عدن- وكالات: تتقاسم السعودية والإمارات النفوذ في محافظة حضرموت، بعد تكشف حقيقة أهداف التدخل في البلاد التي تشهد صراعاً مسلحاً منذ أكثر من ثلاثة أعوام نتجت عنه واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم. وتعد حضرموت كبرى محافظات اليمن إذ تمثل أكثر من ثلث مساحة البلاد (36%)، وتمتلك شريطاً ساحلياً طوله 450 كم، ونصف حدود اليمن مع السعودية، فضلاً عن ثروة نفطية ومعدنية وسمكية. ويتكون ساحل وهضبة حضرموت من 12 مديرية تعتبر مسرحا للنفوذ الإماراتي منذ أبريل 2016، عقب انسحاب مسلحي تنظيم القاعدة من مدينة المكلا مركز المحافظة والمديريات المجاورة لها، بعد أن ظل مسيطراً عليها لمدة عام واحد. وتحتل هذه المنطقة من حضرموت أهمية كبيرة، حيث توجد فيها أغلب الشركات النفطية العاملة في المحافظة، ومطار الريان الدولي وشريط ساحلي يضم ميناءي المكلا والشحر فضلاً عن ميناء الضبة النفطي. ويقول مصدر عسكري رفيع في حضرموت - للجزيرة نت - إن الإمارات «تُعد الحاكم الفعلي لهذه المنطقة، عبر تدخلاتها الفجة في عمل السلطة المحلية والمؤسسات الحكومية، خصوصاً الأمنية والعسكرية». ويضيف «تعتقل الإمارات -عبر قوات النخبة الحضرمية المدعومة منها- المواطنين من دون علم الجهات المختصة، وقد أنشأت سجوناً تحت إدارتها زجت فيها بالعشرات، والكثير منهم بتهم كيدية، بالتزامن مع تعطيل مؤسسة القضاء». وتعطل الإمارات المصالح العامة، بحسب المصدر، كإغلاق البحر أمام صيادي منطقة شحير بمدينة غيل باوزير، وسد طرقات تمثل حاجة ماسة للسكان مثل إغلاق طريق الضبة الرابط بين مدينتي المكلا والشحر عقب تحويل أبوظبي ميناء الضبة النفطي إلى منطقة عسكرية مغلقة. ويضيف المصدر أن الإمارات تواصل تعطيل مطار الريان الدولي رغم مرور أكثر من عامين على انتهاء سيطرة تنظيم القاعدة عليه، وقد حولت ذلك المرفق الحيوي الخدمي إلى سجن ومقر لقواتها. وتنتشر في ساحل وهضبة حضرموت قوات النخبة الحضرمية التي أسستها وتدفع رواتبها الإمارات، إضافة إلى قوات أخرى ضمن المنطقة العسكرية الثانية تحظى بدعم أقل لكنها واقعة تحت تأثير أبوظبي. وتتكون مديريات وادي وصحراء حضرموت -ذات النفوذ السعودي- من 16 مديرية، يوجد فيها مطار سيئون الدولي المنفذ الجوي الأول منذ اندلاع الحرب، إضافة إلى شركات نفطية. وتكتسب هذه المنطقة أهمية لدى السعودية في أنها تغطي نصف مساحة الشريط الحدودي بينها وبين اليمن، مع وجود ميناء الوديعة البري الشريان الوحيد بين اليمن والمملكة منذ أكثر من ثلاثة أعوام. وبدأ الوجود العسكري للسعودية في هذه المنطقة في مقر المنطقة العسكرية الأولى بمدينة سيئون، ثاني أكبر مدينة في حضرموت، بالتزامن مع الوجود الإماراتي بالمكلا. وكشف مصدر عسكري رفيع للجزيرة نت أن النفوذ السعودي في وادي حضرموت وصحرائها تركز في عمليات تجنيد سري لعناصر تعمل لصالح مخابرات الرياض، مبيناً أن ذلك يشكل خطراً مستقبلياً على الأمن القومي للدولة اليمنية، وذكر أن السعودية قامت مؤخراً بعمليات تجنيد على أسس قبلية عبر مشايخ قبليين بعضهم من أصول يمنية ويحمل الجنسية السعودية.وأوضح أن عمليات التجنيد هذه التي يتقاضى المجندون فيها 1500 ريال سعودي شهرياً، تتم دون أي تنسيق مع الشرعية، وبحجة حراسة الحدود. وتفرض السعودية في هذه المنطقة قيوداً على دخول بعض أنواع الحديد والمواد مثل الأسمدة والتنر. وتغض السعودية الطرف عن الحملات الإعلامية التي تتبناها مواقع وإعلاميون مدعومون من الإمارات تجاه قوات المنطقة العسكرية الأولى المنتشرة بوادي وصحراء حضرموت، والتي لا تزال تحتفظ بقواتها ضمن الجيش الوطني وتقدم ولاءها للشرعية. ويرى الباحث في الشأن الخليجي والسياسة الإيرانية عدنان هاشم، أن تقاسم المحافظات الجنوبية - وحضرموت بشكل خاص - بين الإمارات والسعودية، دافعه محاولة السيطرة على مستقبل المنطقة. وأرجع في تصريح للجزيرة نت ذلك إلى أن المحافظات الجنوبية تمثل نقطة ارتباط بالقرن الإفريقي، مما يجعل الوجود في اليمن ضرورة للوصول والتأثير في القرن الإفريقي. ويعتقد أن الوجود الإماراتي في حضرموت يثير مخاوف سعودية من استخدامها من قبل أبوظبي في التأثير على الأمن القومي للمملكة. وأشار إلى أن ذلك «يدفع السعودية للوجود فيها كهدف أساسي، ولتحقيق أهداف أخرى لها علاقة بالنفط والوصول إلى بحر العرب في حال فشلت في الوجود بمحافظة المهرة المجاورة، نتيجة الضغط العُماني البريطاني لمنع تواجد أي قوات غير يمنية فيها».شخصيات دينية فلسطينية ترفض زيارة السعودية ولقاء ولي العهدالرياض تلتف على الوصاية الهاشمية في القدس الرياض - وكالات: تواصل السعودية نسج خطط جديدة حول مدينة القدس المحتلة بكل دقة وفي كل زاوية؛ بهدف السيطرة على مقدساتها الإسلامية، وسحب بساط الوصاية من تحت أقدام المملكة الأردنية الهاشمية.»المال والنفوذ» سلاحان تعتمد عليهما الرياض كثيراً في تحريك مخططات السيطرة على مدينة القدس وإغراء سكانها، لتكشف عن فصول حرب خفية وطاحنة تجري خلف الكواليس وداخل الغرف المغلقة ضد الأردن، الذي يتبنى مواقف سياسية مخالفة لتوجهات السعودية، وخاصة ما يسمى «صفقة القرن» والعاصمة الفلسطينية. خلال الشهور الأخيرة أبدت الرياض اهتماماً «مفرطاً» بملف القدس، فدعمت المدينة بـ150 مليون دولار خلال القمة العربية الأخيرة التي عقدت في 15 أبريل الماضي، وتوافقت في حلول سياسية تستثني القدس من دائرة الصراع مع «إسرائيل»، إضافة إلى الشبهات التي لاحقتها برفقة دولة الإمارات بشراء عقارات مقدسية داخل المدينة وبالقرب من المسجد الأقصى، إضافة إلى ضخ الأموال لشراء ذمم المقدسيين لتغيير توجهاتهم ومعتقداتهم. هذه الخيوط مجتمعة ترى شخصيات مقدسية ومراقبون أنها جزء من «مخطط خبيث»، تقف خلفه السعودية للسيطرة على مقدسات المدينة وزيادة نفوذها، وسحب الوصاية الهاشمية بشكل تدريجي لتتحكم بها في سابقة تاريخية. وفي إطار طموحها الكبير للسيطرة على مدينة القدس والحصول على مفاتيح الوصاية، كشفت قيادات فلسطينية رفيعة المستوى في السلطة بالضفة الغربية، عن اتصالات مكثفة جرت خلال الأسابيع الماضية مع مسؤولين سعوديين ركزت جميعها على وضع المدينة والوجود السعودي فيها خلال المرحلة المقبلة. وأكدت القيادات الفلسطينية، في تصريحات خاصة لـ»الخليج أونلاين»، أن الرياض طلبت من شخصيات نافذة في السلطة ومقربة منها بشكل رسمي دعم توجهاتها في القدس، وتهيئة الأجواء الشعبية والتجهيز لزيارة وفود إعلامية وسياسية ودينية سعودية للمدينة المقدسة. وأضافت: «السعودية تسعى أن يكون لها وجود دائم وقوي داخل مدينة القدس خلال الفترة المقبلة، وترى في تقوية نفوذ قيادات في السلطة وشخصيات مقدسية موالية لها ومؤثرة في الشارع، النافذة الوحيدة لتحقيق هذا الهدف؛ لذلك بدأت بخطوة التقرب من المقدسيين من خلال تلك الشخصيات». ولفتت إلى أن الرياض «لا تعارض أن يكون المدخل الرئيسي لها للتوغل في المدينة ومنعرجاتها، وتغيير وجهة النظر السلبية السائدة تجاهها، بالأموال والمشاريع الاقتصادية والإنسانية»، مشيرةً إلى أن المملكة رغم أنها تواجه رفضاً مقدسياً كبيراً لوجودها ومشاريعها فإنها تواصل «نسج خيوطها» في كل مكان.وفي السياق ذاته، أكد المدير السابق للوعظ والإرشاد في أوقاف القدس الشيخ رائد دعنا، أن التحرك السعودي داخل مدينة القدس بدأ يظهر بشكل واضح ولافت خلال الفترة الأخيرة «تحت تسميات مشبوهة» كالمشاريع الإنسانية أو السياسية. وأكد دعنا لـ»الخليج أونلاين» أن النفوذ السعودي داخل المدينة المقدسة بدأ يتسع تدريجياً من خلال شخصيات فلسطينية ومقدسية نافذة ولها تأثير في الشارع، و»هذا الأمر بات مقلقاً ومثيراً للكثير من التساؤلات حول الأهداف التي تسعى لها الرياض في المدينة». وأوضح أن الرياض طلبت أكثر من مرة من شخصيات دينية وإعلامية مقدسية زيارة الرياض ومبايعة محمد بن سلمان وصياً على الأماكن المقدسة، إلا أنهم رفضوا تلك المطالب، وأكد أن المحاولات السعودية للسيطرة على المدينة وسحب بساط الوصاية من تحت أقدام الأردن لن تتوقف، مشدداً على رفض المقدسيين القاطع لأي دور أو وصاية سعودية على المقدسات الإسلامية، وأن أهل المدينة سيتصدون لها بكل قوة.
مشاركة :