تعكس التوترات الحاصلة في مضيقي هرمز وباب المندب التحديات الكبيرة التي تواجهها إمدادات النفط الكبيرة من منطقة الشرق الأوسط، والتي تصاعدت بدرجة غير مسبوقة بسبب أجندات إيران في الممرين البحريين وإرسال الرياض تحذيرا شديدا بوقف مرور شحناتها عبر باب المندب. لندن - أثار تلويح إيران بإغلاق مضيق هرمز إذا ما نفذت الولايات المتحدة قرار فرض عقوبات عليها، وهجمات الحوثيين على الملاحة البحرية في مضيق باب المندب، مخاوف دولية على سلامة إمدادات النفط الحيوية للاقتصاد العالمي من الدول الخليجية. ويشكل المضيقان أهمية بالغة لإمدادات النفط الخام من جهة، والتجارة العالمية من جهة أخرى، إذ يعد مضيق هرمز النافذة الوحيدة لنحو ربع صادرات النفط العالمية من دول الخليج وإيران والعراق. وفي المقابل، يعد مضيق باب المندب الواقع جنوب غرب الجزيرة العربية، هو الخيار المفضل لحركة التجارة بين دول آسيا من جهة، وأفريقيا وأوروبا والولايات المتحدة وأميركا الجنوبية، من جهة أخرى. وأدى هجوم حوثي على ناقلتي نفط سعوديتين في مضيق باب المندب جنوب غرب اليمن هذا الأسبوع، إلى ارتفاع الأسعار ليتجاوز 74 دولارا للبرميل، لكنها تراجعت عن أعلى مستوى في عشرة أيام سجلته في وقت سابق من التعاملات. 17 مليون برميل يوميا حجم صادرات دول الخليج والعراق وإيران عبر مضيق هرمز وفق بيانات منظمة أوبك17 مليون برميل يوميا حجم صادرات دول الخليج والعراق وإيران عبر مضيق هرمز وفق بيانات منظمة أوبك وجاء الهجوم بعد أسبوعين فقط من تلويح أطلقه الرئيس الإيراني حسن روحاني بغلق مضيق هرمز الواقع جنوب البلاد، إذا نفذت واشنطن عقوبات اقتصادية في 4 نوفمبر المقبل، وهو ما يمثل حلقة جديدة للتهديدات المستمرة لطهران في الشرق الأوسط. وتعد صادرات النفط مصدر إيران الرئيسي والوحيد تقريبا من العملة الصعبة، حيث تنتج قرابة 3.8 ملايين برميل يوميا وتصدر نحو 2.5 مليون برميل يوميا. ووفق بيانات أوبك وإدارة معلومات الطاقة الأميركية، فإن قرابة 17 مليون برميل من النفط، تمر بشكل يومي عبر مضيق هرمز. ويعد النفط المصدر عبر المضيق، لدول السعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم، والإمارات والكويت والعراق والبحرين وقطر التي تصدر الغاز الطبيعي المسال أيضا. ووفق أرقام المبادرة المشتركة “جودي”، تبلغ صادرات دول الخليج إضافة إلى العراق وإيران من النفط الخام، من جميع المنافذ، نحو 17.9 مليون برميل يوميا. وتعني عرقلة إمدادات النفط الخام عبر مضيق هرمز، صعودا في أسعار النفط الخام، وبالتالي ارتفاع كلفة الإنتاج الصناعي عالميا إلى جانب تحمل الدول المصدرة للنفط لتكاليف إضافية تتمثل في التأمين واستئجار سفن، فضلا عن الوقت الطويل الذي ستستغرقه الإمدادات للوصول إلى أهدافها. واضطرت السعودية الخميس، وفق وزير الطاقة خالد الفالح، إلى تعليق مرور شحنات النفط عبر باب المندب الاستراتيجي بالبحر الأحمر بعد مهاجمة جماعة الحوثي اليمنية المدعومة من إيران لناقلتي نفط الأربعاء، إلى أن تصبح الملاحة آمنة. واستبعدت مصادر في قطاعي النفط والشحن أن يؤثر التعليق على إمدادات النفط السعودية إلى آسيا، لكنه ربما يزيد تكاليف الشحن للسفن السعودية المتجهة إلى أوروبا والولايات المتحدة بسبب زيادة المسافات. ويقول تجار إن أمر التعليق يقتصر على السفن المملوكة للسعودية، وأن أرامكو أكبر شركة نفط في العالم، لا يزال بمقدورها تأجير سفن أجنبية لنقل الخام. وبعد ساعات من قرار الرياض، قالت شركة ناقلات النفط الكويتية الحكومية إن تأثير الأحداث عند باب المندب “محدود” على النفط الكويتي، وهناك خطط بديلة للتعامل مع الأمر. وقال الرئيس التنفيذي للشركة، الشيخ طلال خالد الأحمد الصباح في بيان، إن “التأثير محدود نظرا لأن 90 بالمئة من النفط الكويتي تتجه إلى دول جنوب شرق آسيا ولا تعبر باب المندب من الأساس”. وهناك بيانات غير دقيقة تظهر أن أكثر من 24 ألف ناقلة محملة بشتى أنواع البضائع، بما في الإمدادات النفطية، تمر سنويا من المضيق، وهي تمثل حوالي سبعة بالمئة من الملاحة الدولية. 74 دولارا للبرميل الحاجز الذي تجاوزه سعر خام برنت بعد تعليق السعودية شحناتها عبر مضيق باب المندب ومن شأن عرقلة حركة التجارة عبر المضيق أن ترفع من كلفة الصادرات، حيث ستضطر السفن لسلك طريق رأس الرجاء الصالح على سواحل جنوب أفريقيا لنقل البضائع بين الشرق والغرب. وتشير تقديرات المحللين إلى أن نحو 40 بالمئة من صادرات النفط العالمية ومشتقاته تمر عبر هرمز، فجميع صادرات إيران والكويت وقطر تمر من هناك، بينما تبلغ صادرات الإمارات 99 بالمئة والعراق 98 بالمئة والسعودية 88 بالمئة. وتتراوح صادرات النفط السعودية عبر باب المندب بين حوالي 500 ألف إلى 700 ألف برميل يوميا، وفق بيانات لمحللين ورويترز. ومعظم صادرات الخام الخليجية التي تمر عبر قناة السويس وخط أنابيب سوميد تعبر المضيق. ويبقى أحد الحلول الشحيحة لنقل نفط الخليج إلى الغرب في حال غلق المضيق، سيكون عبر العراق، ومنه عبر خط أنابيب مقام حاليا طوله 970 كلم، ويصل إلى ميناء جيهان التركي. وحتى العام الماضي، كان ميناء جيهان التركي يستخدم لنقل نفط كركوك بمتوسط 250 ألف برميل يوميا، بينما تعود أهمية مضيق باب المندب للدول الخليجية، لاختصار مسافة إمدادات التجارة العالمية بين شرق الكرة الأرضية وغربها، مرورا بقناة السويس المصرية.
مشاركة :