تأثير محدود في دول الخليج «في المدى القصير»

  • 7/23/2018
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

يترقّب العالم بحذر ما ستؤول إليه تطورات الحرب التجارية الأكبر في التاريخ، بين الولايات المتحدة من جهة، والصين والاتحاد الأوروبي واليابان وغيرها من جهة أخرى، وذلك بعدما فرضت هذه الأطراف رسوماً جمركية متبادلة على الواردات، تحديداً الألومنيوم والصلب، وهدّدت بفرض رسوم إضافية على سلع أخرى قريباً. وسيدفع استمرار هذه الإجراءات والإجراءات المضادة واتساعها، باتجاه تقويض أسس حرية التجارة والعولمة، ما سيؤدي إلى نتائج كارثية على الاقتصاد العالمي. وتُجمع آراء المحللين والخبراء على أن تأثير الحرب الجارية في الاقتصادات الخليجية سيكون محدوداً على المدى القصير، ولكن سيشتد في حال طالت الحرب وتفاقمت. ومن أبزر أسباب بقاء الاقتصادات الخليجية بمنأى عن تداعيات هذه الحرب حالياً، حجم التجارة المتدني مع الولايات المتحدة، إذ تذهب النسبة الأكبر من الصادرات الخليجية إلى الاتحاد الأوروبي وشرق وجنوب شرق آسيا، وتحديداً اليابان والصين وكوريا الجنوبية وماليزيا وغيرها. وبلغت قيمة التبادل التجاري بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة عام 2017 نحو 36 بليون دولار، وبين دولة الإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة 24.3 بليون دولار، فيما لا تتجاوز الصادرات الخليجية إلى الولايات المتحدة 5 في المئة من الإجمالي. وأكد الخبير الاقتصادي خالد الوزني لـ»الحياة» أن «دول الخليج عموماً، والإمارات خصوصاً، لن تتأثر سلباً بهذه الحرب بل على عكس قد تستفيد، إذ ستشكل وجهة للصادرات الصينية المختلفة، ومركزاً لوجيستياً لنقل هذه الصادرات إلى أسواق جديدة، منها السوق الأوروبية والأفريقية». وأضاف: «استمرار الحرب سيدفع الشركات الصينية إلى البحث عن وجهة لاستثماراتها التي تستهدف فتح أسواق جديدة، وعلى الأرجح ستكون دول الخليج الوجهة الأبرز». وعلى المدى القصير أيضاً، قد تستفيد المملكة العربية السعودية ودول الخليج من الحرب، إذ ستتجنب الصين شحنات النفط من الولايات المتحدة، ما يعني ارتفاع الطلب على الشحنات السعودية، التي بلغت 970 ألف طن منذ مطلع العام الحالي، مقارنة بـ1.08 مليون طن عام 2017 بأكمله، وفق تقرير لوكالة «بلومبيرغ». وأوضح الوزني أن «أسعار النفط العالمية لن تتراجع، بل قد ترتفع، على اعتبار أن النفط ليس سلعة مرنة، وليس من السهل إيجاد بدائل لها». واستبعد استمرار الحرب فترة طويلة، على اعتبار أن «هذه الإجراءات ستُضعف القدرة الشرائية للمستهلك الأميركي، ما سيُضعف النمو ويؤدي إلى خسارة آلاف الوظائف في الولايات المتحدة، وكل ذلك سيدفع الإدارة الأميركية إلى إعادة النظر لجهة خفض نسبة الرسوم أو إلغائها». ويراوح إنتاج الدول الخليجية من الألومنيوم بين 4 و5 ملايين طن سنوياً، معظمه في الإمارات وعُمان والبحرين. وفي هذا السياق، قلّلت شركات إماراتية عاملة في صناعات الألومنيوم والحديد، من تأثير القرار الأميركي فرض رسوم على الواردات، في حال اتخاذه، إذ توجد أسواق أخرى يتم التصدير إليها مثل السوق الأوروبية. وأشارت إلى أن تأثير القرار على مستويات العرض والطلب لن تتبلور بوضوح إلا مع مرور الوقت. وأعلنت شركة «صحار ألمنيوم» العمانية، وهي من أكبر منتجي الألمنيوم في الشرق الأوسط، أنها لن تتأثر في شكل مباشر بالرسوم، لأنها حالياً لا تصدّر خام الألمنيوم إلى الولايات المتحدة، ولكن التأثير سيكون في الأسواق الإقليمية التي تنشط بها الشركة. تأثيرات سلبية في المدى الطويل لا يبدو ترامب من الأشخاص الذين يتراجعون بسهولة عن قراراتهم، حتى وإن كانت خاطئة، بينما لا يملك الاتحاد الأوروبي والصين ودول أخرى، خياراً سوى الردّ بإجراءات مماثلة لتلك الأميركية وفرض رسوم جمركية مضادة. ولذلك، اعتبر خبراء أن استمرار هذه الحرب التجارية لفترة غير قصيرة، سيُضرّ بالنمو الاقتصادي العالمي نتيجة تقلّص التجارة العالمية. وعندها، قد يبدأ الأثر السلبي بالظهور في اقتصادات الخليج، إذ إن تقلّص التجارة العالمية سيؤدي إلى تراجع الطلب على النفط، الذي يشكّل مصدر الدخل الرئيس لدول المنطقة. ويأتي ذلك في وقت يسعى ترامب جاهداً إلى جعل الولايات المتحدة من أبرز الدول المصدّرة للنفط عبر من خلال استخراج النفط الصخري. وإضافة إلى ذلك، ونتيجة ارتفاع التضخم بسبب الرسوم الجمركية، قد يتجه مجلس الاحتياط الفيديرالي (المركزي الأميركي) إلى رفع أسعار الفائدة، ما قد يدفع دول الخليج، التي تربط عملاتها بالدولار، إلى خطوة مماثلة، وبالتالي رفع كلفة التمويل على الشركات والأفراد، وزيادة أسعار السلع والخدمات. ويُذكر هنا أن ترامب انتقد أخيراً سياسة مجلس الاحتياط الاتحادي الرامية إلى زيادة الفائدة، معتبراً أنها تحدّ من «الميزة التنافسية الكبيرة» للولايات المتحدة. وأبدى في تغريدات على «تويتر» أسفه إزاء قوة الدولار، واتهم الاتحاد الأوروبي والصين بالتلاعب بعملتيهما. ومع ارتفاع التضخم وأسعار الفائدة، يُحجم المستهلك عن الإنفاق، أو يتجه نحو شراء المنتج المستورد الرخيص الثمن ويتجنب المنتج المحلي الغالي الثمن، ما سيؤدي إلى تباطؤ السوق وتراجع الأرباح والوظائف.

مشاركة :