زواج الرياضيات خطوة لا تحتمل التخمين

  • 7/30/2018
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

القاهرة - لعل الصورة النمطية للرجل الشرقي المحصورة، بين إصراره على تلبية الزوجة لكافة متطلباته الحياتية، وبين غيرته من تفوقها في العمل، أصابت بعض بطلات الرياضة بالخوف من فكرة الزواج، فضلا عن تأثير الزواج على طبيعتهنّ الجسمانية بفعل الحمل والولادة. غير أنه لا يمكن القياس على مثل هذه الحالات، وإن طغت على الأغلبية، لأن الزواج نفسه كان سببا في تفوق بطلات أخريات، كان شريك الحياة هو الدافع الأول نحو النجاح، ومن الطرائف التي تتردد أن جمال العلاقة العاطفية تنشأ هنا داخل الملعب وليس على شاطئ البحر أو في “كوفي شوب”. وبين العزوف عن الزواج خوفا من الفشل أو اعتباره دافعا للنجاح، تعيش بطلات الرياضة في مصر أياما وليالي طويلة في حيرة من أجل اتخاذ القرار الصائب، وما يضاعف من صعوبة الأمر أن الرياضة تحتاج إلى ذهن صاف، واضطرار الزوجة للابتعاد عن بيتها لفترات طويلة بسبب التدريبات والمعسكرات الخاصة بالبطولات، في الداخل والخارج، ما يتطلب مرونة من الزوج. ورغبة الرياضيات في تأجيل خطوة الزواج ليست قاصرة على العربيات فقط، بل هي تخوف عام، فقد كشفت دراسة لجامعة هارفارد الأميركية السر وراء عزوف لاعبات التنس العالميات عن الزواج، وأرجعت ذلك إلى عدم القدرة على الوفاء بالواجبات تجاه الأزواج والأبناء، والانشغال بالتدريبات والبطولات، فضلا عن عدم رغبتهن في تراجع مستوى اللياقة البدنية لديهن. وأقرب مثال هو لاعبة المنتخب الألماني فاطميرة بايراماي، التي رصدت مواقع رياضية عالمية مشوار تألقها حتى انضمت إلى نادي باريس سان جيرمان الفرنسي عام 2015، لكن ظروف الحمل منعتها من المشاركة في نهائيات كأس العالم خلال نفس العام. بين العزوف عن الزواج خوفا من الفشل أو اعتباره دافعا للنجاح والتألق تعيش البطلات حيرة لاتخاذ القرار الصائب وتؤيد لاعبة الكاراتية المصرية سارة عصام فكرة تأجيل الزواج، وقالت اللاعبة الحاصلة على فضية بطولة العالم في 2016، لـ”العرب”، إنها لا تفكر في الارتباط إلا بعد المشاركة في دورة الألعاب الأولمبية 2020، واعتبرت الزواج والإنجاب يمنعانها من تحقيق هذا الحلم. ومرت اللاعبة بتجربة ارتباط كتب لها الفشل بسبب تحكم الطرف الآخر، ولم تنكر أن بعض الأزواج لديهم استعداد لتقديم الدعم والمساندة المعنوية لزوجاتهم، لكن أكثرهم لا يقدمون هذا الدعم في الحقل الرياضي لعدم تقبل سفر الزوجة وقضاء وقت طويل في المعسكرات التدريبية. وبنفس الطريقة تفكر بطلة سباق السيارات المصرية آلاء سليم، وقالت في تصريحات لـ”العرب” إنها لا تفكر في الزواج قبل تحقيق أحلامها الرياضية، واستشهدت بتجارب عديدة لصديقات لم يكلل معظمها بالنجاح، وتحديدا إذا كان الزوج يمارس نفس الرياضة، وقد يصاب بالغيرة إذا تفوقت زوجته عليه في التصنيف. وأشارت إيمان عبدالله، خبيرة الصحة النفسية والعلاقات الزوجية لـ”العرب”، لا توجد قاعدة محددة لنجاح التجربة، والمرأة التي يحتاج مجال عملها للتفرغ، لديها كل الحق في العزوف عن الزواج، أو تأجيله حتى تحقق النجاح المهني، لأن الرجال لديهم نزعة سلطوية تهيمن على تصرفاتهم، وأغلبهم يتشدقون بحقوق المرأة ودعمها، وفي الوقت ذاته يكرهون نجاحها وتفوقها. وأكدت عبدالله، وجود عدة اختلافات بين رجل وآخر، تعود إلى التربية والثقافة والبيئة المحيطة، لذا فهناك أزواج يدعمون زوجاتهم وآخرون لا يطيقون تفوقهن، لكن هناك بطلات صنعن المجد من “عش الزوجية”، بل اعتبرن الزوج قاسما مشتركا في تحقيق هذا النجاح. وتعتبر لاعبة رفع الأثقال المصرية فاطمة عمر، الملقبة “بالمرأة الذهبية”، بطلة إحدى التجارب الناجحة، وقالت البطلة البارلمبية لـ”العرب”، إن زوجها هو الإنسان الوحيد الذي تستمد منه طاقتها النفسية قبل اللعب، لكونه يمارس نفس الرياضة، ولفتت إلى أنه يتكفل بالواجبات المنزلية ورعاية ابنتيهما (16 و7 سنوات)، في أوقات غيابها عن المنزل. عزوف لاعبات التنس العالميات عن الزواج لعدم القدرة على الوفاء بالواجبات تجاه الأزواج والأبناء، والانشغال بالتدريبات والبطولات وعدم رغبتهن في تراجع مستوى اللياقة البدنية لديهن ووصفت عمر زوجها، بأنه من الرجال النادرين الذين يدعمون الزوجات، لافتة إلى أنها تعرف نماذج لرياضيات ورياضيين فشل زواجهم بعد فترة وجيزة من الارتباط، بسبب غيرة الزوج من تفوق زوجته. أما رحاب الغنام وحمدي الصافي لاعبا كرة السلة السابقين، فكانت الشرارة الأولى للحب بينهما منذ 19 عاما، حين أعجبت بحمدي في إحدى البطولات، وأكدت الغنام، لـ”العرب”، أن زوجها منحها طاقة كبيرة للاستمرار والتفوق، وكان يقوم بدور الأب والأم لأبنائهما وقت غيابها، ولفتت إلى أنها شاركت في إحدى البطولات بدولة عربية واستمر غيابها عن المنزل نحو 15 يوما، فتولى زوجها رعاية البيت وكان أحد أبنائها لا يتجاوز العامين. وقالت إن ممارسة زوجها لنفس اللعبة، جعلته يقدم لها النصائح المهمة في المباريات، ولم يتوقف دعمه عند هذا الحد، بل ساندها وشجعها في تجربة خوض الانتخابات الخاصة بعضوية الاتحاد المصري لكرة السلة. واشتهرت لعبة الإسكواش بالجمع بين لاعبين ولاعبات في بيت الزوجية، بعد قصص حب بدأت من الملعب الزجاجي، فمنذ عشر سنوات تزوج اللاعب المصري كريم درويش الذي اعتلى التصنيف العالمي من قبل، باللاعبة أنجي خيرالله، وتزوج اللاعب طارق مؤمن المصنف الثامن عالميا، من اللاعبة رنيم الوليلي، أول لاعبة يتم إدراجها في التصنيف الأول للسيدات. ويعد أحدث زواج ذلك الذي جمع بين المصري علي فرج المصنف الخامس عالميا، والمصرية نور الطيب المصنفة العاشرة، ولم تنس الجماهير مشهد الثنائي في بطولة أميركا المفتوحة، عندما فازا باللقب على مستوى الرجال والسيدات، وشهد الملعب الزجاجي عناقا حارا بين الزوجين كشف فرحتهما بالشراكة في الانتصار. وأوضحت نور الطيب لـ”العرب”، أن هناك ميزة كبيرة في لعبة الإسكواش وهي أن البطولات يشترك فيها الرجال والسيدات، لذا فدائما تسافر هي وزوجها معا، وهو لا يغار منها حتى وإن كانت أعلى منه في التصنيف، وقد كان داعما لها منذ البداية.

مشاركة :