أكدت نائبة المنظمة العالمية للتحلية رئيسة مهندسي مشاريع تقطير المياه في وزارة الكهرباء والماء المهندسة زمزم الركف، أهمية إيجاد مصادر أخرى للمياه غير التحلية من مياه الخليج، خصوصاً أن المنطقة بها مفاعلات نووية تقع على الخليج العربي، مشددة على أهمية تبادل الخبرات الخليجية في التحلية، والتي تعد الأقدم في العالم. وقالت الركف، في لقاء مع «الجريدة»، إن الجهود التي تبذلها الدولة لتوفير المياه للمستهلكين كبيرة، إضافة إلى الدعم الضخم الذي تقدمه أيضاً في هذا الشأن، مما يتطلب المحافظة على المياه، وعدم هدرها... وفيما يلي التفاصيل: • بداية حدثينا عن الأمن المائي في الكويت؟ - توفير المياه من التحديات الكبيرة التي تواجهها جميع دول العالم، وأتوقع أن الحروب ستكون في المستقبل على المياه، ونحن في الكويت وفي وزارة الكهرباء والماء نقوم دائما بدراسة مستمرة للاحتياجات المستقبلية للمياه آخذين بعين الاعتبار الزياده السنوية للاستهلاك، بما يتناسب مع الزيادة السكانية، والتوسع في المشاريع الإسكانية للدولة. والمشاريع التي تنفذ لا تنفذ عشوائيا بل من خلال دراسات مستفيضة. وهناك حرص من كل العاملين في الوزارة على تأمين المياه للمستهلكين، وهذا هو الهدف الذي نعمل من أجله، ولا يمكن أن نسمح بأن تنقطع المياه عن أحد، لذلك يتم ترتيب مشاريعنا في خطة التنمية، من خلال لجنة التخطيط بالوزارات، لتدخل مشاريعنا حيز التنفيذ في وقت مدروس، ودائما نحرص على أن تكون وحداتنا ذات جاهزية واعتمادية عالية. ويجب ألا تعتمد الكويت على التحلية فقط، بل ينبغي أن تكون هناك مصادر أخرى للمياه، على سبيل المثال، توفيرها من الدول الغنية بالموارد المائية الطبيعية، واعتماد ذلك لتحقيق الأمن المائي في البلاد، فنحن نعتمد فقط على البحر، وهنا تكمن الخطورة، لأن مياه الخليج تتغير من حيث تركيز الأملاح والملوثات التي تتزايد مع وجود المحطات القائمة، والمشاريع الصناعية التي تقع على الخليج العربي، إضافة إلى وجود المفاعلات النووية، التي تهدد الأمن المائي في حالة حدوث أي مشكلة- لا قدر الله- لذلك لابد أن نبحث عن مصادر أخرى للمياه، لتحقيق الأمن المائي. • ماذا عن الربط المائي الخليجي؟ - هناك حديث عن ربط مائي خليجي، ولم نر شيئاً إلى الآن، والتحديات المائية تمثل هاجسا لدول مجلس التعاون الخليجي مجتمعة في وقت تعاني هذه الدول استهلاكا عاليا للمياه، إضافة إلى المناخ الصحراوي القاسي، ومحدودية الموارد الطبيعية للمياه، مما يحتم علينا في دول الخليج العمل معا لوضع رؤية مستقبلية واضحة لمحاولة التغلب على تلك المشكلة. نجحت دول مجلس التعاون الخليجي في تحقيق الربط الكهربائي فيما بينها، ولابد أن يكون هناك ربط مائي بينها في المستقبل، ولابد من اتخاذ إجراء سريع لتحقيق الأمن المائي الخليجي، وتنفيذ الربط المائي. جودة تحلية المياه • حصلت الكويت مؤخراً على المركز الأول بين الدول العربية والخليجية في جودة تحلية المياه، فكيف وصلت إلى هذا المستوى؟ - لدينا فيما يخص جودة المياه في الكويت نظام مراقبة دقيق جدا، ومتكامل وعلى مدار الساعة، ولدينا بالوزارة مراقبة من أكثر من جهة، كمركز تنمية مصادر المياه، وإدارة الاعمال الكيماوية، ومختبرات محطات التحلية، إضافة الى وزارة الصحة، والهيئة العامة للبيئة كجهات خارجية، كما أننا نراعي في محطات التحلية أحدث الأنظمة في العالم، ودائما وحداتنا ذات جاهزية عالية، ومجهزة بأجهزة مراقبة وتحكم لضمان أن يكون المنتج النهائي حسب المواصفات العالمية. وقامت منظمة الصحة العالمية بالتعاون مع اليونسكو بوضع برنامج لتقييم مياه الشرب، ومياه الصرف الصحي في جميع دول العالم، وقامت وزارة الكهرباء والماء بتزويد المنظمة الدولية بالبيانات التي تخص خصائص مياه الشرب المنتجة، وبرنامج مراقبة مياه الشرب المراجع والمواصفات المتعلقة بنوعية مياه الشرب، واستحقت الكويت بجدارة المركز الأول عربيا بنسبة 100 في المئة فيما يخص جودة مياه الشرب. • وماذا عن إضافة المياه قليلة الملوحة؟ - عند إضافة المياه قليلة الملوحة يتم فحصها على مدار الساعة، وتضاف بنسبة مدروسة حسب المياه المنتجة من وحدات التحلية، ونراعي في المنتج النهائي بعد الخلط مواصفات الصحة العالمية لجميع الاملاح والمواد اللازمة لصحة الإنسان، ومياه «الحنفية» بالكويت أفضل من المياه الموجودة في الدول الكبرى، لأن في هذه الدول نظام المياه المحلاة ليس معمما على كل مدنها، فلديهم مياه معالجة يتم خلطها، لكن في الكويت، ولله الحمد، المياه التي تخرج من «الحنفية» من أنظف وأفضل أنواع المياه في العالم. • بعض الناس لا يثق بمياه «الحنفية» فما السبب في ذلك؟ - أفاجأ عندما أرى المواطنين في الجمعيات يملؤون العربانات بالمياه المعبأة في الزجاجات البلاستيكية، في حين أن هذه المياه إذا تعرضت للحرارة يصيبها التلوث، لأن هذا البلاستيك يتفاعل مع الحرارة، ونتيجة هذا التفاعل يتم تكوين مواد سامة، فكيف يمكن ضمان سلامتها أثناء النقل والمناوبة، خصوصا أننا نعيش في بلد حار؟ لا يستطيع أحد أن يضمن سلامة تلك المياه المعبأة، في حين أن المياه التي تخرج من «الحنفية» طبيعية متغيرة، وهي مضمونة وتخضع لمراقبة عدة جهات. • هناك عدة جهات تعمل في المعالجة وفي أبحاث المياه، فلماذا لا يتم إدراجها تحت مظلة واحدة؟ - دعوت دائماً إلى إنشاء هيئة للمياه، فنحن لدينا في الكويت مياه معالجة تنتجها وزارة الأشغال، وعندنا مياه محلاة تنتجها وزارة الكهرباء والماء، وهناك جهات رقابية تتابع إنتاج المياه، فلماذا لا يكون لدينا هيئة مياه تجمع تحت مظلتها كل تلك الجهات؟ وتقوم وزارة الكهرباء والماء بدورها على أكمل وجه، وتنتج وزارة الأشغال مياهاً معالجة، ولابد أن يكون هناك تنسيق بين الجهتين، وهناك بعض المشاريع التي يقوم بها معهد الأبحاث لإيجاد وسائل أخرى للمياه، وتقليل التكلفة، ورفع الكفاءة، وفي حال وجود هيئة للمياه ستوحد تلك الجهود لتحقيق الأمن المائي، فالكل يعمل ويجتهد، لكن عندما توحد تلك الجهود سنخرج في النهاية بنتائج أفضل وأوفر، وتستهلك وتستغل جميع الموارد التي لدينا، وهذا الأمر مهم جدا، وفي الدول المتقدمة هناك هيئات متخصصة للمياه. • طعم المياه في الكويت يختلف عن طعمها في دول الخليج كالسعودية وعمان وغيرهما فما السبب؟ - يعود ذلك إلى عدم توحيد مواصفات المياه في دول مجلس التعاون الخليجي، فعندما تخرج من الكويت عبر الحدود إلى السعودية أو البحرين مثلا وتتذوق طعم المياه تجده مختلفا، والسبب هو أن مواصفات التحلية مختلفة وغير موحدة في دول الخليج، لذا لابد أن يتم توحيد المواصفات القياسية لمياه الشرب، وطرق التحلية المختلفة من أنظمة حرارية وأنظمة باستخدام الأغشية، فالمصلحة ستكون للجميع، فكل الخليج به خبرات وتجارب خاصة بالتحلية، فلابد أن تطرح المواضيع المشتركة بين دول مجلس التعاون، ويتم تبادل هذه الخبرات، وتوحيد مواصفات مياه الشرب. المواصفات العالمية • ماذا عن المواصفات العالمية للمياه؟ - المواصفات العالمية للمياه بها مساحة، وكل دولة لها رؤيتها ولها أرقامها، فالمواصفات العالمية لمياه الشرب محددة بنطاق معين «لا يقل المعدل عن كذا، ولا يزيد على كذا»، فلا يتم تحديد نسبة ثابتة للمواد المذابة في مياه الشرب، ولا في المقاييس المحددة لها، إضافة إلى أن الظروف مختلفة، والمتغيرات مختلفة بين الدول. • تسعى الوزارة دائماً إلى توفير استخدام الطاقة في مشاريعها من خلال تقنيات حديثة، فما الجديد في هذا الشأن؟ - وزارة الكهرباء والماء حريصة على توفير الطاقة في مشاريعها المختلفة، وفي مشروع الزور للتناضح العكسي أنتجنا 30 مليون غالون إمبراطوري يوميا بتوفير في التكلفة الرأسمالية بنحو 40 في المئة، وفي التكلفة التشغيلية بما يقارب 20 في المئة، وقد دخلت هذه الوحدة الخدمة بتاريخ 02/07/2014، حيث تم التوفير عن طريق استغلال الطاقة المطرودة إلى البحر من المحطة. إنتاج 560 مليون غالون حتى 2035 عن المشاريع التي تقوم بها وزارة الكهرباء حالياً لتعزيز الوضع المائي في البلاد قالت الركف، «إننا ننفذ حالياً مشروع الدوحة للتناضح العكسي للمرحلة الأولى لإنتاج 60 مليون غالون إمبراطوري في اليوم، وتم توقيع العقد في 30/5/2016، ونتوقع أن يدخل الخدمة نهاية العام الحالي، والآن وصل إنجاز المشروع إلى 82 في المئة، وهو من أكبر المشاريع في المنطقة، وسيتم على مرحلتين، الأولى 60 مليون غالون، والثانية 60 مليوناً أيضاً، التي ستطرح كمناقصة في السنة المقبلة». وتابعت الركف: «لدينا أيضاً محطة الزور الشمالية، المرحلتان الثانية والثالثة، وسيكون الإنتاج حوالي 165 مليون غالون، وهذا المشروع يتم تنفيذه عن طريق هيئة الشراكة، ولدينا مشروع النويصيب، المرحلتان الأولى والثانية بقدرة إنتاجية 150 مليون غالون، ومشروع الخيران قدرته 125 مليوناً، وتلك المشاريع التي يبلغ اجماليها 560 مليون غالون يومياً سيتم توزيعها على السنوات المقبلة حتى عام 2035». وأضافت: «لدينا مشاريع جديدة ستكون محل المحطات القديمة، مثل الشعيبة الجنوبية التي ستحل محلها محطة جديدة، وستأتي بعدها محطة الدوحة الشرقية، ثم تليها محطة الدوحة الغربية، وهذه المشاريع تتم برمجتها في خطط زمنية مدروسة تراعى فيها الزيادة السنوية في الاستهلاك التي تقارب الـ 5 في المئة سنوياً». وقمنا بإجراء تهجين بين الوحدة الجديدة، مع المحطة القائمة، فاستخدمنا المياه الخارجة من المحطة إلى البحر، وهي ذات درجة حرارة عالية نسبيا بالمقارنة مع درجة حرارة مياه البحر، وتم إدخال تلك المياه إلى وحدة التناضح العكسي، وعند ارتفاع درجات حرارة المياه في التناضح العكسي يزيد انتاج المياه بنسبة 3 في المئة لكل درجة مئوية. ووفرنا بإنشاء مآخذ ومخارج جديدة للوحدة، واستخدمنا مرحلة واحدة فقط في وحدة التناضح العكسي، وخلطنا المنتج من الوحدة الجديدة مع المنتج من الوحدات القائمة في محطة الزور الجنوبية التي تعمل بنظام التقطير الومضي متعدد المراحل، وهذا يوفر في المياه القليلة الملوحة التي تستخدم وتخلط مع المياه المقطرة المنتجة. وهذا ما نسعى إليه في مشاريعنا المختلفة والمستقبلية المحاولة لخفض التكاليف الرأسمالية والتشغيلية، خصوصا أن تكلفة إنتاج المياه الصالحة للشرب مرتفعة جدا. • ما التكلفة الفصلية للمشروع؟ - تكلفة مشروع الزور للتناضح العكسي لإنتاج مليون غالون امبراطوري في اليوم، 53 مليون دينار تقريبا، في حين أن تكلفة مشروع الشويخ للتناضح العكسي لإنتاج 30 مليون غالون امبراطوري باليوم تبلغ 88 مليون دينار. • تعتمدين في مشاريعك على فريق عمل كويتي فهل هذا صحيح؟ - حرصت في مشروع الدوحة للتناضح العكسي على أن يكون فريق العمل كويتيا مئة في المئة، ولابد في بلد مثل الكويت أن نعتمد على المهندسين الكويتيين، خصوصا أننا بلد يفتقر إلى الموارد المائية، وكان هدفي أن أنفذ المشروع بأياد وطنية، ونجحت في ذلك، خاصة أن لدينا الخبرة في مجال التحلية، فالكويت من أوائل الدول في العالم التي عملت بالتحلية من أوائل خمسينيات القرن الماضي.
مشاركة :