انتعشت أسعار النفط وبدأت في الارتفاع خلال الفترة الأخيرة، الأمر الذي يدفع لعدة تساؤلات حول أسباب انخفاض أسعار النفط في عام 2014 وعودتها، بعد نحو 4 أعوام إلى الارتفاع بعد أن تسببت في عواقب وخيمة على الاقتصاد العالمي، وخصوصا الدول المنتجة للنفط ومن أبرزها المملكة العربية السعودية. وتقول صحيفة «ذي ويك» البريطانية إن أبرز أسباب عودة أسعار النفط إلى الارتفاع هو وجود تهديدات بالحرب بين الولايات المتحدة وإيران، وسط مخاوف من أن تتعطل الإمدادادت. العوامل السياسية ورفع أسعار النفط تخطى سعر خام «برنت»، وهو السعر المرجعي الرئيسي لعمليات شراء النفط حول العالم، سقف الـ 70 دولارا خلال 2018، وترتب ذلك على عدة عوامل سياسية من أبرزها التوتر الذي تشهده منطقة الشرق الأوسط، وفقا لمحللين اقتصاديين تحدثوا إلى مجلة «ذي ويك» ومن أبرزها قطع أكثر طرق إمدادات النفط حيوية في العالم، وهو الخليج العربي. في مايو، وصل سعر النفط إلى أعلى مستوى له في أربع سنوات عند 75.43 دولارا، أي بزيادة تقارب 20 % مع بداية العام، مدفوعة في المقام الأول بانسحاب الولايات المتحدة من الصفقة النووية الإيرانية وإعادة فرض العقوبات عليها، لتورطها في قضايا الإرهاب وتمويل الإرهابيين في عدة دول عربية والتدخل في شؤون دول الجوار. ووسط ضغوط من إدارة ترامب لخفض أسعار النفط، صوتت منظمة البلدان المصدرة للبترول «أوبك» الشهر الماضي لزيادة الإنتاج بمقدار 708 آلاف برميل إضافية، في محاولة للحفاظ على استقرار أسعار النفط. لماذا انخفضت أسعار النفط في 2014؟ بلغ سعر خام برنت في يونيو 2014 رقما قياسيا عالميا وصل إلى 115 دولارا للبرميل، وفي 2018 فإن أسعار تحوم حول مستوى 70 دولارا لن تصل إلى ما وصلت إليه الأسعار قبل 4 سنوات، نقطة التحول حدثت بين شهري يونيو وديسمبر من ذلك العام، عندما انخفضت الأسعار بنسبة 40 %، واستمرت في الانخفاض حتى وصلت إلى 36.05 دولارا للبرميل في مطلع 2015، وفيما وصف محللون اقتصاديون كثر أن هذا الانهيار السريع للأسعار عكس بشكل أساسي انخفاض الطلب وزيادة العرض، إلا أن ذلك تزامن بشكل كبير مع ارتفاع إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة، بمقدار 3.5 مليون برميل يوميا من عام 2008. تدخلت عوامل سياسية أخرى في انخفاض أسعار النفط في 2014، من أبرزها رفع العقوبات الاقتصادية الأميركية عن إيران من قبل الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما. ما هي تبعات تقلبات أسعار النفط؟ يشير الانخفاض في أسعار النفط إلى انتقال هائل للثروة من المنتجين إلى المستهلكين، ويقدر بنحو 1.5 تريليون دولار سنويا، كما يقول المحلل الاقتصادي إدوارد يارديني. من جانبه، ذكر المحلل الاقتصادي في «واشنطن بوست» روبرت سامويلسون إنه «على الرغم من أن الآثار لانخفاض أسعار النفط غير واضحة، إلا أنه من المحتمل أن تشتمل التأثيرات على تعزيز الانتعاش الاقتصادي العالمي البطيء والتوترات السياسية لبعض المصدرين الرئيسيين، بما في ذلك نيجيريا وفنزويلا وروسيا وإيران». وأضاف أن التأثير السياسي لهبوط أسعار النفط لم أكثر حدة مما كان عليه في فنزويلا. ووفقا لـ»رويترز»، انخفض إنتاج البلاد إلى النصف منذ بداية الألفية الجديدة إلى 1.5 مليون برميل يوميا، بسبب نقص الاستثمار في صناعة النفط. إلى جانب هبوط أسعار النفط، اضطرت الحكومة الفنزويلية إلى خفض الإنفاق العام بشكل كبير، ما أدى إلى نقص هائل في المواد الغذائية والأدوية، وقد أدى هذا بدوره إلى حدوث اضطرابات جماهيرية جماعية وجعل البلاد على شفا حرب أهلية. أما نيجيريا وروسيا فشهدتا مستويات مشابها من الاضطرابات العامة في السنوات الأخيرة، في هذين البلدين، تضاعف الاعتماد على عائدات النفط بشكل أساسي وتسبب ذلك في التأثير على اقتصاديهما. لكن هناك أيضا مخاوف من أن تصحيح الأسعار خلال الأشهر الستة الماضية قد يشعل الانكماش الاقتصادي. وتقول شبكة CNBC الاقتصادية الأميركية: «لا يجب أن يكون الارتفاع الأخير في أسعار النفط مفاجئا، لأنه سبق ذلك فترات ركود خصوصا في الولايات المتحدة خلال الخمس سنوات الماضية، وسبق ذلك أيضا ارتفاع مهول في أسعار النفط». ماذا يحمل المستقبل؟ يبدو أن «أوبك» منقسمة بشأن التخفيضات المستقبلية، كما تقول مجلة «فورتشن» الاقتصادية، إذ تهدف السعودية إلى أن تستقر أسعار النفط عند مستوى 80 دولارا، فيما ترغب إيران أن تستقر الأسعار عند سعر 60 إلى 65 دولارا، ووفقا لمحللي «فورتشن» فإن هذا التنافس من شأنه أن يجعل الأسعار مستقرة حول مستوى 70 دولارا، وذلك على المدى القصير. ولكن المستقبل يحمل المجهول فيما يخص الأسعار فلا يمكن التنبؤ بعدة مسائل منها إمكاينة ارتفاع الأسعار بشكل كبير لإمكانية تأثر وقلة الإمدادت، وكذلك تدهور الوضع السياسي في فنزويلا وتأثير العقوبات الأميركية المتجددة على إيران.ويعتقد وزير النفط الروسي ألكسندر نوفاك، أن العقوبات ضد إيران قد رفعت أسعار النفط بالفعل من 5 دولارات إلى 7 دولارات للبرميل الواحد. من جانبه، قال موقع CNN Money، إن هذا قد يؤثر على ما يصل إلى مليون برميل يوميا من إمدادات الخام، على الرغم من أنه من المتوقع أن يحذو بعض حلفاء الولايات المتحدة، بمن فيهم الهند واليابان وكوريا الجنوبية، حذو أميركا ويقاطعوا إيران. ويظل المستثمرون قلقون من نقطة هامة في هذا الملف ألا وهي المخاوف المستمرة من أن النزاعات المستمرة بين الولايات المتحدة والصين ستضر النشاط الاقتصادي، وتضر عملية الطلب على النفط، الأمر الذي يمكن أن يرفع الأسعار بشكل أكبر مجددا. نظرة تاريخية على أسعار النفط بين عامي 2014 - 2018 يونيو 2014: 115 دولارا يناير 2015 : 36.05 دولارا مايو 2018: 75.43 دولارا أسباب ارتفاع الأسعار في 2018 انسحاب الولايات المتحدة من الصفقة النووية الإيرانية إعادة فرض العقوبات على إيران لتورطها في قضايا الإرهاب التوتر الذي تشهده منطقة الشرق الأوسط المخاوف من انقطاع الإمداد العالمي وجود تهديدات بالحرب بين الولايات المتحدة وإيران عوامل تتحكم بمستقبل أسعار النفط انقسام «أوبك» حول التخفيضات في الإنتاج قلة الإمدادت تدهور الوضع السياسي في فنزويلا تأثير العقوبات الأميركية المتجددة على إيران إمكانية مقاطعة الهند واليابان وكوريا الجنوبية لإيران النزاع المستمر بين الولايات المتحدة والصين
مشاركة :