قررت وزارة الأوقاف المصرية (المسؤولة عن المساجد)، إيلاء ملف «تنظيم النسل» عناية فائقة، وذلك عقب إبداء حكومة الدكتور مصطفى مدبولي اهتمامها به في ظل صلته الوثيقة بملف التنمية. وفيما أكدت الحكومة في وقت سابق تضافر وزاراتها كافة لتفعيل خطتها بتحديده، أطلقت الأوقاف النشاطات الأولى حولها. ويعد دور الأوقاف محورياً في القضية، خصوصاً في ظل معتقدات دينية خاطئة راسخة لدى البعض حول تحريم «تحديد النسل»، وعبارات شعبية متداولة تعبر عن تلك الثقافة تربط سعة الرزق بعدد الأبناء، ومنها مقولة أن «المولود يأتي برزقه». وأعلنت وزارة الأوقاف المصرية في بيان أمس، أن خطبة الجمعة المقبل ستتمحور حول «الضوابط الشرعية للإنجاب وحق الطفل في الرعاية التامة والنشأة الكريمة»، وذلك في إطار خطتها الدعوية الرامية إلى تناول القضايا العصرية برؤى مستنيرة واعية. وتحاول الوزارة مواجهة الفكرة الراسخة حول علاقة الرزق بالإنجاب، خصوصاً في ظل ارتفاع نسب عمالة الأطفال، كما تسعى الوزارة إلى التشديد على أن توفير حياة كريمة للطفل هو المسألة الدينية، وليس إنجابه لمواجهة العمل المبكر أو التسرب. وأفاد وزير الأوقاف المصري الدكتور محمد مختار جمعة وفق البيان، بأن «حق الطفل في الرعاية التامة والنشأة الكريمة يعد أحد أهم مؤسسات القول بضرورة تنظيم النسل». وأشار إلى أن «الأمر تجاوز القول بالحل إلى القول بأن تنظيم النسل يعد ضرورة ملحّة لمصلحة الطفل والأسرة والمجتمع. يأتي ذلك غداة اختتام وزارة الأوقاف دورة تدريبية لأئمة المساجد، لتوعيتهم بقضية تحديد النسل بمشاركة وزارة الصحة. وقال جمعة خلال افتتاح الدورة في «مسجد النور» في وسط القاهرة قبل أيام، إن «حجم الزيادة السكانية يقدر بنحو 2.5 مليون طفل سنوياً، ما يستلزم بناء 2500 مدرسة سنوياً وتوفير 50 ألف معلم جديد كحد أدنى، وكذلك 3 جامعات جديدة لاستيعاب تلك الزيادة، وهو أمر غاية في الصعوبة في ظل الأوضاع الحالية». وكانت وزيرة الصحة الدكتورة هالة زايد، أكدت خلال مشاركتها في الندوة، «اهتمام الدولة بقضية الزيادة السكانية، عبر خطة تهدف إلى خفض معدلات الزيادة، وتحسين الخصائص السكانية للمواطنين، وذلك بالشراكة بين وزارتها والوزارات والهيئات المعنية كافة، وذلك عبر توفير وسائل تنظيم الأسرة، سواء من خلال الوحدات الصحية أو القوافل الطبية التي تجوب محافظات الجمهورية». وشددت وزيرة الصحة على أهمية واستراتيجية دور وزارة الأوقاف في تحفيز الأسر وإقناعهم بطلب وسائل تنظيم الأسرة. وأشاد الأمين العام لـ «الائتلاف المصري لحقوق الطفل» هاني هلال، بأهمية دور وزارة الأوقاف ومؤسسة الأزهر وكل المؤسسات الدينية في تلك القضية التي تعد «أمناً قومياً»، وقال لـ «الحياة»: عادة ما يلعب المشايخ أدواراً سلبية في قضية تحديد النسل، خصوصاً في القرى، في ظل احتفاظ بعضهم بفكر يحرم تنظيمه، ومن ثم ينقله إلى المواطنين». وأكد أن «العمل في هذه القضية يجب أن يبدأ بتصحيح مفاهيم هؤلاء بالتزامن مع حملات التوعية الواسعة من قبل الحكومة». وكان رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، حذّر من «خطورة استمرار الزيادة السكانية» خلال تلاوته بيان حكومته لنيل ثقة البرلمان في تموز (يوليو) الجاري، وقال: «لن يشعر المواطن بثمار النمو إذا استمرت معدلات الزيادة السكانية في شكلها الحالي».
مشاركة :