تُعتبر شخصية «واسب» (إيفانجيلين ليلي) راهناً أقوى بطلة نسائية خارقة في عالم الأفلام التي تنتجها «مارفل كومكس». لا تهزم هذه البطلة الصغيرة مجرمين يملؤون قاعة ضخمة بالسهولة التي عُرِف بها «كابتن أميركا»، ولا تتعامل مع أكثر المواقف تعقيداً ببراعة طوني ستارك فحسب، بل إنها أنقذت وحدها Ant-Man and Wasp (الرجل النملة وواسب) من الوقوع في فخ التفاهة الذي جعل الفيلم الأصلي Ant-Man في عام 2015 مجرّد عمل عابر في عالم الأفلام المستوحاة من الكتب الهزلية. لا يزال بول رود أبرز مشكلة تواجهها سلسلة Ant-Man كونه لا يليق بأدوار البطولة. لا يتمتع رود بالدهاء الذي يضفيه روبرت داوني جونيور مثلاً على شخصية «الرجل الحديدي»، ولا بالجسم المنحوت الذي استعمله كريس هيمسوورث لجعل «ثور» شخصية مبهرة. بل يبدو رود ممثلاً ضعيفاً خرج للتو من كوميديا فاشلة. شارك في قصة تتكل بشدة على إثارة الضحك وتفتقر إلى العناصر التي تضمن نجاح أي فيلم عن الأبطال الخارقين. يوشك سكوت لانغ (رود) على إنهاء فترة إقامته الجبرية لكن قد يسوء وضعه مجدداً حين يقرر مساعدة الدكتور هانك بيم (مايكل دوغلاس) وابنته هوب (ليلي) على إتمام خطة إنقاذ زوجة بيم، جانيت فان داين (ميشيل فايفر)، من العالم شبه الذرّي الذي تاهت فيه منذ عقود. خطأ «الشبح» تتوقف جهودهم الرامية إلى إتمام تلك المهام بسبب شخصية غامضة تُعرَف باسم «الشبح» (هانا جون كامين) وتريد سرقة أعمال بيم لتستعملها بنفسها. إنه ثاني خطأ فادح في الفيلم بعد اختيار رود في دور البطولة. صحيح أن أفعال «الشبح» تبدو شريرة في معظمها، لكن سيتبيّن في نهاية المطاف أن هذه الشخصية لا ترتكب الجرائم لتنفيذ عملية شريرة كبرى بل ثمة سبب شخصي وراء تصرفاتها. هذا العنصر من القصة يحول دون تحوّل شخصية «الشبح» إلى القوة المظلمة والخطيرة التي تضمن نجاح الأفلام المستوحاة من الكتب الهزلية. يشبه الوضع أن يطلب «ثانوس» من فيلم Avengers:Infinity War (المنتقمون: حرب اللانهاية) ارتداء قفاز واقٍ لأن يده تبرد بسهولة. «واسب» البطلة لمشاهدة Ant-Man and The Wasp، تقضي أفضل طريقة باعتبار «واسب» بطلة القصة و{الرجل النملة» الشخص المكلّف بالواجبات التي يقوم بها «روبين» لصالح «باتمان». تتمتع شخصية رود بالخصائص كافة التي يجب أن يحملها صديق البطل الخارق، بمعنى أنه لا يتقن الأعمال البطولية بل إنه مستعد دوماً لإلقاء دعابة سيئة في أوقات غير مناسبة، فضلاً عن أنه أخرق ومضطرب عاطفياً. من ثم، لن يكون التخلي عن هذه الشخصية مؤثراً جداً. على صعيد آخر، تؤدي ليلي دور «واسب» بعزمٍ قوي ومهارة عالية. لا تبدو هذه الممثلة صادقة جداً حين تتنقل في أنحاء الغرفة على شكل بطلة ضئيلة الحجم فحسب، بل إنها تجذب الأنظار أيضاً بمشاهدها العاطفية الأساسية. ثمة رابط قوي بين ليلي ودوغلاس ويتوسّع هذا الرابط بدرجة إضافية حين تصبح والدتها جزءاً من القصة. مشاكل هائلة عرض المخرج بايتون ريد بعض مشاهد الحركة المثيرة للاهتمام، من بينها مشهد مطاردة سيارات في شوارع «سان فرانسيسكو» فيه لحظات بارزة وبسيطة في آن. لا خطب في تلك المشاهد لكن حين ينتهي هذا الجزء، تبدو المشاكل على مستوى اختيار الممثلين والسيناريو هائلة. لتجاوز المشاكل التي تشوب Ant-Man and the Wasp، يجب أن تكرر لنفسك بأن العمل يتمحور حول «واسب» و{الرجل النملة» أو شخصية «واسب» وحدها. عند النظر إلى الفيلم بهذه الطريقة، سيتمحور التركيز تلقائياً على أفضل جانب من هذا العمل: ليلي.
مشاركة :