مركز تنمية الإيرادات غير النفطية ورسوم الأراضي البيضاء

  • 7/23/2018
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

نشرت الجريدة الرسمية “أم القرى” الجمعة الماضي، لوائح وأنظمة الترتيبات التنظيمية لمركز تنمية الإيرادات غير النفطية، وأصبحت تلك الترتيبات التنظيمية محل التنفيذ من تاريخ نشرها. ووفقا للمادة الأولى من الترتيبات، يتمتع المركز بالشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي والإداري، ويرتبط تنظيميا بوزير المالية، ويكون مقره الرئيس في مدينة الرياض، وله إنشاء فروع أو مكاتب داخل المملكة بحسب الحاجة. كما نصت المادة الثالثة من الترتيبات على أن مركز تنمية الإيرادات غير النفطية، يهدف إلى تنمية الإيرادات غير النفطية، من خلال تطبيق مبادرات ونماذج ومنهجيات وأدوات موحدة وملزمة للجهات الحكومية، وتحسين وتطوير إجراءات تحصيل إيرادات تلك الجهات. ويتولى كل ما يتصل بتنمية الإيرادات غير النفطية بما يحقق الاستدامة المالية والتنوع في مصادر الدخل، خاصة ما يأتي: 1) دعم الجهات الحكومية وبرامج تحقيق الـ”رؤية” في شأن المبادرات والمقترحات المتعلقة بزيادة الإيرادات غير النفطية، وتهيئتها، بما يكفل الموافقة عليها وتنفيذها على الوجه الأكمل. 2) متابعة تنفيذ المبادرات المعتمدة، وتذليل الصعوبات التي قد تواجهها الجهات الحكومية، والعمل على تطويرها في ضوء التطبيق العملي لها. 3) التنسيق مع الجهات الحكومية وبرامج تحقيق الـ”رؤية” في شأن المبادرات المشتركة، بما يضمن توحيد الجهود ومنع الازدواج. 4) إبداء المقترحات المتعلقة برفع كفاية تحصيل الإيرادات الحكومية وبرامج تحقيق الـ”رؤية”، ورفعها لاستكمال ما يلزم في شأنها. 5) إبداء المقترحات، التي تؤدي إلى زيادة الإيرادات غير النفطية، ورفعها لاستكمال ما يلزم في شأنها. ارتفعت الإيرادات غير النفطية طوال الأعوام الأخيرة بمعدلات جيدة، ووصلت بنهاية العام المالي الماضي إلى أعلى مستوى تاريخي لها عند 255.6 مليار ريال، مقارنة بمستواها خلال 2016 البالغ 185.7 مليار ريال، مسجلة نموا سنويا بلغ 37.6 في المائة، وشكلت نحو 37 في المائة من إجمالي الإيرادات الحكومية “أعلى نسبة مسجلة منذ 1998″، فيما وصلت نسبتها إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى نحو 10 في المائة، وبالنظر إلى الهدف الموضوع لتلك الإيرادات ضمن “رؤية المملكة 2030″، الذي يستهدف زيادة الإيرادات الحكومية غير النفطية إلى تريليون ريال سنويا بحلول 2030، ما يعني بالضرورة ألا ينخفض متوسط النمو السنوي للإيرادات غير النفطية حتى عام 2030 عن 11.5 في المائة؛ للوصول بنجاح تام إلى الهدف الموضوع لتلك الإيرادات. وبالنظر إلى أهم وأبرز مصادر الإيرادات غير النفطية حتى تاريخه، المتمثلة في: الرسوم الجمركية، والعوائد المتحققة من مؤسسة النقد، ومبيعات السلع والخدمات، ورسوم المنتجات النفطية، وعوائد صندوق الاستثمارات العامة، والضرائب على الدخل والأرباح والمكاسب الرأسمالية، والغرامات والجزاءات والمصادرات، والضرائب على التأشيرات، والرسوم على العمالة الوافدة ومرافقيها، وحصة الحكومة من الاتصالات، ورسوم التبغ، ورسوم استخدام الطيف الترددي، والمقابل المالي للتعدين، والعوائد المتحققة من الجهات الأخرى، وضريبة المشروبات الغازية والطاقة، سنجد أن متحصلاتها السنوية بحد أقصى لم يتجاوز 21 مليار ريال سنويا “باستثناء العوائد المتحققة من مؤسسة النقد”، ما يقتضي بالضرورة جهودا واسعة جدا، تستهدف رفع متحصلات بنود الإيرادات غير النفطية من جانب، ومن جانب آخر إضافة بنود أخرى تعزز من أرصدتها المالية نهاية كل عام مالي. وحتى لا تتحول سياسات تعزيز أرصدة تلك البنود المتنوعة إلى عبء مرهق على كاهل الاقتصاد الوطني والمجتمع، ما قد يهدد لاحقا انخفاضها مع تراجع النشاط الاقتصادي، سيكون مناسبا جدا في الوقت الراهن، أن يبدأ مركز تنمية الإيرادات غير النفطية بصورة قوية، في زيادة متحصلات الرسوم على الأراضي البيضاء، التي تعاني قصورا واضحا في تحصيلها وفقا للتقرير السنوي الأخير الصادر عن وزارة الإسكان، وهي المتحصلات التي سيكون لارتفاعها مردود عالٍ جدا على الإيرادات غير النفطية، يقدر أن يراوح خلال العام المالي الواحد بين 50 و100 مليار ريال؛ أي 18 في المائة إلى 35 في المائة من الإيرادات غير النفطية بمستواها الراهن، وأن يصل إجمالي متحصلاتها بحد أقصى خلال أول خمسة أعوام مالية مقبلة إلى نحو نصف تريليون ريال. ولا تقف المزايا المهمة جدا لرفع المتحصلات السنوية من الرسوم على الأراضي البيضاء عند هذا الحد فحسب، بل تتجاوزه كثيرا إلى ما ستوفره من مزايا هائلة على الأداء الاقتصادي والمجتمع على حد سواء، حيث سيكون من أهم وأبرز النتائج الاقتصادية والاجتماعية، التي ستترتب على رفع قوة تحصيل تلك الرسوم على الأراضي البيضاء: 1) خفض التضخم الراهن في أسعار الأراضي، ومن ثم خفضه بالنسبة لأسعار العقارات وتكلفة إيجاراتها الباهظة جدا. 2) هذا بدوره سيسهم في خفض تكلفة إيجارات المواقع الحكومية المستأجرة، التي تستقطع عشرات المليارات سنويا من الميزانية العامة للدولة. 3) كما سيسهم في خفض تكلفة بنود الإعانات الحكومية التي تستقطع أيضا عدة مليارات سنويا من الميزانية. 4) وسيسهم بدرجة كبيرة في خفض تكلفة تمويل مشروعات تملك الإسكان للمواطنين، ويوفر مئات المليارات اللازمة لحل أزمة الإسكان المحلية عن كاهل الميزانية. 5) كل هذا سيسهم أيضا في خفض تكلفة المعيشة على المواطنين والمقيمين، نتيجة انخفاض تكلفة إيجارات المساكن والمحال وعموم مواقع منشآت القطاع الخاص، وانخفاض ما قد يترتب عليه من نفقات حكومية مخصصة لدعم وتحسين مستويات المعيشة. 6) هذا بدوره سيسهم في تحسين قدرة منشآت القطاع الخاص على تحمل ما قد يرتفع عليها من رسوم وضرائب “إيراد مالي حكومي”، نتيجة انخفاض تكلفة الإيجارات عليها، التي تستقطع نسبا عالية جدا من تكاليفها التشغيلية، وهو الأمر الذي سيحافظ على استدامة تلك المنشآت، واستدامة وظائف العمالة الوطنية فيها، التي سينتج عن توقفها وفصل العاملين فيها كثير من الآثار السلبية اقتصاديا وماليا واجتماعيا. 7) كما سيترتب على انخفاض أسعار الأراضي والعقارات، انخفاض تكلفة تمويل المواطنين لشراء مساكنهم، وانخفاض استقطاعات الأقساط الشهرية للسداد طوال فترة التمويل، التي قد تمتد إلى 20 أو 25 عاما مقبلة، ما سيسهم بدوره في رفع الدخل المتاح للإنفاق من المواطنين، ويعزز من الطلب الاستهلاكي المحلي، تنشيطا للاقتصاد الوطني ومنشآت القطاع الخاص خصوصا. هذه فقط أهم وأبرز النتائج الأولية لقيام مركز تنمية الإيرادات غير النفطية برفع متحصلات الرسوم السنوية على الأراضي البيضاء، وهو المشروع الأهم على الإطلاق في الوقت الراهن أمام المركز الناشئ، الذي متى ما قام به، فإنه سيمثل انطلاقة قوية له، ستحقق نتائج إيجابية واسعة النطاق على الاقتصاد الوطني والمجتمع، وعلى الميزانية العامة في الدرجة الأولى. نقلا عن الاقتصادية

مشاركة :