قبل 5000 سنة، طحن السومريون والسومريات الأحجار الكريمة ليزينوا بها وجوههم، خصوصاً منطقتي حول العينين وعلى الشفتين. وخلال حكم كليوباترا، استخدم المصريون حشرات وبعض النباتات البحرية ليستخرجوا منها اللون الأحمر المائل إلى البنفسجي خصوصاً ويضعوه على شفاههم، علماً أن اللون المستخدم كان يرمز إلى الطبقة الاجتماعية في البلاد وقتها. أما كليوباترا، فاستخدمت أحمر شفاه مصنوعاً من نوع من الخنافس يعطي صباغاً أحمر داكناً بإضافة نمل ومادة مستخرجة من صَدَفة أحد الحيوانات البحرية. وبين عامَي 3000 و1500 قبل الميلاد، استعانت نساء بلاد السند (ما يعرف اليوم بالبلاد التي تمتد من شمال شرقي أفغانستان إلى باكستان وشمال غربي الهند) بمواد ملونة لتزيين شفاههن بهدف أن يصبحن أكثر جاذبية. أما اختراع أحمر الشفاه الذي ينتشر اليوم حول العالم، فيعود الفضل في وجوده إلى الجراح وعالم الكيمياء الأندلسي أبو القاسم الزهراوي الذي ابتكر منتجاً شبيهاً جداً بالمنتج المطور، وكان عبارة عن أعواد معطرة مصنوعة من مواد صبغية ومضغوطة في قوالب خاصة، وهو وصف تلك «الأقلام» في كتابه الشهير «التصريف». وفي الصين، استخدم سكان البلاد أول أحمر شفاه مصنوع من شمع العسل قبل أكثر من ألف سنة لحماية شفاههم الحساسة. وخلال عصر حكم سلالة «تانغ»، أضيفت إلى المنتج زيوت عطرية لإعطائه رونقاً خاصاً. أما في أستراليا، فقد استعانت به الفتيات من السكان الأصليين كرمز للبلوغ. مرّ أحمر الشفاه بمراحل عدة حيث كان يستخدم، خصوصاً في بريطانيا والولايات المتحدة الأميركية. ففي إنكلترا مثلاً، وفي القرن الـ16، اكتسب أحمر الشفاه ومستحضرات التجميل عموماً شعبية كبيرة، إلا أن استخدامها كان محصوراً بالنساء اللواتي ينتمين إلى الطبقات الراقية والممثلين. أما في القرن الـ19، فأصبح استخدام تلك المساحيق، خصوصاً أحمر الشفاه، غير مقبول للنساء المحترمات، وصار مرتبطاً بالمجموعات المهمشة وبائعات الهوى. وفي الولايات المتحدة في القرن الـ19، كان أحمر الشفاه يستخرج من صبغة الكارمين التي تتميز بلونها الأحمر الداكن، والتي كانت تستخرج من حشرات تعيش في نبات الصبار. في ذلك الوقت، كانت صبغة الكارمين باهظة الثمن ولم تستطع كل فئات المجتمع شراءها. ونظراً إلى لونها الحاد والداكن، اعتبر وضعها في الأيام العادية غير مستحب بتاتاً. وعام 1880، قررت الممثلة الشهيرة ساره برنارد وضع تلك «الحمرة» علناً والمشي في الشوارع، حتى يتعود الناس على ذلك المظهر. تغيرت النظرة شيئاً فشيئاً إلى ذلك اللون، خصوصاً عام 1890 بعدما خففت حدة اللون بزيوت خاصة، حتى وصلنا إلى العام 1912 حين صار وضع أحمر الشفاه من أساسيات التبرج، وبات يصنع من الشمع والزيوت والدهون والمطرّيات. يذكر أخيراً، أن أحمر الشفاه اكتسب شعبية واسعة، ما جعله يستحق يوماً خاصاً به، وهو 29 تموز (يوليو)، حين يحتفل العالم، خصوصاً النساء، بـ «يوم أحمر الشفاه». حتى أن وينستون تشرشل منع وقف إنتاجه خلال الحرب العالمية الثانية نظراً إلى الإيرادات الهائلة التي كانت تدعم الاقتصاد البريطاني.
مشاركة :