سالنجر.. الحارس في حقل الشوفان

  • 7/26/2018
  • 00:00
  • 20
  • 0
  • 0
news-picture

كنت قد شاهدت فيلماً يتحدث عن سالنجر، صاحب الرواية الشهيرة الحارس في حقل الشوفان، وقبل أيام بدأت مشاهدة فيلم عن طالب يكتب مسرحية مستقاة من الرواية، شعرت أنني لن أفهم الفيلم قبل قراءة الرواية، لأن الحوار والأحداث كانت قائمة على معرفة الرواية، ظل البطل يتحدث عن شخصيات الرواية وتفاصيلها اعتماداً على أن الجميع لا بد يعرف عما تحكي، فقررت أن أبحث عن الرواية وأقرأها قبل إكمال الفيلم. الرواية مشهورة جداً وتعتبر واحدة من أهم الروايات المكتوبة باللغة الإنجليزية، صدرت في العام 1951، ووزع منها حتى الآن 65 مليون نسخة. عنوانها مخادع، لأنها في الحقيقة لا تتحدث عن حقول شوفان ولا عن حراس، هي تتحدث عن مراهق أميركي يطرد من المدرسة لأنه يرسب تقريباً في جميع المواد، المادة الوحيدة التي يحبها وينجح فيها هي اللغة الإنجليزية، لأنه يحب الأدب والقراءة. هولدن كولفيلد، هو اسم بطل الرواية، وهو من أشهر أبطال الروايات في العالم، لم يكن يرسب لأنه غبي، لكنه كان يرسب لأنه يرفض مجتمع المدرسة، يكره الجميع ويعتبرهم متعجرفين ومزيفين. المذهل في الرواية هو الطريقة التي كتبت بها، العبارات والألفاظ المستخدمة، السهولة والسلاسة التي يتحدث بها هولدن عن كل ما يقوم به وما يشعر به تجاه زملائه ومدرسيه وأسرته والفتيات اللاتي يتعرف عليهن. حذر بعض النقاد أن هذه الرواية لا يجب أن يقرأها الأطفال أقل من 14 سنة. لأنها تحمل الكثير من السلبية في طريقة التفكير ويمكن أن يكون لها أثر مدمر على تفكيرهم وكيفية استقبالهم للحياة. لكن حين تقرؤها كإنسان ناضج، يمكنك أن تفهم لماذا يفكر هولدن بهذه الطريقة، يمكنك حتى أن ترى أن معه حق في الكثير من المزيفين والزيف الذي يملأ الحياة من حولنا. سالنجر، الكاتب، هو أيضاً نال الكثير من الشهرة بسبب هذه الرواية وبسبب تصرفاته الغريبة، فقد عزل نفسه بعد صدور الرواية بسنتين، وكان يرفض تماماً لقاء أي شخص، عاش معتزلاً الناس حتى وفاته، ورفض أن يعطي حقوق تحويل الرواية إلى فيلم سينمائي طوال حياته، وهذا ما يجعلنا نشعر إلى حد ما أن هولدن هو سالينجر، لأن سالينجر يظهر على لسان هولدن كم يحتقر السينما ويعتبرها شيئاً تافهاً ومزيفاً، أغلبها على الأقل. لكن لو قرأنا الرواية سنفهم بشكل أكبر لماذا رفض سالنجر تحويلها إلى فيلم. هولدن يتحدث على الدوام ويفسر مشاعره تجاه الناس وتصرفاتهم الغبية في نظره، وكيف هو يكره زملاءه، لكنه في ذات الوقت يشتاق إليهم حين يغيبون عنه. هناك الكثير من التفسيرات والتعبيرات التي سيكون من الصعب على صانع الفيلم أن يوصلها بشكل كامل أو كما أراد سالنجر. لكن، أليست كل الأفلام كذلك، تعجز بطريقة ما عن إيصال كل ما يريده الكاتب إلى الناس.

مشاركة :