نشرت صحيفة «الأخبار» اللبنانية، مجدداً، وثائق مسربة من سفارات دولة الإمارات تكشف عن الدور الخفي غير الدبلوماسي لتلك الأذرع الخارجية. وتُظهر الوثائق التي كشف عنها أمس الثلاثاء استياء إماراتياً من موقف السودان «المتأرجح» تجاه الأزمة الخليجية وتأكيد سفارة أبوظبي في الخرطوم بضرورة الضغط عليها لإعادتها إلى «مربع الاعتدال»، وفقاً للتسريبات. وسبق أن نشرت الصحيفة نفسها، وثائق مسربة تحت اسم «الإمارات ليكس» من السفارات الإماراتية في بيروت وعمّان ومؤخراً في مسقط، تظهر عمليات رصد يقوم بها السفراء والمسؤولون الدبلوماسيون لقضايا إقليمية، بالإضافة إلى توصيات للتعامل مع تلك القضايا.تظهر وثيقة أولى مؤرخة بتاريخ 13 نوفمبر الماضي تحمل عنوان «علاقات السودان وقطر في ظل المقاطعة»، يقول فيها السفير الإماراتي في الخرطوم، حمد محمد الجنيبي: إن «دخل لاعبون جدد في علاقات السودان هم الإمارات والسعودية، لتشهد علاقاتهما مع السودان نقلة نوعية استطاعا من خلالها جر السودان إلى مربع الاعتدال من خلال جهود دبلوماسية لدعمه والتعاون معه في العديد من الملفات، وأهمها ملف رفع العقوبات الاقتصادية التي فرضتها الولايات المتحدة. ونجحت تلك الجهود حتى وصل السودان إلى مرحلة إغلاق المراكز الثقافية الإيرانية، ومن ثم قطع العلاقات مع إيران، والمشاركة الفعالة في عاصفة الحزم... (و) إعلان إنكاره لأي علاقة تربطه بتنظيم الإخوان المسلمين العالمي». ويرى السفير الإماراتي –حسب الوثيقة- أن الأزمة الخليجية جاءت لتثير الشكوك، وأنه «يبدو من خلال الأحداث الأخيرة أن السودان قد عاوده الحنين إلى ميوله القديمة والنَّفَس الإخواني الذي ظل يلازمه في الفترة الماضية»، على حد زعمه. وعلل الجنيبي رؤيته المزعومة بعدة مؤشرات ذكر منها في الوثيقة: «زيارة الرئيس السوداني عمر البشير إلى قطر، ثم زيارة وزير المالية القطري إلى الخرطوم»، معتبراً أنهما «مؤشر إعلامي يحمل دلالات سياسية في تحدي دول المقاطعة»، وأضاف إليهما «توقيع عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم في مجالات توفير السلع والمشاريع التنموية». ويتابع الدبلوماسي الإماراتي في الوثيقة نفسها أن «الرئيس السوداني اجتهد في البداية في التمسك بالحياد وأن يكون قريباً من السعودية، وأرجأ زيارته لقطر عدة مرات، إلى أن زار قطر أخيراً خلال جولة شملت الكويت والسعودية، حيث التقى خادم الحرمين الذي حسب المعلومات أبلغه عدم رضاه عن زيارته لقطر». وفي وثيقة ثانية بعنوان «السودان تقبل عرض قطر لإدارة ميناء بورتسودان وترفض عرض موانئ دبي» بتاريخ 16نوفمبر 2017، يقول الجنيبي إن «دخول قطر في إدارة هذا الميناء يمثّل استفزازاً في ظل الأزمة مع قطر»، مطالباً بلاده بممارسة «الضغط على حكومة البشير المتأرجحة في موقفها من الأزمة مع قطر». واتهم الخرطوم بالخداع –حسب الوثيقة الثانية- قائلاً: «حديث وزير النقل السوداني عن أن الطلب القطري لإدارة الميناء كان قبل طلب موانئ دبي هو حديث غير صحيح وقطر لم يسبق لها أن تقدمت بطلب لإدارة ميناء بورتسودان إلا مؤخراً»، على حد قوله. توصيات إماراتية وقيّم السفير الإماراتي، موقف السودان الجديد بأنه «مرتبك وأكثر تعقيداً»، وأن الخرطوم في «محاولة للعب على الحبلين طمعاً في الحصول على المزيد من المكاسب من الدول المقاطعة لقطر»، أو أن «تكون خطوط المصالح على مستوى مستقيم مع كلا الجانبين»، حسبما ذكر في الوثيقة الثانية. وفي وثيقة ثالثة بعنوان: «محضر لقاء السفير مع مدير مكتب الرئيس السوداني» بتاريخ 19 نوفمبر 2017، قال الجنيبي إن الخرطوم تريد «تحقيق أكبر قدر من الفائدة من خلال موقفها المحايد بشأن الأزمة القطرية، فمن جهة تدعي بأنها مع التحالف العربي، ومن جهة أخرى عينها على الدعم القطري الذي أصبح مغرياً لهم في ظل استمرار المقاطعة». واعتبر السفير الإماراتي في وثيقة رابعة مؤرخة بـ 19 نوفمبر 2017، أن السودان «يمارس المناورة في استمرار تعزيز علاقاته مع الدوحة تحت أكثر من عنوان ومنها إدارة بورتسودان»، حيث ينقل الجنيبي عن مدير إدارة الشؤون العربية في وزارة الخارجية السودانية، أحمد يوسف محمد، تبريره ما جرى بأن «الإعلان السوداني نقل تصريحات الوزير بشكل غير صحيح»، وأن «الاتفاق مع قطر لا يتعلق بميناء بورتسودان، وإنما بميناء سواكن الذي يبعد 25 كيلومتراً جنوب بورتسودان وهو ميناء خاص بالحاويات»، لذلك طلب لقاء شركة «موانئ دبي» لمناقشة العرض الإماراتي بخصوص ميناء بورتسودان. وأوصى الجنيبي في تلك الوثيقة، بممارسة «الضغط على حكومة البشير التي تقف متأرجحة في موقفها من الأزمة مع قطر». ورأت صحيفة «الأخبار» أن هذا الضغط ربما تمثل في الامتناع عن إغاثة الخرطوم تزامناً مع أزمة الوقود الأخيرة، غير أن تلويح السودان بسحب قواته من اليمن، إثر تلك الأزمة، سرعان ما استنفر السعودية والإمارات وحملهما على اتخاذ خطوات إنقاذ للخرطوم.;
مشاركة :