“ان السر الحقيقي في نجاح هذه الثورة، يرجع إلى روح التي سادت في التمهيد لها"، كلمات دونها الرئيس الراحل محمد أنور السادات على صفحات جريدة الجمهورية عام 1954 ليلخص سر نجاح ثورة الثالث والعشرين من يوليو، التي اندلعت عام 1952.ففي مذكرات دونها السادات استعان بمقاله المنشور على صحيفة الجمهورية التي كان مسؤول عنها في ذلك الوقت ليفسر وصل ثورة يوليو إلى مهدها قائلًا: "قد يجتمع الناس حول مبادئ حول نظريات يقرأونها ويعتنقونها، أو أفكار يبشر بها دعاتها، وقد يبلغ بهم الاقتناع بهذه المبادئ والنظريات، والأفكار غايته، ويبلغ بهم التعصب لها ذروته، وما بعد الذروة ايضا إن أصح القول، ولكن هذه المبادئ والنظريات، قد تتعرض للجدل، فتتعرض الجماعة للانقسام .. وقد يتفاقم الجدل، فينحرف عن الآراء إلى أصحابها، وتبرز الأشخاص، وتختفى الآراء .. وتتلاعب أهواء النفوس ثم تنهار الجماعة وما اجتمعت عليه ..!"وارجع السادات الفضل في نجاح الثورة، وعدم انكشاف أمر مدبريها والممهدين لها .. إلى شئ أهم كثيرًا من المبادئ التي قامت عليها، وقامت من أجلها .. إلى الصداقة العزيزة الوثيقة، التي ربطت بين كل من شارك فيها صغيرًا كان أم كبيرًا.ووصف السادات في مقاله الحالة التي كانت تربط الضباط الأحرار آنذاك قائلا: " الصداقة فقط التي استطاعت أن تحوط مبادئ الثورة بسياجها المتين، وأن تحمي النفوس من نزواتها .. لأنها احتلت من كل قلب منزل الأطماع وبهذا الدستور.. دستور الصداقة بدأ التكوين الفعلي للأحرار في عام 1944".ويروي أنور السادات عن بداية تكون تنظيم الضباط الأحرار ، حيث كانوا جماعة من الأصدقاء .. جماعة صغيرة عرف عرفوا بعضهم البعض في ظروف كثيرة ومختلفة، قربت بينهم صداقة اثيرة واعية، منهم من عرفه الناس في مجلس الثورة بعد ذلك.. ومنهم من لا يزال بنصيبه من لعمل في وحدته أو سلاحه أو الادارة التي ينتمي إليها.وكشف الرئيس الراحل في مذكرته عن بعض اسماء الضباط الذين شاركوا ولم يسلط الضوء عليهم، ابرزهم طلعت خيري وعبد المجيد فؤاد من سلاح المدفعية، وعثمان نوري من ضباط المخابرات وكمال الدين حسين، وحسين حمودة، وغيرهم من ابطال شاركوا في الثورة المجيدة.وسرد السادات أن مجموعة الضباط الأحرار استقرت على خطة طويلة المدى، خطة لها أهداف صغيرة يتبع بعضها بعضًا، لها هدف كبير وغاية يجب الوصل إليها مهما بعدت الشقة وطال المدى.واضاف ان دور هذه المجموعة منذ تلك الأيام، هو السير خطوة خطوة حسب برنامج مرسوم على وجه التالى: "اولًا خلق راى عام بين ضباط الجيش، ثانيًا إشعار الضباط أن عليهم مسؤولية كمواطنين، لا تقل عن مسئولية أفراد الشعب العاديين، ثالثًا التدرج في بث الوعي السياسي بين الضباط حتى يصبح من الممكن توجههم إلى أن يكون للجيش نفسه دور في عملية انقاذ البلاد، أو أن يكون على الاقل محايدًا بين الشعب والسلطات الغاصبة الحاكمة، بحيث لا يشترك في تسديد الضربات إلى الشعب أذا تقدم أحد لحمل تبعة الإنقاذ".وأوضح السادات أن الهدف البعيد من كل هذا فهو الوصول بأي صورة من الصور إلى تغيير النظام الملكي القائم في البلاد آنذاك.
مشاركة :