يبدو أن رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، همّشت، أول من أمس، وزارة شؤون الخروج من الاتحاد الأوروبي بإعلانها قرار ترأس المفاوضات حول خروج بلادها من الاتحاد الأوروبي بنفسها مع قرب نفاد الوقت للتوصل إلى اتفاق مع الاتحاد قبل موعد خروج بريطانيا النهائي في مارس (آذار) 2019. وسيتمّ نقل المسؤولية عن المحادثات إلى «مكتب الحكومة»، وهو وزارة تقدم الدعم لماي، ويعمل فيها مستشارها الرئيسي لـ«بريكست» أولي روبنز. أما وزارة «بريكست» التي يرأسها دومينيك راب، والتي تشكِّل الوجه العام لمفاوضات، فستركز بدلاً عن ذلك على الاستعدادات الداخلية لـ«بريكست»، بما فيها الاستعداد لاحتمال عدم التوصل إلى اتفاق. وقالت الزعيمة المحافظة في رسالة إلى البرلمان: «سأترأس المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي بمعية وزير الدولة لشؤون الخروج من الاتحاد الأوروبي (راب)». وعُين راب في هذا المنصب في التاسع من يوليو (تموز) بعد استقالة سلفه ديفيد ديفيس، احتجاجاً على خطة ماي للحفاظ على علاقات اقتصادية قوية بين بلادها والاتحاد الأوروبي. ونفى راب أن تكون صلاحياته قد تم تقليصها. وأشار إلى أنه التقى كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي ميشال بارنييه الأسبوع الماضي في بروكسل، وسيلتقيه مجدداً اليوم، ويعتزم القيام بزيارات منتظمة إلى بروكسل خلال الصيف. وقال راب أمام لجنة برلمانية إن إعلان ماي يؤكد فقط أن هناك «فريقاً واحداً، وتغييراً واحداً في القيادة». وكان يجري العمل على تغيير المسؤوليات منذ فترة. فقبل استقالته، ازداد تهميش ديفيس، وكان لا يمضي سوى وقت قليل مع كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي ميشال بارنييه في الأشهر الأخيرة. ووصف أحد النواب المشككين في الاتحاد الأوروبي ما حدث الثلاثاء بأنه «انقلاب»، وفق وكالة الصحافة الفرنسية. وأعرب مؤيدو «بريكست» عن غضبهم من أن راب، الذي يؤمن بشدة بوجود فرص بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي، لن يكون مسؤولاً عن تحقيق تلك الفرص. وقال ريتشارد تايس، من حملة «المغادرة تعني المغادرة» الداعية إلى الخروج من الاتحاد، إن «هذه أنباء كارثية لنحو 17.4 مليون شخص صوتوا لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي بعد أن اتّضح الآن أننا متجهون للخروج من الاتحاد بالاسم فقط». وفي وقت سابق الثلاثاء، قدم راب للبرلمان ورقة حدد فيها عناصر صفقة الخروج التي تم الاتفاق عليها مع الاتحاد الأوروبي، والتي ستتحول في النهاية إلى قانون. وتمّ التوصل إلى اتفاق حول التزامات بريطانيا المالية وحقوق ملايين البريطانيين الذين يعيشون في دول الاتحاد الأوروبي، ومواطني الاتحاد الذين يعيشون في بريطانيا. ووافق الاتحاد الأوروبي كذلك على فترة انتقالية بعد «بريكست» تبقى فيها بريطانيا فعلياً عضواً في الاتحاد حتى نهاية 2020، لتسهيل عملية الانفصال. وكشف راب أن هذه الفترة الانتقالية ستتطلب تمديد بنود قانون المجتمعات الأوروبية لعام 1972 الذي جعل بريطانيا عضواً في الاتحاد الأوروبي، والذي من المقرر أن يلغى يوم «بريكست». إلا أن المحادثات مع الاتحاد الأوروبي تعثّرت بسبب مشكلة تجنب عمليات التفتيش الحدودية بين آيرلندا الشمالية وجمهورية آيرلندا العضو في الاتحاد الأوروبي بعد «بريكست». وتأمل لندن في حل هذه المسألة من خلال مواصلة العلاقات الاقتصادية الوثيقة مع الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك تطبيق قوانين الاتحاد بشأن التجارة في السلع. إلا أن هذه الخطة أثارت غضب حزب ماي المحافظ، وأدّت إلى استقالة ديفيس ووزير الخارجية السابق بوريس جونسون في وقت سابق من هذا الشهر. كما أثار الاتحاد الأوروبي أسئلة مهمة بشأن الخطة. وثمّة مخاوف الآن من أن بريطانيا قد تخرج من الاتحاد الأوروبي دون التوصل إلى اتفاق، ويعكف الطرفان على وضع خطط طوارئ. وستنشر بريطانيا نحو 70 «إشعاراً فنياً» في أغسطس (آب) وسبتمبر (أيلول) تحدد فيها ما يجب على المواطنين والشركات فعله. وردّاً على سؤال حول ما إذا كانت بريطانيا تقوم بتخزين الطعام، قال راب الثلاثاء: «من الخطأ وصف الأمر بأن الحكومة تقوم بالتخزين». وأضاف: «سندرس هذه المسألة ونضمن وجود ما يكفي من إمدادات الطعام». وقال إنه لا يزال يأمل في التوصل إلى اتفاق بحلول أكتوبر (تشرين الأول) لإتاحة الوقت الكافي للبرلمان البريطاني وبرلمان الاتحاد الأوروبي للمصادقة على الاتفاق. على صعيد متصل، نشرت حكومة المملكة المتحدة أمس حزمة «أدوات مخصصة» للشركات حتى تساعد موظفيها الأوروبيين وأسرهم على نيل حقوقهم عند خروج المملكة من الاتحاد الأوروبي. ونُشرت هذه الإجراءات في شكل وثائق توجيهية على الإنترنت في موقع وزارة الداخلية، في إطار «برنامج إقامة مواطني الاتحاد الأوروبي». ويهدف البرنامج إلى تمكين مواطني دول الاتحاد الأوروبي المقيمين في المملكة من «الاستمرار في الحصول على الخدمات العامة على غرار الصحة والمدارس وأجور التقاعد علاوة على الجنسية البريطانية متى توفرت فيهم الشروط ورغبوا في الحصول عليها»، بحسب ما جاء في هذه الوثائق. وتنصح هذه الوثائق أصحاب المؤسسات بتنظيم اجتماعات مع موظفيهم لشرح هذه الوثائق وتفصيل الإجراءات لهم. وكان أعلن عن هذا البرنامج في يونيو (حزيران)، ويبدأ تفعيله مع بداية العام الدراسي 2018 قبل تطبيقه بشكل تام بحلول مارس 2019. وكانت بروكسل ولندن أبرمتا في ديسمبر (كانون الأول) 2017 اتفاقا لضمان الإبقاء على حقوق مواطني الاتحاد الأوروبي بعد «بريكست»، وأيضاً حقوق الرعايا البريطانيين في دول الاتحاد الأوروبي. غير أن ذلك لم يزل يثير قلقاً في الجانبين بشأن الغموض الذي يحيط التطبيق الفعلي لهذه الضمانات. وسيكون على المرشح إثبات هويته وتقديم إثبات لإقامة في المملكة المتحدة، وألا يكون ارتكب مخالفة خطرة. ولا يشترط أي دخل أدنى كما أن التقارب الأسري مضمون. وأمام الأوروبيين المقيمين في المملكة قبل نهاية الفترة الانتقالية التي تنتهي في 31 ديسمبر 2020، حتى 30 يونيو 2021 لتقديم طلب. والذين يقيمون في المملكة منذ خمس سنوات على الأقل في ذلك التاريخ يمكنهم الحصول على إقامة دائمة. ويمكن للباقين الحصول على إقامة لخمس سنوات إضافية، وتقديم طلب لإقامة دائمة.
مشاركة :