سجلت الليرة التركية تراجعا جديدا في تعاملات أمس (الجمعة) بعد أن هدد الرئيس الأميركي دونالد ترمب بفرض عقوبات شديدة على تركيا ما لم تطلق سراح قس أميركي محتجز لديها منذ عامين بتهم تتعلق بالتجسس والإرهاب.وبدأت الليرة التركية تعاملات أمس عند 4.86 ليرة للدولار متراجعة عن مستوى الإغلاق السابق الذي بلغ 4.85.وكانت الليرة تتداول عند نحو 4.82 بعد ظهر أول من أمس الخميس قبل نشر تقارير بشأن التلويح بعقوبات ثم تراجعت لما يصل 4.89 ليرة للدولار.في الوقت نفسه، صوتت لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي بالإجماع لصالح مشروع قانون يمنع تركيا من الحصول على قروض من المؤسسات المالية الدولية أو مساعدات تقنية ومالية.وذكرت تقارير أن التحرك لإقرار مشروع القانون، الذي يحتاج إلى مصادقة مجلسي النواب والشيوخ والرئيس الأميركي دونالد ترمب، جاء على خلفية تهديد ترمب بفرض عقوبات قاسية ضد تركيا إذا لم تطلق سراح القس الأميركي أندرو برونسون الذي تتهمه بالتجسس ودعم الإرهاب.وسبق أن وافق مجلس النواب الأميركي على منع تركيا من الحصول على مقاتلات «إف - 35» التي طلبت تركيا الحصول على 100 طائرة منها في إطار مشروع إنتاج مشترك تساهم فيه تركيا بنحو 1.2 مليار دولار، للسبب نفسه.في سياق مواز، قال وزير المالية التركي برات البيراق، إن بلاده حصلت على حزمة قروض من مؤسسات مالية صينية بقيمة 3.6 مليار دولار.وأشار البيراق في تغريدة على «تويتر»، إلى أنه من المقرر تقديم الحزمة إلى بنوك ومؤسسات خاصة وعامة لاستخدامها في استثمارات بقطاعي الطاقة والنقل.جاء ذلك وسط تحذيرات من مواجهة تركيا أزمة عملة بعد أن هوت الليرة إلى أدنى مستوياتها وفقدت نحو 25 في المائة من قيمتها منذ مطلع العام الجاري، مع ارتفاع التضخم إلى 15.4 في المائة وزيادة العجز في الميزانية إلى 6 مليارات دولار خلال شهر يونيو (حزيران) الماضي واستمرار اتساع العجز التجاري.ويشعر المستثمرون بالقلق إزاء الوضع في ظل مخاوف من تراجع استقلالية البنك المركزي وسيطرة الرئيس رجب طيب إردوغان على السياسة النقدية والقرار الاقتصادي.وأبقى البنك المركزي، في أول قراراته بعد إعادة انتخاب إردوغان رئيسا للجمهورية في 24 يونيو (حزيران) الماضي، على أسعار الفائدة دون تغيير في أول اجتماع للجنة السياسة النقدية، بالمخالفة للتوقعات التي تنبأت برفعها من جديد بعد صعود التضخم لأعلى مستوى له في 14 عاما في يونيو الماضي، وأدى قرار البنك المركزي إلى تراجع الليرة بنسبة 3 في المائة مقابل الدولار.ويقدر صندوق النقد الدولي الدين الخارجي لتركيا بـ53 في المائة من الناتج المحلى الإجمالي. وتشير البيانات الرسمية إلى أن نحو ثلث القروض المصرفية المقدمة للمستثمرين الأتراك هي بالعملة الأجنبية. وأن تراجع العملة سيجعل من الصعب تسديد هذه القروض الدولية.في الوقت نفسه، تريد حكومة الرئيس رجب طيب إردوغان تطبيق المزيد من إجراءات التحفيز لمواجهة التباطؤ المتوقع في النمو خلال الربعين الأخيرين من العام الجاري، وهي خطوة قد ترفع التوقعات بأن السياسة المالية المتشددة سوف يتم تخفيفها.ونما الاقتصاد التركي بمعدل مرتفع مفاجئ بلغت نسبته 7.4 في المائة خلال العام الماضي مدعوما بحوافز حكومية واستهلاك محلي، رغم أن المحللين قالوا إن النمو كان متفاوتا وغير مستدام.وفي أعقاب الانقلاب الفاشل، في منتصف يوليو (تموز) عام 2016، عززت الحكومة حجم صندوق يدعم القروض للشركات إلى 52 مليار دولار. كما أدخلت تدابير لزيادة التوظيف.وقال مسؤولون أتراك لوسائل الإعلام، أمس، إنه يمكن اتخاذ خطوات معينة لتحقيق نمو أعلى وإن هذه القضية مطروحة على جدول الأعمال، دون الخوض في تفاصيل حول ما يمكن أن يترتب على ذلك.وأضاف المسؤولون، الذين طلبوا عدم ذكر أسمائهم، أنه يجري النظر في هذه الخطوات لأنهم يتوقعون الآن انكماش الاقتصاد في الربع الثالث ونمو سنوي بنسبة 4 في المائة، أي أقل من هدف الحكومة البالغ 5.5 في المائة في برنامجها الاقتصادي متوسط المدى.ويشعر الاقتصاديون بالقلق من أن إردوغان يركز على توسع الاقتصاد وتحقيق معدل نمو مرتفع بأي ثمن. وقال جيسون توفي الخبير في «كابيتال إيكونومكس» في مذكرة للعملاء: «إن سمعة الحكومة في الحذر المالي تخضع لتدقيق متزايد».وأوضح توفي أن «السياسة المالية الخاسرة ستؤدي إلى تفاقم نقاط الضعف التي تراكمت في الاقتصاد التركي في السنوات الأخيرة»، مشيرا إلى العجز الواسع في الحساب الجاري.وتوقع استطلاع أجرته وكالة رويترز وشمل 55 من الاقتصاديين نمواً في عام 2018 بنسبة 4.1 في المائة و2019 بنسبة 3.5 في المائة.وقال الخبراء إن الربع الثالث من العام سيشهد انكماشا يرجع جزئيا إلى التأثير الأساسي الذي حققه نمو العام الماضي الذي بلغ 11.3 في المائة في الربع الثالث من العام.
مشاركة :