إن تسليط الضوء على جمهورية كازاخستان.. كنز آسيا الوسطى، وأرض الفرص خلال السنوات القليلة المقبلة، ليس رفاهية ولا نفاقًا؛ بل اهتمام منبعه أنها الدولة الأولى التي قرر الرئيس عبدالفتاح السيسي زيارتها في أولى جولاته الخارجية بعد توليه رئاسة مصر رسميًا، وقطعًا كان من وراء ذلك أهمية كبرى يجب أن يلتقطها كل مفكر وباحث يسعى لخدمة هذا الوطن.ولقد جئتكم من هناك.. شاهد على ما تملكه هذه الدولة من قدرات استثمارية وكنوز اقتصادية ومواقع سياحية تنطق بالروعة والإبداع الإلهي.فقد سعت كازاخستان منذ استقلالها، وتحت قيادة رئيسها نورسلطان نزاربييف إلى تثبيت أركان الدولة وتنويع مداخيل الاقتصاد، وفي السنوات القليلة الأخيرة بدى تسريع وتيرة هذه الرغبة، وبمنتهى القوة، بإجراء العديد من الإصلاحات التشريعية ووضع الخطط الاستراتيجية متوسطة وطويلة الأمد، على جميع المستويات الصناعية والزراعية والسياحية والتكنولوجية بشكل خاص.فقد أنشأت 10 مناطق صناعية متخصصة، ثلاث منها غرب كازاخستان للاستثمار في مجال البتروكيماويات، ومناطق وسط البلاد للتكنولوجيا، والصناعات الآلية، أما المناطق الصناعية الأخرى شمال البلاد فهي تختص بالصناعات الكيماوية.وتسعى كازاخستان كذلك لزيادة حصة الزراعة من الناتج المحلي الإجمالي، إضافة للتسهيلات التي وفرتها للمستثمرين الأجانب فوق أراضيها، والتي أهمها إعفاء المستثمرين من الضرائب لمدة 10 سنوات، وتوفير أراضي مجانية لهم مجهزة بالبنى التحتية اللازمة للبدء الفوري في الاستثمار، أو تأجيرها لفترة قد تصل إلى 25 عامًا.ولعل هذا ما جعل المستثمر العربي وخاصة الإماراتي يأتي إلى هذه الأرض حتى بلغت حجم الاستثمارات إلى ما يقرب من ملياري دولار، وكذلك الاستثمارات السعودية خاصة في مجال الزراعة بقيمة استثمارت تقارب المائتي مليار دولار، ولعل مثل هذا الاهتمام بهذه الاستمارات، ما جعل دخلها الزراعي يتضاعف في العشر سنوات الأخيرة.ويسهم كذلك صندوق التنمية السعودي في منح كازاخستان قروضًا لتنفيذ مشاريع في البنى التحتية.ونظرًا لامتلاك كازاخستان العديد من الثروات الطبيعية، حيث تحتل المرتبة الـ16 في قائمة أكبر منتجي النفط، والـ30 للغاز الطبيعي، وتمتلك احتياطيًّا يقدر بخمس ما في العالم من اليورانيوم، وتتصدر إنتاجه وتصديره عالميًّا، وفق تقرير لوكالة أنباء "كازإنفورم"، نشرته في 2017م، فهذا يجعلها أيضًا محط أنظار المستثمرين في مجال البتروكيماويات، وخاصة من إيران وروسيا والصين.وأما الحديث عن السياحة في كازاخستان فهو يحتاج إلى مساحات أكبر وموضوعات أكثر، لما يتميز به هذا البلد من قدرات ومواقع خلابة غاية في الجمال.فكازاخستان هي الفرع الشمالي من طريق الحرير العظيم الذي نشأ قبل 141 سنة، الأمر الذي جعلها غنية بالعديد من المعالم الأثرية تزيد عن 9 آلاف معلم، وقد جمعت كازاخستان في طبيعتها بين الماء متمثلة في ثلوجها وبحيراتها التي تصل إلى 4800 بحيرة، وأنهارها التي يبلغ عددها 8500 نهرًا، والخضرة، الممثلة في غاباتها التي تصل إلى 21 مليون هكتار (الهكتار 100 ألف متر)، وسهولها التي تشكل 26% من مساحة البلاد، وأما الوجه الحسن فهو يتمثل في وجوه أبناء شعبها المتنوع الأعراق.فالشعب الكازاخي من أكثر الشعوب التي تقدر الضيف، وتعرف له حقه، ولذا حين تزور كازاخستان، ستكون سائحًا؛ لكنك ستشعر أنك صاحب بيت.ولن تكتمل متعتك السياحية أو تصل لقمة المتعة والتي لن تشعر بها في مكان آخر بالعالم إلا في "ألماتي".ففي "ألماتي" يحلو الغزل.. فيها ساحة "بانفيلوف"، التي تضم نارًا مشتعلة منذ عقود تخليدًا للأرواح التي ضحت بالحرب العالمية الثانية، ويزورها الأهالي من كل مكان بنهاية كل عام دراسي لوضع الزهور وإحياء الذكرى.وهناك أيضًا بجانب الساحة كاتدرائية "زانكوف" القديمة، والتي تمثل عبقرية في البناء، فهي مبنية منذ القرن التاسع عشر بالخشب لكن دون استخدام مسامير، وقبتها الملونة التي تشبه البصلة، وهناك أيضًا أحد أهم معالم ألماتي وهي بحيرتها الكبرى التي تتلون بتلون فصول السنة لتكون ناصعة البياض شتاءً، وتتحول إلى الزمرد في الربيع، وأزرقًا فيروزيًا في الصيف، وكذلك حلبة التزلج الأولمبية الأكبر في العالم "ميديو"، وتقع على مساحة 1700 متر فوق سطح البحر، وفي مواجهتها سد "مديو" الذي يمتد لكيلومترين عن سطح الأرض، ولكي تكتمل المتعة لا بد من صعود قمة (كوكت بي) أو الهضبة الخضراء، ومن فوقها يمكن الاستمتاع بمنظر رائع لألماتي، وبالطبع ستصبح الأماكن أكثر روعة حين تقترب بجلوسك في المقاهي والمطاعم وتطلب الطبق المفضل "البيشبارمك" – وهو عبارة عن مكرونة باللحم المطبوخ على نار هادئة مع البصل والتوابل.ليس هذا التنوع كل شئ في ألماتي أو كازاخستان، فنحن لم نشر إلى طبيعتها البرية المتنوعة الجينات، وصيد الصقور والعقبان، وتلك المتع التي يصعب حصرها في سطور معدودة، فإلى سطور أخرى قريبة.
مشاركة :