الكنيسة السريانية الكاثوليكية الأنطاكية تختتم سنودها السنوي

  • 7/27/2018
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

اختتم أساقفة الكنيسة السريانية الكاثوليكية الأنطاكية السينودس السّنويّ العاديّ، في دير سيّدة النّجاة- الشّرفة، برئاسة البطريرك مار إغناطيوس يوسف الثّالث يونان. وكان في الختام بيان جاء فيه:"برئاسة صاحب الغبطة مار إغناطيوس يوسف الثّالث يونان بطريرك السّريان الأنطاكيّ، عُقد السّينودس السّنويّ العاديّ لأساقفة الكنيسة السّريانيّة الكاثوليكيّة الأنطاكيّة، بمشاركة آباء السّينودس الأساقفة القادمين من الأبرشيّات والنّيابات البطريركيّة والرّسوليّة في لبنان وسوريا والعراق والقدس والأردنّ ومصر والولايات المتّحدة الأميركيّة وكندا، والزّائرين الرّسوليّين في أستراليا وأوروبا، والوكيل البطريركيّ في روما، وذلك في الفترة الممتدّة من 23 حتّى 27 يوليو 2018، في الكرسيّ البطريركيّ في دير سيّدة النّجاة- الشّرفة، درعون- حريصا، لبنان.في مستهلّ اجتماعاتهم، استمع الآباء إلى رياضة روحيّة تأمّلوا فيها بشخصيّة إيليّا النّبيّ، وبدعوتهم كي يكونوا شهودًا للمحبّة والسّلام والمغفرة والوداعة، في بيئة تتخبّط بالعنف، ووسط الجماعة المؤمنة، فيبثّوا فيها روح الرّجاء، سائلين الله أن يعطيهم النّعمة ليجابهوا كلّ التّحدّيات الّتي تواجههم في الخدمة، بالأمانة والتّواضع وبذل الذّات.ودرس الآباء موضوع الخدمة الأسقفيّة، فتوقّفوا عند علاقة الأسقف بالكهنة والمؤمنين، وممارسته لمهمّته المثلّثة بالتّعليم والتّقديس والتّدبير، بحسب روح الإنجيل وقوانين الكنيسة، ومقتضيات صفات الأسقف الرّاعي الصّالح، الأب الحنون والمدبّر الحكيم، والمدعوّ للتّجاوب بروح الأبوّة والحكمة والمصداقيّة الّتي ترضي الضّمير، مع تطلّعات الرّعيّة، وذلك بحسب قلب الرّبّ، الّذي يذكّر الرّاعي من خلال ضعفه ومحدوديّته ونقائصه أنّه "بدوني لا تستطيعون أن تفعلوا شيئًا!" (يو 15: 5).وتابع الآباء دراستهم للشّرع الخاصّ بالكنيسة السّريانيّة الكاثوليكيّة، تمهيدًا لإقراره. واطّلعوا على خلاصة أعمال اللّجنة الطّقسيّة في دراستها للقدّاس الإلهيّ، على أمل أن تتمّ طباعة الكتاب الجديد الخاصّ بالقدّاس قبل السّينودس القادم.وناقش الآباء التّقارير الّتي قُدِّمَت إليهم متناولةً الأوضاع الرّاهنة في الأبرشيّات والنّيابات البطريركيّة والأكسرخوسيات والزّيارات الرّسوليّة في الشّرق وبلاد الانتشار، والوكالة البطريركيّة لدى الكرسيّ الرّسوليّ. واستمعوا إلى تقرير عن اللّقاء العالميّ الأوّل للشّباب السّريانيّ الكاثوليكيّ الّذي عُقد بنجاح في لبنان من 17 حتى 22 تمّوز الجاري.وتناول الآباء موضوع هجرة آلاف العائلات إلى ما وراء البحّار، والشّعور بالمسؤوليّة المشتركة والضّرورة الملحّة لمتابعة خدمة هؤلاء المهجَّرين روحيًّا وراعويًّا واجتماعيًّا. ومن ناحية أخرى، تطرّقوا إلى موضوع عودة المهجّرين إلى قراهم ورعاياهم في أبرشيّات سوريا والعراق، وقد نُكِب هذان البلدان بسبب الاضطرابات والحروب العبثيّة في السّنوات الأخيرة.أمّا أبرز ما جاء في أعمال السّينودس:أوّلًا: تداول الآباء الأوضاع العامّة في الشّرق، وتوقّفوا بشكل خاصّ عند أحوال أبناء الكنيسة السّريانيّة وبناتها إزاء الخضّات المخيفة الّتي تحمّلوها، وهم يرفعون الصّوت عاليًا أمام العالم، مستنكرين النّكبات الّتي حلّت بشكل خاصّ بالكنيسة السّريانيّة في الأعوام الماضية، والّتي أدّت إلى اقتلاع عدد كبير من أبناء شعبها من أرض الآباء والأجداد في سوريا والعراق، فضلًا عمّا يحدث في مصر والأراضي المقدّسة. نكبة تُكرِّر مأساة الإبادة الّتي حلّت بأجدادهم منذ مئة عام! هذا الانتهاك الخطير لحقوقهم المدنيّة قد هزّ كيانهم الإنسانيّ والمجتمعيّ والحضاريّ، لاسيّما وقد اختبروا مآسي تشرُّد آلاف العائلات في أنحاء شتّى من العالم.ثانيًا: بحث الآباء الوضع في لبنان، فهنّأوا اللّبنانيّين على إجراء الانتخابات النّيابيّة في جوٍّ من الدّيمقراطيّة وقبول الآخر، وكرّروا صرختهم إلى فخامة رئيس الجمهوريّة ودولة الرّئيس المكلَّف تشكيلَ الحكومة ورؤساء الأحزاب المسيحيّة، بوجوب تمثيل الطّائفة السّريانيّة الكاثوليكيّة في الحكومة الجديدة، ووجّهوا نداءً لمعالجة الأزمات الاقتصاديّة وغلاء المعيشة ومعضلة توقُّف القروض الإسكانيّة الّتي باتت تهدّد مستقبل الشّباب اللّبنانيّ. هذا بالإضافة إلى المعاناة الّتي تواجهها المدارس الخاصّة في متابعة رسالتها التّربويّة، ما يلقي على عاتق الدّولة مسؤوليّة إيجاد حلولٍ جذريّةٍ تؤمّن حقوق المواطنين من كلّ الفئات، وتوفّر الفرص للشّباب ليتجذّروا ويصمدوا في بلدهم لبنان ولا يهاجروا منه.ثالثًا: ثمّن الآباء الجهود المبذولة في سبيل وقف الحرب وإيجاد حلّ نهائيّ وجذريّ للأزمة المستمرّة في سوريا منذ أكثر من سبعة أعوام، مهيبين بجميع الأطراف العمل معًا من أجل عودة الحياة إلى طبيعتها، ومطالبين برجوع النّازحين السّوريّين إلى أرضهم، ومحذّرين من مخطّطات تهدف إلى سلب هويّة بيت نهرين (الجزيرة).رابعًا: شدّد الآباء على ضرورة التّعاضد والتّكاتف بين جميع مكوّنات الشّعب العراقيّ، كي يجتاز بلدهم هذه المرحلة الّتي يتخبّط فيها، فيحكّم الجميع العقل ويغلّبوا لغة الحوار وقبول الآخر، باذلين كلّ جهد لإعادة الأمن والسّلام والاستقرار إلى أرض الرّافدين الغالية، لما فيه خير وطنهم، وخاصّةً المكوِّن المسيحيّ الأصيل والمؤسّس فيه.خامسًا: أعرب الآباء عن ثقتهم بالقيادة الحكيمة للرّئيس والحكومة في مصر، ولِما لهذه القيادة من أثر إيجابيّ يساهم في تعزيز الاستقرار والطّمأنينة لدى المواطنين، وخاصّةً لدى المسيحيّين بعد ما عانوه من أعمال عنف وإرهاب.سادسًا: أكّد الآباء على أنّ القدس هي مدينة لجميع أتباع الدّيانات الثلاث، مشدّدين على حقّ الشّعب الفلسطينيّ بالعودة إلى أرضه، والوصول إلى سلام دائم بحلّ الدّولتين.سابعًا: جدّد الآباء مؤازرتهم وتضامنهم مع جميع المعذَّبين والمضطهَدين من أبناء شعبهم السّريانيّ، الّذين يكابدون آلام النّزوح والهجرة والاقتلاع، مؤكّدين لهم أنّ الكنيسة ستبقى إلى جانبهم، تقدّم لهم كلّ ما تستطيع من مساعدة وخدمة كي يستمرّوا بأداء الشّهادة للرّبّ يسوع، إله المحبّة والسّلام، في خضمّ المعاناة والآلام، متشدّدين بقوّة إلههم القائل: "ثقوا إنّي قد غلبتُ العالم" (يوحنّا 16: 33).ثامنًا: توجّه الآباء بالفكر والقلب إلى أبنائهم الّذين غادروا أرض الآباء والأجداد في الشّرق، واستقرّوا في بلاد جديدة تؤمّن لهم السّلام والأمان والعيش الكريم، في أوروبا وأميركا وأستراليا، وهم يهيبون بهم الاستمرار بعيش الأمانة لكنيستهم الأمّ وبلدان نشأتهم ولعاداتهم وتقاليدهم وتراثهم الأصيل في الشّرق، وفي الوقت عينه يحثّونهم على محبّة أوطانهم الجديدة والإخلاص لها والإبداع في مختلف المجالات، مؤكّدين لهم سعيهم الدّائم في سبيل تأمين الخدمة الرّوحيّة لهم رغم التّحدّيات والصّعوبات.وصدرت عن السّينودس القرارات التّالية:أوّلًا: عقد المؤتمر الثّاني للكهنة السّريان الكاثوليك في العالم، وذلك في لبنان خلال العام 2020، وستُشكَّل لجنة للإعداد للمؤتمر.ثانيًا: إقرار الشّرع الخاصّ بكنيستنا السّريانيّة الكاثوليكيّة، على أن يصار إلى إصداره بحسب الأصول المرعيّة.ثالثًا: إتمام طباعة الكتاب الجديد الخاصّ بالقدّاس الإلهيّ قبل انعقاد السّينودس القادم، بعد أن أنهت اللّجنة الطّقسيّة دراستها بشأنه.رابعًا: الموافقة على عقد اللّقاء العالميّ للشّباب السّريانيّ الكاثوليكيّ مرّة كلّ ثلاث سنوات، وسيكون اللّقاء الثّاني في صيف العام 2021.خامسًا: اتّخاذ قرارات إداريّة.وفي ختام السّينودس، رفع الآباء شكرهم للرّبّ الإله الواحد، الثّالوث الأقدس، الّذي جمعهم باسمه القدّوس، بروح الشّركة الأسقفيّة والمحبّة الأخويّة، واثقين بمعونة الرّبّ ومؤازرته للكنيسة، "عروس الختن السّماويّ"، المتألّمة في مسيرتها الأرضيّة، إنّما الثّابتة أبدًا مهما اشتدّت العواصف، حاملةً مشعل الخلاص وناشرةً نور الحقيقة لجميع الشّعوب، يشدّدهم الرّجاء، "فوق كلّ رجاء"، بوعد الرّبّ الفادي القائل: "إرفعوا رؤوسكم فإنّ خلاصكم قد دنا!".

مشاركة :