واصلت أسعار النفط تراجعها أمس متأثرة باستمرار تخمة المعروض، واندفاع بعض المنتجين نحو البيع لتصريف المخزون. وهوت أسعار العقود الآجلة لخام برنت دون 59 دولارا للبرميل مقتربة من أدنى مستوياتها في خمسة أعوام ونصف، فيما تراجع الخام الأمريكي 1.70 دولار ليسجل 54.23 دولار للبرميل بعد أن لامس أقل سعر منذ أيار (مايو) 2009 عندما بلغ 53.60 دولار أمس الأول. وقال لـ"الاقتصادية" محللون في سوق النفط: إن منظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" تلعب دورا مهما في ضبط إيقاع السوق رغم أنها لا تتحكم إلا في ثلث الإنتاج العالمي، ولكن بعد انتهاء فترة المتابعة ودراسة الموقف سيكون لها مواقف مؤثرة إذا استمرت الأسعار في الانزلاق. ويقول رجل الأعمال الدكتور إبراهيم عزت لـ"الاقتصادية": إن اللجنة السعرية في "أوبك" تراقب بجدية السوق من كثب، وتدرس تطور أسعار النفط من أجل الوصول إلى استقرار السوق قريبا، مضيفا أن الظروف الراهنة أدت إلى تراجع كبير في الطلب من أجل التخزين وهو ما أفضى إلى تراجع حاد في أسعار النفط لأن جميع حائزي "المخزونات" يبيعون على حد سواء. وتوقع عزت أن تستمر ضغوط البيع حتى تصل الأسعار إلى مستوى يصبح عنده تحوط المنتجين مطلوبا، لافتا إلى أن الوضع في إيران وفنزويلا العضوين بمنظمة "أوبك" متأزم بسبب استمرار هبوط أسعار النفط ما دفع الدولتين إلى التحذير من تداعيات التراجع السلبية على الدول التي تعمل لجهة خفض الأسعار. وقال: إن فنزويلا ذكرت في تصريحات رسمية أن انخفاض أسعار النفط لا يعود لأسباب تجارية وإنما مرتبط بمسائل جيوسياسية مثل العقوبات ضد روسيا، والوضع في الشرق الأوسط، وكل هذه العوامل تهدد الاقتصاد الفنزويلي بحسب تقدير حكومة كاراكاس. يذكر أن أسعار النفط تراجعت إلى النصف تقريبا خلال الأشهر الستة الماضية، إذ طغت زيادة إنتاج النفط الصخري الخفيف عالي الجودة في أمريكا الشمالية على الطلب. من جانبه، أكد لـ"الاقتصادية"، الدكتور فيليب ديبيش رئيس المبادرة الأوروبية للطاقة أن "أوبك" تلعب دورا مهما في سوق النفط ولكن من الصعب تحميلها المسؤولية عن تداعيات الصراع الأمريكي الروسي الذي اندلعت شرارته من أوكرانيا. وأشار إلى أهمية زيادة التنسيق بين دول أوبك والدول خارجها واحتواء أي خلافات سياسية بين الدول الأعضاء في المنظمة، وإعداد دراسات اقتصادية مستفيضة تتناول سبل إيجاد التنسيق بين قيمة النفط وتكاليف إنتاجه والطاقات المتجددة وكيفية الحفاظ على استقرار السوق وضمان الأسعار العادلة والمنافسة العادلة بين المنتجين وغيرها من العوامل الاقتصادية المهمة. وأكد ديبيش أن اقتصادات بعض دول "أوبك" تواجه أزمة كبيرة خاصة إيران التي تعتمد على الصادرات النفطية بشكل كبير، موضحا ضرورة وجود خطط بديلة وجاهزة للتعامل مع الأزمات وفى هذا الإطار يمكن أن تفسير اتفاق إيران وباكستان على استئناف عملية توريد 12 ألف برميل يوميا من الخام الإيراني إلى إسلام أباد بعد توقف دام لثلاث سنوات. من جانبه، يقول الدكتور ريتشارد شنتس رئيس الغرفة التجارية العربية النمساوية لـ"الاقتصادية"، إن استمرار تدنى أسعار الخام هو تحد كبير يواجه اقتصاديات الدول المنتجة خاصة بعد أن هبط السعر لما دون 60 دولارا للبرميل دون أن يستقر بعد ودون أن يتضح القاع السعري له في ضوء ظروف الاقتصاد الدولي الراهنة التي تتداخل فيها عوامل اقتصادية وسياسية. وأشار شنتس إلى أن "أوبك" سيكون لها تأثير وقرارات مهمة في الفترة المقبلة رغم أنها لا تتحكم إلا في ثلث الإنتاج العالمي ولكن بعد انتهاء فترة المتابعة ودراسة الموقف سيكون لها مواقف مؤثرة، منوها بتعليقات متفائلة صدرت من بعض وزراء النفط الخليجيين تؤكد التفاؤل رغم الظروف التي أقلقت كثيرين وتسببت في تراجع بعض البورصات العربية والدولية. وهبط سعر سلة خام "أوبك" على نحو حاد أمس الأول ليسجل 55.91 دولار للبرميل مقابل 57.92 دولار للبرميل في اليوم السابق. وقال البيان اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) أمس إن السلة فقدت قرابة دولارين في يوم واحد وهو ما يعد أحد أعلى الانخفاضات اليومية منذ اتجاه السلة للهبوط السعري في حزيران (يونيو) الماضي. وأشار البيان أن السلة التي تضم 12 خاما للدول الأعضاء كانت قد تماسكت بعض الشيء يوم الإثنين الماضي مقارنة بختام تعاملات الأسبوع السابق يوم الجمعة حيث سجلت 58.65 دولار للبرميل.
مشاركة :