التطريز الفلسطيني.. تراث بخيوط ملونة

  • 7/27/2018
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

بيروت:رنه جوني لا ترتبط المقاومة الفلسطينية بالبندقية والحجارة فحسب، إنما بالثقافة على أنواعها، غناءً وتشكيلاً وتطريزاً ومسرحاً، حفاظاً على الهوية الوطنية. وهذا ما تجسده عشرات العائلات في المخيمات الفلسطينية اللبنانية، حيث في مخيم البرج الشمالي في صور، التقت «الخليج» غالية ونيفين وسارية وأم ياسين وغيرهن يعملن في صناعة وتطريز العباءات الفلسطينية.عند بوابة المخيم عبارة جميلة لشاب يافع اعتاد الرسم على الحيطان داخل المخيم تقول: إنك في فلسطين الشتات. بيتوت متلاصقة، زواريب ضيقة.. مازال كبار المخيم يجلسون عند بوابات منازلهم، أو دكاكينهم الصغيرة، كبار حملوا معهم القضية ومفتاح بيت عتيق وعباءة وكوفية. لملموا معاناة السنين ووضعوها في حلم أجيال المخيمات، «هني ولاد تحرير أرضنا المغتصبة» بلهجته الفلسطينية، يتحدث الثمانيني أبو ياسين. وعلى بعد شارعين من دكانه يوجد محترف تطريز، متخصص بتدريب النساء على الحرف الفلسطينية القديمة التطريز، الكروشيه، خياطة، الحياكة، سلال القش وغيرها الكثير، وإن اعتبر التطريز أبرز الحرف سيما «القطبة الفلسطينية» التي تتميز عن باقي القطب العربية بسر خاص.خيطان وإبر، خرز ملون، كشتبان، أقمشة وموسيقى من التراث الفلسطيني تسيطر على الغرفة الصغيرة التي يجتمع داخلها مجموعة من سيدات المخيم، سيدات يعملن لنشر ثقافته، فلا يتركن محفلاً أو معرضاً إلا ويشاركن فيه لعرض منتجاتهن.تنهمك الخمسينية أم ياسين في تطريز قماشة مخصصة للعباءة الفلسطينية. لهذه العباءة وقع خاص على ذاكرتها وهي التي لا تتذكر إلا القليل عن بلدتها يافا، تقول: الفلسطينيات اشتهرن بالتطريز، وهو حرفة قديمة جداً تعود للكنعانيين، وتتوارثها الأجيال، واستمروا يمارسونها حتى هذه الأيام، بقربها تجلس يمنى، شابة ثلاثينية، تعلمت التطريز كمهنة جديدة تعمل بها، التطريز بالنسبة ليمنى رسم وفن ولغة خاصة، وتراث عتيق: «التطريز من تراثنا ويجب أن نتمسك به لأن العدو يريد سرقة كل الهوية الفلسطينية»، يتركز عمل يمنى على تطريز المناديل، أوعية الطاولات، الأباريق، الملابس، ولعل أبرز أعمال تطريز اللوحات الخاصة بالتراث الفلسطيني.تتميز مطرزات مشغل التطريز الفلسطيني بالدقة والتميز، يبرزان جمالية القطعة، مضافاً إليها اعتمار تطريز الرسم، أي تصوير حياة أبناء فلسطين القديمة كنوع من التطريز الجديد الذي بدأ ينتشر بين النسوة. قديماً كان كل منزل يضم في غرفه لوحة مطرزة تجسد سيدة فلسطينية أو رجلاً يحرث أرضه وفتاة تضع الجرة على رأسها، اليوم تنقل السيدات هذه اللوحات مجدداً على الأقمشة وفق ما تؤكد ياسمين تشرف على المحترف رانيا شابة وهي عشرينية تعمل في جمعية الأونروا، تؤمن احتياجات النسوة، ليواظبن على عملهن، تقول: نسعى عبر أعمال السيدات إلى نشر ثقافة المخيمات التراثية، ونسعى للمشاركة في كافة المعارض التي تقام داخل لبنان وخارجها، وأن تحظى أعمالهن بالانتباه والتشجيع، وهذا ينم عن إصرار السيدات على حماية تراثهن من التزييف».تطور التطريز ولم يعد يقتصر على العباية والكنزات والشراشف، بل دخل في شنط السيدات والمحفظات والعقود، يعتمد الألوان المتنوعة، والقطبة والتصميم اللافت وفق ما تشير سارة ابنة ال 27 ربيعاً التي تمتهن التطريز الفني وتصميم الرسومات الخاصة بالشنط والمناديل وحتى الأحذية قائلة: نحن أمام عصر مفتوح على أفكار متجددة، والتطريز حرفة مرنة، تستطيع أن تلعب بها وفق رؤيتك، وعبرها تنشر الثقافة الحرفية، قبل عدة سنوات انحدر التطريز ووصل إلى درك خطر، ولكن اليوم عاد لحضوره اللافت ولا نترك شيئاً إلا ونضع لمسة التراث الفلسطيني لأنه تراث يحاكي كل الأجيال.

مشاركة :