بحث مخصص الدخول والأرشيفنسخة الجوالal - watanالرئيسيةالسياسةالمحلياتالاقتصادالثقافةالرياضةحياة الوطنيكتب لكمنقاشاتPDF آخر تحديث: الجمعة 27 يوليه 2018, 0:57 ص أوروبا تشيخ وأعمار التقاعد تزيد من هرمز إلى باب المندب إيران تهرب من تهديدات ترمب الدبلوماسية العربية تقطع يد طهران عن القرن الإفريقي ميناء جدة يستقبل 16 ألف حاج عبر 17 رحلة %14 من سكان المملكة مدخنون 48% من أجانب الدوري السعودي الجدد لاتينيون أوروبا تشيخ وأعمار التقاعد تزيد عوامل خطيرة لا ينتبه إليها أحد أتفهم موقف الطلاب الرافض لثقافة السجن في قاعة الطعام، فالبشر كائنات معقدة جدا، ونحن لا نأكل في جماعات من أجل إشباع غريزة الجوع فقط في اجتماع طلاب الدكتوراه والباحثين السنوي في جامعة ليستر، وقف أحد زملائنا الفضلاء أمام الجمع وقال، «أقفُ هنا اليوم لأسألكم المشورة، فأنا في حيرة بحثية أخلاقية!، لقد منحتني إحدى الإدارات التعليمية منحة بحثية للعمل معهم على تقييم مشروع جديد تم إقراره في قاعات الفطور في المدارس. هذا المشروع يهدف -في رأيهم- إلى تحويل وقت الوجبات إلى فرص للتفاعل وتعلم السلوكيات الاجتماعية الجيدة بين المتعلمين. خلال جمعي البيانات، وجدت أن بائعي المطعم والمتعلمين مدركون تماما لما يجب أن يكون عليه الحال في مطعم المدرسة، وكيف يمكن استخدام وقت الوجبات للتفاعل والتعلم الاجتماعي، كأن يقف الطالب لانتظار دوره، ولا يطلب أكثر من حاجته من الطعام، وأن يحدث المشرف باحترام وأدب، ويبتسم لغيره، ولا يرفع صوته، وأن يكون لطيفا مهذبا ما أمكن مع الجميع! لكن، المعلمين المشرفين على قاعة الطعام لا يدركون ذلك! فهم يريدون من مرتادي قاعة الطعام المشي إلى طاولاتهم في طوابير منتظمة، والجلوس لتناول الطعام بصمت، وتنظيف مكان جلوسهم قبل القيام منه، هذه السلوكيات لا تبدو تفاعلا اجتماعيا!، بل تجعل مطعم المدرسة أقرب إلى السجن، والمتعلمون هم المساجين والمعلم المناوب في هذه الحالة هو السجّان!. وحسب سطوة السجان يكون انضباط القاعة. لذلك، إذا غاب هذا السجّان يحصل الانفلات الاجتماعي الرهيب بين الطلاب في قاعة الطعام، كما يحدث في الأفلام. وهذا ما حدث فعلا؟. سؤالي هو: كيف أخبر المعلمين أنهم يؤخرون النضج الاجتماعي المستقل للطلاب، بفرضهم قانون السجون في قاعات الطعام؟» انتهى كلامه. الحقيقة، إنني أتفهم موقف الطلاب الرافض لثقافة السجن في قاعة الطعام، فالبشر كائنات معقدة جدا، ونحن لا نأكل في جماعات من أجل إشباع غريزة الجوع فقط. طبعا إدارة التعليم المعنية لم تمنح الباحث هذه المنحة المالية لينتقد مشروعهم، بل أرادوا منه بحثا مفصلا على المقاس، يوثق نجاح المشروع والتجربة، وهذه مشكلة أخلاقية أخرى ليست محل النقاش هنا. أجد شخصيا أن فكرة هذا المشروع ممتازة وممكنة التنفيذ بهدوء وبأقل التكاليف، لكن اختلاف التوجه النظري، وتباين التوقعات العملية بين مخططي المشروع «الإدارة»، والأطراف المستهدفة «الطلاب ومشرفو قاعة الطعام» والمشرفين على تنفيذ المشروع «المعلمون»، شكلت عوامل خطورة على المشروع، لم ينتبه إليها المخطط، لأنه افترض أن نجاح الخطة على الورق يعني نجاح المشروع، وغفل عن حقيقة مهاة في البحوث الإنسانية، وهي أن بعض المشاريع ممتازة على الورق، لكن تنفيذها يكشف عيوب التصميم الذي لم يراع الإنسان. فنجاح المشاريع المطبقة على البشر يحدده أولا مدى انتشار ثقافة المشروع بين المعنيين واتفاقهم عليها، لأنهم إذا اتفقوا على تعريف الفكرة الإجرائي أو «حقيقتها» دافعوا عنها وأسهموا في تحقيقها، غالبية البشر يسهمون جديا في تحقيق أي هدف نبيل، عندما يرون أنفسهم جزءا مهما وجوهريا فيه. الفائدة التي خرجت بها أنا شخصيا من تجربة الباحث، هي أن انحراف بوصلة شركائك المهمين عن الهدف يؤخر وصولك مهما كنت جاهزا، وأن المخطِّط الذي يهمل إظهار الهدف لشركائه ويكتفي فقط بتحريكهم جمعيا لهدف لا يمكنهم تصوره، يخسر ثقتهم وإيمانهم ووقته.
مشاركة :