الرطوبة في الكويت.. مياه عذبة

  • 7/25/2018
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

رافع البرغوثي| لم يتسن لنا الوقوف على دراسات علمية تخص وضع الرطوبة في الكويت وكيفية الاستفادة منها في ضوء الأبحاث والتجارب التي أخذت بها عدد من الدول بالاستفادة منها وتحويلها إلى ماء صالح للشرب والاستخدامات الأخرى. علماً بأن الرطوبة هنا تشتد في أشهر الصيف، وتتراوح معدلاتها بين %30 للصغرى و%80 للعظمى، وأحياناً تصل إلى %100 في مطار الكويت، كما تذكر عنود بن يوسف ، الباحثة في الجمعية الكويتية لحماية البيئة في بحث لها نشرته مجلة «البيئة» المتخصصة، مما يؤدي إلى انعدام الرؤية وتعطل حركة الملاحة الجوية ووقوع حوادث مرورية. وهذا يؤكد أن كمية الرطوبة عالية في الكويت، وبالتالي تزداد أهميتها نظراً لكونها المحرك الرئيسي للمناخ بسبب الطاقة المكتسبة عند تحول الماء. كمية الماء المتبخر وكما تشير الباحثة عنود بن يوسف، هناك نحو 380 ألف كلم3 من الماء يتبخر سنوياً موجود في الغلاف الجوي، منها 60 ألف كلم3 من البحيرات والأنهار والنبات، و320 ألف كلم3 من المحيطات والبحار. يحتوي الغلاف الجوي على كمية كبيرة جدا من الماء تزيد على ثلاثة أضعاف الاستهلاك السنوي العالمي، تقدر بـ«37 مليون مليار غالون»، وتكفي لأن تغطي مساحة الأرض بسمك بوصة واحدة، كما يقول عالم الكيمياء الأردني عمر ياغي الذي حقق إنجازات مبهرة في تشييد أطر الفلزات العضوية، وطوَّر طرقاً مبتكرة لتصنيع مواد جديدة واستخدام تطبيقاتها في مختلف المجالات. لذلك، اتجه اهتمام العلماء نحو الحصول على الماء من الهواء، الأمر الذي يحتاج إلى تطوير تقنيات لتحويل الماء من حالته الغازية إلى السائلة. وتعتبر شبكة اصطياد الضباب التي بدأ استخدامها منذ عام 1989 في تشيلي ثم في بلدان أخرى من بينها المغرب أحد أكثر الأنظمة انتشارا وأبسطها، ولكنها عديمة الفائدة في حال عدم وجود ضباب. وفي مطلع 2016، ابتكر العالم النمسوي كريستوف ريتيزر جهازاً بسيطاً يحول رطوبة الهواء إلى مياه عذبة صالحة للشرب، يعمل بصورة أفضل في الطقس الرطب، وهو قادر على تكثيف رطوبة الهواء وتحويلها إلى ماء عذب بمعدل نصف ليتر ماء في أقل من ساعة. وتتوافر في الأسواق أجهزة الحصول على الماء من الهواء، ولكنها تستهلك الكثير من الطاقة، مما يجعل تكلفة إنتاج الماء مرتفعة للغاية، وجدواها محدودة، خصوصاً عند تدني مستوى الرطوبة. حصَّادة الطاقة الشمسية وفي 2017، تمكُّن فريق من العلماء بمركز ابحاث لورنس بيركلي في الولايات المتحدة مِن تطوير جهاز قادر على استخراج الماء من الهواء، يستطيع العمل في الأماكن التي لا تتجاوز نسبة الرطوبة فيها %20. والجهاز الذي سمي «حصادة الطاقة الشمسية» يعمل بتقنية جديدة لالتقاط جزيئات الماء من الجو، باستخدام مركباتٍ تُدعى الأطر أو الهياكل المعدنية العضوية (موفس). إنجاز باهر وكان للعالِم الأردني من اصل فلسطيني عمر ياغي، دور هام في ابتكار التقنية التي يعمل بها الجهاز. فقد عمل طوال عشرينَ عاما على هذه المركبات التي تجمع بين معادن مختلفة وجزيئات عضوية، من أجل خلق بنيةٍ مسامية صلبة؛ بإمكانها تخزين الغازات أو السوائل. وفي عام 2014م، توصل ياغي وفريقُه إلى تصنيع مركبٍ مكوَّنٍ من معدن الزركونيوم وحمض الأديبيك، قادر على التقاط بخار الماء. وقد اقترح على زملائه في معهد ماساشوستس للتكنولوجيا، استخدام هذا المركب لتصميم جهاز لاستخلاص الماء السائل من الهواء. ونجح الفريق في إنشاء نموذج أولي لهذا الجهاز. والجهاز الذي توصل اليه ياغي وفريقه يعمل بالطاقة الشمسية، وهو قادرٌ على استخلاص 2.8 لتر من الماء من الهواء خلال 12 ساعة؛ باستخدام كيلوغرام واحد من الهياكل المعدنية العضوية. وفي ظل نسبة رطوبة تتراوح بين 20 و%30. ووصف ياغي، الذي كان الثاني في قائمة أذكى عشرة علماء ومهندسين في أميركا، هذا الانجاز بالخطوة الهامة لاستخراج الماء من الهواء، مشيرا الى انه في حاجة إلى التطوير. وقال «إن هذا الجهاز يمثل إنجازا عظيما في مجال التحدي طويل الأمد، المتمثل في استخراج المياه من الهواء ضمن مستويات منخفضة الرطوبة». واضاف ان من الرائع تصميم جهاز يعمل في المنزل بالطاقة الشمسية، لتوفير المياه التي تلبي حاجات الأسرة. واعتبر الإنجاز الذي توصل إليه ياغي وفريقه قد يمثل خطوة هامة في اتجاه الاعتماد على الهواء كمصدر هام للماء في المستقبل. وقبل اشهر قالت مجلة «سييكل دجيتال» الفرنسية إن نتائج تجربة، الجهاز الذي توصل اليه ياغي وفريقه، والتي نشرت في مجلة «نيتشر»، مشجعة جداً، حيث تبين أن هذه الطريقة فعالة حتى في المناطق التي تكون فيها الرطوبة أقل من %40. واشارت الى ان المرحلة التي ستعقب نجاح التجربة هي صناعة آلات كبيرة لتجميع كمية أكبر من المياه، ولو تم ذلك فإنه سيتم توفير مياه نظيفة في جميع أنحاء العالم. وجدير بالذكر ان د. ياغي الحاصل على جوائز كثيرة، فاز بجائزة ألبرت آينشتاين العالمية للعلوم لعام 2017، وفي العام نفسه حصل على جائزة الكويت في مجال العلوم الأساسية.

مشاركة :