من الواضح أن جهودنا المبذولة لهزيمة «داعش» غير كافية، ولن تجدي الإجراءات المنقوصة نفعا أمام الخطر المتنامي للإسلاميين المتشددين الذين يعملون على توحيد صفوف الجماعات الإرهابية المتشرذمة في أنحاء العالم تحت لواء واحد. على مدى الأشهر الـ6 الماضية، وفي ظل عمل إدارة أوباما على وضع استراتيجية لهزيمة التنظيم، لم تفتر همة أعدائنا. ويتمدد «داعش» الآن من شمال أفريقيا وعبر الشرق الأوسط وباكستان وجنوب آسيا باتجاه جنوب شرقي آسيا. وأصبحت ليبيا، في ظل غياب سيطرة الحكومة ووجود مخزون ضخم من الأسلحة، ملجأ آمنا خطيرا للإرهابيين. وناقشت لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ خلال الأسبوع الحالي أمر التصريح باستخدام القوة العسكرية في محاربة «داعش»، لكن بدلا من منح الرئيس ما يريده من أجل الانتصار في هذا الصراع، يبدو أن تركيز الكثيرين في مجلس الشيوخ ينصبّ على إخباره بما لا ينبغي أن يفعله. إنهم يرون أننا بحاجة إلى وضع شروط على نوعية القوة التي يمكن استخدامها أو تحديد جدول زمني لتحقيق النصر. مع ذلك يتزايد الخطر يوما بعد يوم، ففضلا عن الأميركيين الذين تم ذبحهم بوحشية على أيدي عناصر داعش، يعمل التنظيم على تنمية قدرته على استهداف المدنيين في هجمات فردية في أوروبا والولايات المتحدة. ويثير انتشار التنظيم المستمر في أنحاء الشرق الأوسط القلق، لذا فمن الضروري أن تتعاون الولايات المتحدة مع شركائنا الأوروبيين والعرب من أجل التصدي لهذا الخطر قبل أن يتنامى. ورغم أن خطوط المواجهة حاليا توجد في العراق وسوريا، فإن داعش يستغل مساحات شاسعة خارج السيطرة في ليبيا وفي مناطق أخرى في شمال أفريقيا في تنظيم تدريبات، وتعزيز صفوفه. وبمجرد بسط «داعش» لسيطرته على مدينة أو منطقة مثل درنة في ليبيا، يعلنها منطقة تابعة للخلافة، ثم ينشئ محكمة إسلامية وقوات شرطة وإدارة للحكم. وتكثر المؤتمرات الجماهيرية التي يقيمها التنظيم والتي من المفترض أن يعلن السكان المحليون فيها دعمهم للتنظيم ويتطوعوا للقتال في سوريا. ورغم كل المؤتمرات المتعلقة بالتحالف الدولي وخطابات المسؤولين الأميركيين، فإنه لا تزال هناك ثغرات كبيرة في استراتيجية الإدارة الأميركية؛ فعلى سبيل المثال يجب أن تشمل أي محاولات ناجحة في مواجهة «داعش» خطة لعزل حاكم سوريا المستبد بشار الأسد من الحكم، حيث لم يعد من الممكن تحمّل السماح للنظام السوري بالاستفادة من الضربات الجوية الأميركية الموجهة ضد تنظيم داعش. وينبغي على الولايات المتحدة والشركاء في التحالف الدولي المسارعة إلى عمل منطقة آمنة على طول الحدود مع تركيا والبدء في فرض منطقة حظر جوي على القوات الجوية للأسد في بعض المناطق في البلاد. كذلك يجب زيادة جهودنا في التعامل مع الاضطرابات التي تشهدها ليبيا قبل أن يضرب الفراغ بجذوره كما حدث في سوريا، وتتضاءل الخيارات المتاحة أمامنا. من أجل هذا، على الولايات المتحدة زيادة عمليات مكافحة الإرهاب في المناطق التي يتنامى فيها نفوذ «داعش» أو تلك التي يحاول أن يرسخ فيها وجوده. يجب على الولايات المتحدة أن تتحرك سريعا وتضغط بقوة أكبر على الأسد، وإلا فستعرض التحالف الدولي لخطر الانهيار. لقد آن لأعضاء الكونغرس أن يضمنوا تمتع الرئيس بالمرونة اللازمة للحفاظ على أمن أميركا، لا أن يكبلوا يديه بالمزيد من القيود؛ فالنجاح في هذه المعركة وأمن الأميركيين وأمانهم على المحك.
مشاركة :