كانت الفترة الممتدة من كانون الثاني (يناير) إلى تشرين الثاني (نوفمبر) 2014 الأكثر حراً التي تسجل على الأرض منذ بدء تدوين سجلات الحرارة في 1880، وفق بيان أصدرته أمس الوكالة الأميركية للمحيطات والغلاف الجوي (نوا) متوقعة مستوى قياسياً من الحرارة في 2014. إلا أن تشرين الثاني، لم يكن إلا الشهر السابع الأكثر حراً في التاريخ مع متوسط حرارة يزيد 0.65 درجة عن معدل القرن العشرين. وخلال الأشهر العشرة الأولى من السنة كان متوسط الحرارة على سطح المحيطات واليابسة فوق معدل القرن الماضي بـ 0.70 درجة وهو الأكثر حراً منذ 1880 متجاوزاً المستوى القياسي السابق المسجل في 2005، بـ 0.01 درجة. وكانت مساحة الثلوج في القطب الشمالي في تشرين الثاني أدنى بنسبة 5.7 في المئة (6216 كيلومتراً مربعاً) عن المعدل بين عامي 1981 و2010، وفق الوكالة الأميركية. ولفت المركز الوطني الأميركي للثلوج والجليد إلى أن مساحة الجليد في القطب الشمالي هي تاسع أصغر مساحة تسجل منذ 1979 مع بدء المراقبة عبر الأقمار الاصطناعية. وفي انتركتيكا كانت مساحة الجليد في تشرين الثاني أعلى من المعدل المسجل بين عامي 1981 و2010 بنسبة اثنين في المئة (3367 كيلومتراً مربعاً). وهي ثامن أكبر مساحة جليد مسجلة حتى الآن. وحذر علماء من أن تقدير ذوبان الجليد من غرينلاند وتبعاته على ارتفاع مستوى البحار ما زال دون مستوى الواقع، وذلك في دراستين منفصلتين جديدتين. وقالت بيتا كساتو، أستاذة الجيولوجيا في جامعة بافالو وأحد المشرفين على دراسة نشرتها حوليات الأكاديمية الأميركية للمعلومات إن النماذج المعلوماتية المعتمدة حالياً لتحديد مستوى ذوبان الجبال الجليدية «تبسيطية جداً بما يحول دون التقدير الفعلي لارتفاع مستوى مياه البحار في المستقبل، لأنها يمكن أن تشهد في المستقبل القريب وتيرة ذوبان أسرع مما كان يُظن». ويعتمد خبراء المناخ حالياً على نماذج معلوماتية تقدم توقعات حول ذوبان الجليد في غرينلاند، التي تضم ثاني أكبر غطاء جليدي على كوكب الأرض بعد القطب الجنوبي، ارتكازاً على ما سجل في الماضي من ذوبان في أربعة جبال جليدية كبرى هي جاكوبشافن وهلهيم وكانغرلوسواك وبيترمان. لكن البحوث الجارية استناداً إلى أعمال المراقبة بواسطة الأقمار الاصطناعية لحوالى مئة ألف بقعة على ارتفاعات مختلفة في غرينلاند بين العامين 1993 و2012 أتاحت الحصول على صورة أكثر شمولية. وتبين إثر ذلك أن غرينلاند فقدت بين 2003 و2009، وهي المدة التي يحوز الــعلماء على أدق المعلومات حولها، 243 بليـــون طـــن من الجليد، وتسبب ذلك في رفع مستوى المحيطات 0.68 ميليمتر سنوياً. وقال كورنيليس فان دير فين الأستاذ فـي جامعة كنساس وأحد المشاركين في الدارسة: «إن هذه المعطيات أساسية لتحديد وتقييم النماذج المعتمدة لتوقع أثر ذوبان الجليد على ارتفاع مستوى البحار في القرون المقبلة». ونشر تقرير آخر في مجلة «نيتشر» البريطانية كشف أن توقع مستوى ذوبان الجليد في غرينلاند لم يلحظ من قبل أثر البحيرات الموجودة في جبال الجليد. ففي السابق لم يكن هذا العامل داخلاً في حسابات العلماء، لكن وفق الدارسة الجديدة، كلما ازداد تشكل هذه الجيوب المائية في جبال الجليد في النصف الثاني من القرن الحالي، قد يؤثر ذلك في زيادة وتيرة ذوبان الغطاء الجليدي. وقال امبير ليسون الباحث في جامعة «ليدز» البريطانية وأحد المشرفين على الدراسة: «إن البحيرات المائية في الجبال الجليدية من شأنها أن تسرع وتيرة ذوبان هذه الجبال، ووفق دراستنا فإن المساحات الإجمالية لهذه البحيرات ستتضاعف في غرينلاند بحلول العام 2060». ولأن هذه البحيرات ذات ألوان داكنة أكثر من الجليد الناصع البياض، فإن لها قدرة أكبر على امتصاص أشعة الشمس وتسريع الذوبان. وحين تتسع هذه المساحات تتسرب المياه في شقوق الغطاء الجليدية وتسرع ذوبانه وانزلاق أجزاء منه إلى مياه المحيط. وقال امبير ليسون «حين تكون جبال الجليد أقل كثافة، تكون أدنى ارتفاعاً، وتتعرض تالياً إلى رياح أكثر دفئاً، وهذا أيضاً يسرع وتيرة الذوبان». وما زالت هذه الجيوب المائية تتشكل في المناطق ذات الارتفاعات الدنيا على سواحل غرينلاند، في شريط يبلغ طوله خمسين كيلومتراً وتزيد فيه درجات الحرارة عن تلك المسجلة في المساحات الداخلية. وارتكزت هذه الدراسة على أعمال المراقبة التي قامت بها وكالة الفضاء الأوروبية بواسطة أقمارها الاصطناعية، وخلصت إلى أن ارتفاع درجات الحرارة الناجم عن الاحترار سيؤدي إلى تشكيل جيوب مائية تصل إلى عمق 110 كيلومترات في المساحات الداخلية من غرينلاند بحلول 2060، وعلى مساحة مضاعفة عما هي عليه اليوم.
مشاركة :