المتاجرة بالدم.. والعقاب المُنتظَر محمد الثبيتي المتاجرة بالدم.. والعقاب المُنتظَر Zaer21@gmail.com ابتُلي مُجتمعنا في الآونة الأخيرة بسلوكيات خارجة عن طبيعته المألوفة التي لا تتفق مع أي شريعة سماوية أو فريعة وضعية ؛ حيث تزاحم أصحاب الدم وأوصياؤه على المتاجرة بدم من هم تحت ولايتهم فأصبحت الممارسة أشبه ما تكون بالمزايدة في سوق تداول لا تحكمه قيم بقدر ما يرتهن لجشع دنيوي تأباه النفس الأبيِّة وتخضع له ربيبتها الواقعة تحت نِير القتل أو الدفع الإجباري . لقد وصل السيل الزُّبى من الطلبات التعجيزية لأهل الدم عند رغبة أهل القاتل في العفو، حتى وصل التجييش جميع أبناء القبيلة كافة، وضُرِب له مواعيد للاجتماعات في أماكن عامة يُصاحبها تدبيجٌ في الخطب الرنانة والقصائد المسبوكة التي تُذكِّر بالأمجاد التليدة والمواقف العظيمة -وحاشا لله أن يكون سابق ما يتحدثون عنه مماثلاً لواقعهم الأليم- ناهيكم عن توظيف وسائل التواصل الاجتماعي كوسيلة حديثة تُسهّل من عملية الانتشار ليكسبوا أرقاماً أكثر في رحلة عشرات المليونات التي أبى أهل الدم إلاّ دفعها إضافة إلى بعض الشروط المرتبطة ببقاء القاتل في منطقته من عدمه وتجريده من ممتلكاته فيها. والمُضحك المُبكي في هذه العملية غير الأخلاقية هو دخول السماسرة بين طرفي المُعادلة -لا لوجه الله ورغبة في كسب الأجر كما يدعّون- بل للحصول على نسبة يُتفق عليها مُسبقاً في حال قدرة هؤلاء الجهابذة على «طرح رؤوس» أهل الدم ، ولكم أن تتخيلوا النِّسَب التي يسيل لها لُعاب أولئك في ظل وصول مبلغ الدية المطلوب الى 70 مليوناً وهو أعلى رقم وصلنا إليه -على حد علمي-. هذا العبث الذي يُسيء لنا كمسلمين ولديننا العظيم الذي تميّز بالسماحة حتى عدّها ابن عاشور رأس الإسلام، دفع القيادة السياسية إلى إصدار أمرٍ سامٍ يقضي بتحديد مبالغ الديات بحيث لا تتجاوز 500 ألف ريال؛ على اعتبار أن مبالغ الديات مكلفة ومرهقة لأفراد القبائل ولا تتفق مع أي مبدأ قانوني أو شرعي. والسؤال الذي يطرح نفسه في هذا السياق وستكشفه الأيام القادمة : هل سيُمْتَثَل لهذا التوجيه السامي، أم سيتغلّب منطق «الحق الخاص»؟ ويبقى مارثون المزايدات مستمراً حتى يقفز حاجز الـ 100 مليون، ونحن لا حول لنا ولا قوة سوى الدفع الإجباري تحت ذريعة المحافظة على سمعة القبيلة وليس الأجر المُحتسَب!!.
مشاركة :