القاهرة – يصل القاهرة، اليوم الأربعاء، وفد لحركة فتح، برئاسة عزام الأحمد مسؤول ملف المصالحة، لإطلاع الجانب المصري على مقترحات السلطة الفلسطينية بشأن أولويات البدء في إنهاء الانقسام، على أن تكون أول خطوة، هي التمكين لحكومة الوفاق الحالية من إدارة غزة. واستبق الأحمد زيارته إلى مصر باتهام حماس بتلفيق “مضمون ورقة مصرية جديدة” تتعلق بالمصالحة، لإثارة الرأي العام، وتفجير الورقة قبل أن تولد، موضحا أن ما قدمته القاهرة مشروع مقترحات لآليات تنفيذ اتفاق المصالحة وليس ورقة نهائية. وقال حازم أبوشنب القيادي في حركة فتح لـ“العرب”، إن لقاء الأحمد بالمسؤولين في جهاز المخابرات العامة المصرية، يهدف إلى إيجاد آليات لجداول زمنية مطابقة لما تم الاتفاق عليه من قبل مع حماس، ورفضت الالتزام به، أي أن تسير إجراءات المصالحة من جديد بذات النقاط القديمة واستمرار التفاهمات يرتبط بصدق نوايا حماس. ويكمن الخلاف الرئيسي حول الورقة- المقترحات المصرية، بين فتح وحماس، في مسألة الحكومة، هل يتم البدء بتمكين الحكومة في القطاع أولا، أم تشكيل حكومة وحدة وطنية جديدة تتشارك فيها الفصائل وتكون مسؤولة عن إدارة غزة، على غرار الضفة الغربية. وعلمت “العرب”، أن تسريع حماس موافقتها، تأسس على عدم حسم القاهرة ملف تمكين الحكومة من إدارة قطاع غزة بشكل واضح وصريح في الورقة، قبل البدء تدريجيا في تشكيل حكومة وحدة وطنية جديدة، وهو ما ترفضه فتح بقوة. وقالت مصادر داخل فتح لـ“العرب”، إن السلطة الفلسطينية لن تقبل تشكيل حكومة وطنية قبل أن تسلم حماس كل شيء لحكومة رامي الحمدلله الحالية، وبعدها يتم الحديث عن دخول الفصائل الفلسطينية، ومنها حماس في الحكومة الجديدة. حازم أبوشنب: يجب أن تسير إجراءات المصالحة الفلسطينية بذات النقاط القديمةحازم أبوشنب: يجب أن تسير إجراءات المصالحة الفلسطينية بذات النقاط القديمة وأضافت المصادر، أن زيارة الأحمد للقاهرة تهدف إلى نقل وجهة نظر السلطة الفلسطينية وليس فتح، في ما يتعلق بالطرح المصري، وأن الرئيس محمود عباس (أبومازن) يشترط أولا، السيادة الكاملة للحكومة على القطاع، من حيث الأمن وإدارة المعابر والجباية والقضاء، على أن تنقل القاهرة هذه الشروط إلى حماس. وأوضحت المصادر ذاتها، وهي قريبة من السلطة الفلسطينية، أن “فتح تتمسك بتطبيق تفاهمات القاهرة في أكتوبر الماضي بجدولها الزمني، الذي يبدأ بالتمكين ثم المعابر ثم دمج الموظفين”، على أن يتم إدخال مقترحات للورقة بدمج موظفي حماس المدنيين فقط، دون اقتطاع جزء من أموال الجباية لموظفيها الأمنيين والعسكريين. وأوضح بركات الفرا، سفير فلسطين في القاهرة سابقا، لـ“العرب”، أن فتح تتمسك بتمكين الحكومة لأنها لا تثق في نوايا حماس، وتريد تطبيق هذا الشرط لبناء علاقة قائمة على الثقة المتبادلة، مؤكدا أن “السلطة تخشى تشكيل حكومة جديدة قبل التمكين ثم تعود حماس للقيام بالانقلاب على الحكم في غزة كما فعلت عام 2007”. ويعكس الخلاف، استمرار كل من الحركتين في السير على نفس الوتيرة القديمة، بأن يضع كل طرف العقدة أمام الآخر، لإجباره على تقديم تنازلات، ويصر كل منهما على أن يبدأ الطرف الثاني في التراجع، كنوع من صدق النوايا، وضمن لعبة عض الأصابع التي أدمنتها فتح وحماس. ويقول متابعون، إن تراجع السلطة الفلسطينية عن تشكيل حكومة جديدة، يعكس تصاعد أسهم الرافضين لهذا التوجه داخل فتح، لأن اسم سلام فياض رئيس الوزراء الفلسطيني السابق، كان مطروحا لتشكيل الحكومة، قبل أن يتراجع الرئيس عباس عن الفكرة. ويظل شرط التمكين أكثر الملفات التي عمقت الانقسام، لأن السلطة تعتبره دليل انتصار على حماس، وأنها استطاعت كسر شوكتها، وما يمكن أن يجلبه ذلك من مكاسب سياسية يستطيع من خلالها أبومازن ترميم نفوذه وشرعيته بأنه أنهى حكم حماس في غزة. وتنظر حماس إلى أن هزيمتها في معركة التمكين، يعمق جراحها ويزيد من عزلتها، لأنها خسرت الذراع الذي يساعدها في الحفاظ على ما تبقى لها من تأثير يضمن لها أن تكون طرفا أصيلا في أي تسوية مرتقبة للقضية الفلسطينية، وتبحث عن وجود شرعي لها من خلال المشاركة في حكومة جديدة، قبل أن تسلم كل شيء لفتح. وكانت حماس أعلنت موافقتها على الرؤية المصرية، وقالت إن من شأنها رفع العقوبات (الحكومية) المفروضة على غزة، وإعادة رواتب موظفي السلطة (الذين تم تعيينهم قبل أحداث الانقسام عام 2007)، بشكل كامل ودفع الموازنات التشغيلية للوزارات. وأعلنت السلطة الفلسطينية، الخميس، استعدادها لتنفيذ أي خطوات يتم الاتفاق عليها بين الحركتين، لكن فتح قالت في بيان صحافي، الاثنين، “على حماس أن تلتزم بما وقعت عليه في أكتوبر العام الماضي وتمكين حكومة الوفاق الوطني من ممارسة مهامها كاملة في غزة”. ويرى مراقبون، أن عودة التراشق الإعلامي وتبادل الاتهامات بين الطرفين، يعيد ملف المصالحة إلى النقطة صفر، لأن ما يجري صورة مطابقة للمماطلات السابقة. ويعتقد هؤلاء، أن “أزمة الوسيط المصري، في حصر تعامله على نقطة تقريب وجهات النظر بين الطرفين، دون ممارسة ضغوط أو فرض شروط على هذا أو ذاك، كي لا يحسب على طرف ضد آخر، ما يتسبب في زيادة الخلل في طريقة التفاوض، وبالتالي يضمن استمرار الحوارات العملية السياسية بحد ذاتها حتى لو لم تصل إلى نتيجة إيجابية”. وكشفت دوائر سياسية متابعة لملف المصالحة الفلسطينية، أن القاهرة أصبحت مطالبة بتغيير استراتيجية التعاطي مع حركتي فتح وحماس، والكف عن اقتصار دورها على نقل الرسائل بين الطرفين، لأن الاستمرار في هذه الآلية يعمق الخلاف ويقضي على فرص التقارب، ويمنح الحركتين أكثر من فرصة للالتفاف على الاتفاقات المبرمة.
مشاركة :