لم يأت فيلم كوميدي منذ فترة إلى الصالات اللبنانية و استطاع أن يبهر بجودته و بهجته الجمهور الحاضر مثلما فعل أحدث فيلم للمخرج ايلي حبيب "فيتامين". ببساطة، انه فيلم مكتمل بجميع عناصر النجاح سواء كان الأمر يتعلق بالتمثيل، أو الإخراج، أو الحبكة، أو التصوير السينمائي، أو الموسيقى، أو التصميم الإنتاجي، مما يجعله واحداً من أقوى أفلام هذه السنة بلا منازع. فيلم "فيتامين" يتمتع بمجموعة مميزة حقاً من الممثلين الذين عمل بعضهم من قبل مع المخرج حبيب، و لكنه هنا يعطي كل واحد منهم الشخصية المناسبة التي تتفق مع سماتهم الخاصة و مهاراتهم التمثيلية. فكرته تعود للمنتج جمال سنان والسيناريو والحوار للكاتبة كلود صليبا. الفيلم صور في جنوب لبنان في ظروف مناخية قاسية، وكان يتم التصوير لأكثر من 15 ساعة يومياً. الفيلم لبناني كوميدي، يحكي قصّة ثلاث شابات تعشن في قرية نائية تعاني من جفاف وظروف مناخية صعبة، فتحاولن الخروج منها إلى المدينة، وبغية تحقيق هدفهنّ تقمن بالاستيلاء على شاحنة نقل تمرّ أسبوعياً في القرية، لكن المفاجأة تكمن في ما تحتويه الشاحنة، ما سيقلب الأحداث رأساً على عقب. ماغي بو غصن تقدم بسهولة واحدة من أفضل أدوارها في حياتها المهنية الطويلة والمتميزة، بينما الممثل كارلوس عازار يلعب دور التحري يذكرنا جميعاً بقدراته التمثيلية الفريدة التي أتقنها بشدة في كل الأدوار التي قدمها، الممثلة السورية "شكران مرتجى" تنغمس في دورها و تقدم شخصية كوميدية لا مثيل لها من قبل، ورغم صغر دورها، إلا أنها جعلت الجميع يتكلم عنها، فهي امرأة مصابة بـ"متلازمة توريت"، ما يجعلها تخضع لانفعالات لا إرادية وتتلفّظ فجأةً بألفاظ بذيئة، معتبرةً أنّ "لسانها سليط، وأن لا شيء لديها تخفيه، فما في قلبها يأتي تواً على لسانها". وكانت شكران قد صرحت خلال جلسة مع الصحفيين بعد انتهاء الفيلم، حيث احتفل النجوم في مطعم وكافيه "خان الورد" بافتتاح الفيلم، بأنها اختارت اللوك الأحمر لشعرها لأنها وجدت أنه يناسب الشخصية أكثر، والكلام الذي قالته من تأليفها خلال لعبها لشخصية "مدام دح". بالإضافة إلى مجموعة أخرى من الممثلين هم: فؤاد يمّين،ختام اللحام ، كارلا بطرس، بيار جمجيان، مي سحّاب، سعد القادري وفرح بيطار. المثير للإعجاب في هذا الفيلم هو قدرة المخرج على ربط هذا الكم الهائل من الشخصيات من خلال نص محكم و ذكي يمكنه من إخراج فيلم متناسق و سلس لأعلى درجة. انه يجعل فيلمه يتقدم بثبات دونما ملل، و دون أن ينسى المشاهد الهادئة التي تتسنى لنا التقاط أنفاسنا، ولو للحظات بسيطة، قبل العودة لمتابعة احداث الفيلم الشيقة و المتسارعة. الفيلم اجتماعيّ كوميديّ، وقصّته في محلّ ما، تجمع ما بين الواقع والخيال، لا يحوي جرعة زائدة من الجرأة في الحوار وفي الأفكار، قدّمت الكاتبة لغته من المعجم اللغويّ المنتقى من اللغة اليوميّة في الشارع اللبنانيّ، ولم نلحظ سوى استخدام عبارة "فياغرا" التي لها دلالات جنسية إلا أنها لم تأت خادشة للحياء، إضافة إلى بعض اللإيحاءات الجنسية التي استخدمت في النص الحجواري، إلا أنها كانت كلها تصب في مصلحة الفيلم. هناك بعض المشاهد التطويلية في الفيلم كان يمكن الإستغناء عنها (رقص المسنين في ملهى القرية وغيرها) لأنهما أضعفا الايقاع، وكان يمكن بسهولة الاستغناء عن بعض ما فيهما لشدشدة القصة. طبعاً الفكاهة حاضرة من خلال سلسلة مشاهد بعضها غير متوقع ومضحك من دون افتعال، وبعضها الآخر هزلي ومفتعل وكاريكاتوري بشكل مبالغ (خصوصاً الثنائي بيار جماجيان وشكران مرتجى). إذن، الجمهور اللبناني والعربي على موعد مع الضحك من خلال هذا الفيلم المليء بالضحك والرومانسية والموسيقى والغناء ، ويمكن الإشادة بأغنية "كنت بفكر" كلمات وألحان مروان خوري ، والتي أدتها ماغي بإحساس عال. ترقبوا لقاءات مصورة مع النجوم الذين حضروا العرض لاحقاً على موقعنا
مشاركة :