أكد عدد من علماء الآثار أن طرق التجارة والحج القديمة التي كانت تربط بين مكة المكرمة والمدينة المنورة من جهة، وبين دول العالم من جهة أخرى، ساهمت في تطوير الاقتصاد العالمي وأحدثت نقلة مهمة في التراث الإنساني من حيث السياسة والاقتصاد والثقافة بين مختلف المناطق والقوميات، باعتبارها معبراً ثقافياً واجتماعياً ذا أثر عميق بين المجتمعات في العالم القديم. وقال أستاذ التاريخ الإسلامي بجامعة القوميات بشمال غرب الصين الدكتور أسامة منصور خلال ورقة علمية قدمها في الملتقى الأول لآثار المملكة بعنوان «مكة المكرمة والمدينة المنورة في المصادر الصينية: «منذ أن وصل الإسلام بلاد الصين في القرن الأول الهجري الذي يوافق عصر أسرة تانغ الصينية (618-709م) وانتشر بعدها في مناطق الصين المختلفة، وازدادت أعداد المسلمين هناك؛ فقد صار بيت الله الحرام مكانا مقدسا لهم، وأصبحت رحلة الحج حلما تهون من أجله الصعاب بل والحياة أيضا». من جهته، أكد مستشار رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني للتراث سعد الراشد أن عرب الجزيرة العربية كان لديهم رصيد من التراكم الحضاري والثقافي والسياسي أهّلهمْ للتفاعل والتكيف مع المجتمعات في الأقطار التي وصلوا إليها، مشيراً إلى أن طرق الحج وطرق التجارة في الجزيرة العربية شكلت شبكة للتواصل الحضاري والاقتصادي والثقافي قبيل الإسلام ليس في إطار الجزيرة العربية ومنافذها البرية والبحرية فحسب، بل مع مدن القوافل والحواضر الأخرى في بلاد العراق والشام ومصر وجنوب شرق إفريقيا. وقال الراشد: «الجزيرة العربية شهدت في العصر الاسلامي ظهور وتطور سبعة طرق رئيسة للحج والتجارة هي طريق الحج الكوفي وطريق الحج البصري وطريق الحج الشامي وطريق الحج المصري وطريق الحج اليمني الساحلي وطريق الحج اليمني الداخلي وطريق الحج العماني، وتتصل هذه الطرق مع بعضها البعض في نقاط رئيسة او بواسطة طرق فرعية ولقيت طرق الحج عناية فائقة من الخلفاء المسلمين والامراء والوزراء والاعيان ومن محبي الخير من التجار والوجهاء على مر العصور وبعض الطرق استمر استخدامه حتى عهد قريب والبعض الآخر اندثر بسبب الظروف المناخية والاقتصادية والهجرات السكانية، واقيمت على طرق الحج منشآت عدة مثل المحطات والمنازل والمرافق الاساسية من برك وابار وعيون وسدود وخانات ومساجد واسواق كما اقيمت علي هذه الطرق الاعلام والمنارات والاميال التي توضح مسار تلك الطرق وتفرعاتها، وحفظت المصادر التاريخية والجغرافية معلومات مهمة من طرق الحج في الجزيرة العربية». وأضاف: «تعددت الطرق التي سلكتها قوافل حجاج بيت الله إلى مكة لأداء منسك الحج، وحفظت المصادر التاريخية سبعة طرق رئيسة هي: 1- الكوفة ويعد هذا الطريق من أهم طرق الحج والتجارة خلال العصر الإسلامي، واشتهر باسم «درب زبيدة» نسبة إلى السيدة زبيدة واستخدم الطريق بعد فتح العراق وانتشار الإسلام في المشرق وأصبح استخدامه منتظما وميسورا بدرجة كبيرة، إذ تحولت مراكز المياه وأماكن الرعي الواقعة عليه إلى محطات رئيسة. 2- البصرة يبدأ من مدينة البصرة مرورا بشمال شرق الجزيرة العربية عبر وادي الباطن مخترقا مناطق صحراوية عدة أصعبها صحراء الدهناء، ثم يمر بمنطقة القصيم التي تكثر فيها المياه العذبة، وبعدها يسير الطريق محاذيا لطريق الكوفة - مكة المكرمة حتى يلتقيا عند محطة أم خرمان التي تقع على مسافة عشرة أميال من موقع ذات عرق. 3-الحج المصري ويسلكه حجاج مصر ومن رافقهم من حجاج المغرب والأندلس وأفريقيا في طريقهم إلى مكة المكرمة متجهين إلى شبه جزيرة سيناء للوصول إلى أيلة «العقبة» وهي أول محطة في الطريق، وبعد أيلة تمر قوافل الحجاج على حقل، ثم الشرف، ثم مدين «مغائر شعيب - البدع. وكان لحجاج مصر طريقان بعد رحلتهم من مدين أحدهما داخلي، والآخر ساحلي. وظل الطريق البري الساحلي في خدمة قوافل الحجاج المصريين حتى عام 1310هـ، وبعد هذا التاريخ عاد الحجاج المصريون مرة أخرى إلى السفر بحرا من السويس إلى جدة. 4-الحج الشامي ويربط بلاد الشام بالأماكن المقدسة في مكة المكرمة والمدينة المنورة، وعرف باسم التبوكية نسبة إلى بلدة تبوك التي يمر عليها ويبدأ مساره من دمشق ويمر ببصرى الشام «درعا»، وبمنازل أخرى أهمها أذرعات، ومعان والمدورة «سرغ» ثم يدخل أراضي المملكة ليمر على حالة عمار، ثم ذات الحاج بتبوك، ثم الأقرع، ثم الأخضر الذي تقع فيه محطة المحدثة، ثم محطة المعظم، ثم الحجر، ثم العلا ثم قرح. 5-الحج اليمني من طرق الحج التي ربطت بين اليمن والحجاز منذ العصور القديمة، لذا فقد تعددت طرق الحج اليمنية واختلفت مساراتها، وتعددت كذلك المدن التي تسير منها، ولعل أهم المدن اليمنية التي كانت تنطلق منها جموع الحجاج اليمنيين إلى مكة هي عدن، وتعز وصنعاء وزبيد وصعدة في شمال اليمن. وكان حجاج اليمن يسلكون ثلاثة طرق هي الطريق الساحلي والطريق الداخلي أو الأوسط، والطريق الأعلى، ولكل منها محطاته. 6-الحج العماني يسلكه حجاج عُمان إلى المشاعر، فأحدهما يتجه من عمان إلى يبرين، ثم إلى البحرين، ومنها إلى اليمامة، ثم إلى ضريه. 7- حج البحرين - اليمامة يعد رافدا مهما من روافد طريق حج البصرة، لما له من أهمية، إذ انه يعبر الأجزاء الوسطى من الجزيرة العربية، مارا بالعديد من بلدانها وأقاليمها، ويربط بين الحجاز والعراق مركز الخلافة العباسية، وقد حظي حجاج هذا الطريق برعاية الدولة الإسلامية وخصوصا في توفير الخدمات المهمة، وحماية الحجاج السائرين عليه من أي اعتداء يقع عليهم من قطاع الطرق». فريق سعودي متخصص لمعالجة تشوهات الرسوم الصخرية يقوم فريق سعودي متخصص في قطاع الآثار بالهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بمعالجة التشوهات التي تتعرض لها الرسوم الصخرية في مناطق المملكة من خلال تقنيات حديثة تعمل على إزالة التشوهات دون الإضرار بالنقوش والرسوم الصخرية لتي تعد كنزا تاريخيا مهما. وتتم معالجة التشوه من خلال معاينة الصخرة وفحص مدى قابليتها لاستجابة المواد الكيماوية من طريق عمل تجارب للوصول لأفضل الطرق للمعالجة، ومن ثم عمل كمادات كيميائية تترك على المناطق المراد معالجتها تقوم بسحب الطلاء الملون مع ضمان عدم تأثيرها على النقش او الرسوم الصخرية، وتختلف طرق المعالجة حسب نوعية الصخرة. وتعتبر الطلاءات الملونة اكثر أنواع التشوهات التي تتعرض لها الرسوم الصخرية، ومن أبرز المواقع التي قام الفريق بمعالجتها: صخرة عنترة في منطقة القصيم، والواجهات الصخرية في مدائن صالح ومنطقة الديوان، ونقش اثري في جبل احد بالمدينة المنورة، وصخرة عليها رسوم صخرية بمحافظة المجاردة، وصخرة عليها نقوش أثرية في سوق عكاظ بالطائف. وبموجب نظام الآثار والمتاحف فإنه تتم معاقبة من يقوم بتشويه أو إزالة الآثار والمواقع الأثرية والتعدي عليها.
مشاركة :