بعد إجلاء العديد من أعضاء منظمة الخوذ البيضاء السورية وعائلاتهم من مناطق الحرب عبر الأراضي الإسرائيلية، لا يزال مئات منهم عالقين في سوريا ومعرضين للخطر. سياسيا، لا يزال موضوع إنقاذهم أيضاً محط جدل. "ساعدونا وانقذوا حياتنا" بهذه العبارة وجه أبو مهند نداءه للرأي العام العالمي صباح (الاثنين 23 تموز/ يوليو 2018). أبو مهند - اسم مستعار – هو واحد من بين حوالي 300 من أعضاء منظمة الاغاثة المعروفة باسم "الخوذ البيضاء" الذين لم يتمكنوا من الوصول إلى بر الأمان. وبسبب حظر الممرات لم يتمكن أبو مهند ونشطاء آخرون من الوصول إلى الحدود الإسرائيلية في الوقت المناسب. وقد تم فتح الممرات لفترة قصيرة خلال عطلة نهاية الأسبوع لاستيعاب معظم أعضاء الخوذ البيضاء في جنوب سوريا. في وقت لاحق تم إجلائهم إلى الأردن من قبل الجيش الإسرائيلي. وسينقلون من هناك إلى بلدان غربية مختلفة، بعضهم إلى ألمانيا مطلع الخريف القادم. وفقاً لوزارة الخارجية الأردنية، فقد وصل 422 شخصًا من أعضاء الخوذ البيضاء وعائلاتهم إلى الأردن. لكن الكثير منهم مازالوا عالقين في سوريا، "بين المطرقة والسندان"، كما قال أبو مهند. وفي اتصال هاتفي له مع قناة سي إن إن، وجه نداءه للعالم من أجل إنقاذهم "نحن ما زلنا في خطر"، وأضاف: "إنقاذ الأرواح هو الاتهام الأكبر الموجه ضدنا. وصفنا بالإرهابيين لأننا ننقذ الأرواح". وكالة أنباء سورية تصف الخوذ البيضاء بـ"الإرهابيين" كلمات أبو مهند هذه كانت تلميحاً عن موقف حكومة الرئيس بشار الأسد، التي اعتبرت أعضاء الخوذ البيضاء السوريين "إرهابيين"، حسب ما نقلت وكالة الأنباء السورية القريبة من الحكومة (سانا) يوم الاثنين عن ممثل من وزارة الخارجية السورية، والذي لم يفصح عن اسمه. انتقد المتحدث إسرائيل لفتحها الحدود أمام أعضاء الخوذ البيضاء وقال بإن إسرائيل لطالما ذكرت أنها محايدة في الحرب السورية، لكنها الآن قامت "بتهريب" المئات من أعضاء "المنظمة الإرهابية " -في إشارة إلى منظمة الخوذ البيضاء - إلى خارج البلاد. وتابع المتحدث نفسه بالقول بأن هذا يوضح أن إسرائيل إلى جانب كل من الولايات المتحدة وبريطانيا والأردن وألمانيا وكندا أعلنوا عن توفير الحماية لأعضاء الخوذ البيضاء ودعمهم " للجماعات الإرهابية". مضيفاً في البيان الذي نقلته وكالة الأنباء السورية (سانا) "لا تكفي الكلمات للتعبير عن السخط والاستياء، اللذان يشعر بهما السوريون إزاء هذه المؤامرات الدنيئة". الحكومة السورية تتهم "الدفاع المدني السوري"، وهو الاسم الرسمي للخوذ البيضاء، بالوقوف إلى جانب المتمردين. إضافة إلى هذا تتهمهم بنشر أخبار كاذبة على لسان الحكومة. في الواقع ذكرت الخوذ البيضاء باستمرار أن حكومة بشار الأسد تستخدم الأسلحة الكيماوية، لكن اعلام النظام دائماً كان ينكر الاتهامات. والآن يخشى أعضاء الخوذ البيضاء الباقون في سوريا من انتقام حكومة الأسد منهم. إجلاء أعضاء من الخوذ البيضاء إلى الأردن رفض اتهامات الحكومة في حديثه لـ DW، أكد خالد الخطيب، المنسق الإعلامي داخل الدفاع المدني السوري، على استقلالية المنظمة وقال:" نحن نوثق جرائم الحرب المرتكبة في سوريا، ونوثق وجود القوات المسلحة، وقبل كل شيء نركز جهودنا لإنقاذ الأرواح بعد الغارات الجوية، لأن المسؤول عن أكبر عميات القصف في سوريا هو النظام السوري وحلفاؤه". وتحدث الخطيب أيضاً عن ظروف فتح الحدود وقال "طلبنا من الحكومات الصديقة مساعدتنا، وعملية الإنقاذ جرت بعد رفض القوات السورية التدخل لتمكيننا من المرور. فكانت الطريقة الوحيدة لإتمام عملية الإنقاذ هي نقل المتطوعين إلى الأردن عبر الجولان". وأكد الخطيب أن عملية الإنقاذ تمت بالتنسيق مع الحكومات الغربية "وطوال الوقت لم نتواصل مع إسرائيل ". إسرائيل: "خطر وشيك" يهدد الخوذ البيضاء تأسست "الخوذ البيضاء" عام 2012. في البداية كانت أكبر الجهات الممولة المملكة المتحدة ومنذ عام 2016 الولايات المتحدة. ألمانيا أيضا واحدة من الجهات المانحة، إذ دعمت فرق الإنقاذ في السنوات الأخيرة بنحو 12 مليون يورو. وفي عام 2014، شارك حوالي ألفي متطوع في المنظمة. ووفقًا للبيانات الخاصة، فإن أعضاء الخوذ البيضاء البالغ عددهم أربعة آلاف قد أنقذوا ما يقرب من 115 ألف شخص. كما انضمت النساء إلى أعضاء الخوذ البيضاء. ولاقى ما مجموعه 204 عضو من أعضاء منظمة الانقاذ حتفهم خلال تأدية مهامهم. القسم الإعلامي التابع للجيش الإسرائيلي على موقع تويتر، غرد حول فتح الحدود الإسرائيلية أمام أعضاء الخوذ البيضاء مشيراً إلى أن "حياة أعضاء الخوذ البيضاء كانت في خطر وشيك وكان يمكن انقاذ المئات منهم". أعضاء الخوذ البيضاء خلال عمليات الإنقاذ بعد ضربة جوية في كانون الثاني/ يناير عام 2017 إسرائيل تؤكد حيادها في الوقت نفسه يؤكد مسؤولون إسرائيليون أن إسرائيل حافظت على حيادها عندما فتحت حدودها لأعضاء منظمة الخوذ البيضاء. جاكس نيرياه ، نائب رئيس جهاز الاستطلاع العسكري الإسرائيلي، قلل من شأن القرار" إسرائيل سمحت بمرور الخوذ البيضاء فقط لأن الوصول المباشر إلى الأردن كان مستحيلاً." في الواقع منذ مدة طويلة تبقي الأردن حدودها مع سوريا مغلقة. لأن البلد قد استضاف 650 ألف لاجيء وبهذا يكون على وشك تخطي قدرته الاستيعابية. وفقاً لتقدير يوسي ميلمان، خبير أمني في صحيفة "جيروزاليم بوست " الإخبارية فإن فتح الحدود كان "ضمن المساعدات الإنسانية لسوريا". وهي ليست المرة الأولى التي تفتح فيها إسرائيل الحدود، فقد فعلت هذا عدة مرات للمساعدة. "هذه المرة كانت، لكنها لم تكن استثنائية." ويخمن ميلمان أن روسيا أيضا، قد تكون عارفة بهذه الخطوة "لقد علم الروس عن ذلك بكل تأكيد، وقد كانت القوات الروسية منذ فترة طويلة موجودة ضمن هذا النوع من الجهود". لا مساعدة بدون دعم مالي تبريرات مثل هذه تشير إلى أن قلق إسرائيل الأساسي يتمثل في حرصها على عدم زيادة إنهاك علاقاتها مع حكومة الأسد. ويراقب الجيش الإسرائيلي الميليشيات الإيرانية وحزب الله الموجودة في شمال سوريا بأقصى قدر من الاهتمام، لأنهما يشكلان تهديدًا وجوديًا محتملاً للدولة اليهودية. وقد قامت إسرائيل بشن ما يزيد عن مائة هجوم على مواقع وعربات نقل الأسلحة لكل من إيران وكذلك حزب الله. مع فتح الحدود، حققت إسرائيل خدمة للولايات المتحدة، أحد أكبر مؤيدي "الخوذ البيضاء". وشكر سفير الولايات المتحدة في إسرائيلي، ديفيد فريدمان، في تغريدة على موقع تويتر إسرائيل، مثنيا على جهود الحكومة الاسرائيلية في اتمام عملية إجلاء الخوذ البيضاء وأسرهم من سوريا. كرستن كنيب/ إ.م
مشاركة :