجيا الأخرى، مثل «فويوموتيف» و«موجيو» و«زيندرايف»، التي تعمل على تطوير الحلول الرامية للوصول إلى البيانات الغنية للسيارات، ثم بناء المزيد من الحلول ذات الصلة بالتأمين والإعلانات وملكية السيارة وخدمات الصيانة.> هل هناك تنظيم لعملية جمع البيانات حول السيارات لدى شركة «غوغل»؟- تتغير القواعد المعنية بجمع واستخدام البيانات، ويتعين على الشركات الأوروبية اتباع «اللوائح العامة لحماية البيانات»، والإفصاح عن كيفية استخدام الشركات للبيانات الشخصية، ومنح المواطنين الأوروبيين الحق في نسيان بياناتهم عن طريق حذف كل البيانات الشخصية الخاصة بهم من على شبكة الإنترنت.وفي مايو (أيار) الماضي، نجح الناخبون في ولاية كاليفورنيا من خلال التماس في طرح قانون خصوصية المستهلك في كاليفورنيا للاقتراع في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل - وهو الإجراء الذي قد يسمح لمواطني الولاية بالاطلاع على البيانات المجمعة عنهم، ومنحهم الحق في وقف الشركات من بيع تلك البيانات، ومساءلة الشركات عن اختراق تلك البيانات كذلك.وتجدر الإشارة إلى أن هذا الأمر لا يتعلق بشركة «غوغل» فقط، فإن حالة اختراق «إكويفاكس» لعام 2017 أظهرت اختراق بيانات أكثر من 143 مليون شخص، ومقدار البيانات التي تم جمعها عنهم، ومدى ضآلة الجهود المبذولة لوقف مثل هذه العمليات، إن وجدت.- خدمة «واشنطن بوست»خاص بـ {الشرق الأوسط}

مشاركة :