يعتبر «سور مجرى العيون» أحد أهم المعالم الإسلامية في القاهرة، شيده السلطان الغوري قبل 800 سنة لإمداد قلعة صلاح الدين بالمياه عبر رفع مياه النيل بالسواقي إلى مجرى السور، فتجري المياه وصولاً إلى القلعة (مقر الحكم منذ العصر الأيوبي). كما يعتبر السور محوراً رئيساً في منظومة المنشآت المائية الإسلامية في مصر التي تتميز بعبقرية العمارة، لكن المنطقة الأثرية المحيطة به عانت الإهمال خلال السنوات الأخيرة بطريقة لا تتناسب مع طبيعته الأثرية، بعدما تحولت الأرض المحاذية له إلى مكبات للنفايات وتداخلت حركة المشاة والسيارات. ومن ثم جاء قرار وزارة الآثار المصرية ببدء ترميم السور وتطويره، إذ تعتزم إعادة القيمة التاريخية للمنطقة المحيطة، وتحويل السور إلى مزار أثري وتاريخي، ومن المزمع وضعه ضمن المسار السياحي الذي يبدأ من القلعة ويتقاطع مع شارع صلاح سالم وحتى كورنيش النيل، وصولاً إلى قصر محمد علي في المنيل. وتشمل الفلسفة العامة للمشروع المقترح لتطوير «سور مجرى العيون»، الاستناد إلى وضع رؤية شاملة للسور كلاً متضمنة منطقة المدابغ ومصانع الغراء بعد إزالتها، ثم صياغة رؤية تنموية للارتقاء بتلك المنطقة وتحسين واقعها الشكلي على المدى القصير وإعادتها إلى مكانتها السابقة على المدى البعيد. ويصاحبها إنشاء متحفين عن التقنيات القديمة، يقع أحدها في المنطقة الترفيهية المزمعة إقامتها مكان المدابغ وجنوب السور مباشرة، يعرض تطور صناعة الدباغة والجلود، ويعد بمثابة البوابة الشمالية للمحور الخدمي الترفيهي المقترح، ويعرض أفكار الهندسة الهيدروليكية في زمن إنشاء السور. وسيقام محور خدمي ترفيهي عمودي ليتكامل مع منطقة «المتحف القومي للحضارة» في الفسطاط، واستغلال المنطقة المحيطة بالسور كمنطقة ترفيهية سواء للمجتمع المحلي أو الزائرين المصريين والأجانب، كما سيشمل التطوير إنشاء منطقة خضراء يتخللها مسار مشاة رئيسي يتجه من الشمال إلى الجنوب، إضافة إلى إضاءة السور باستخدام أشعة الليزر ليظهر كتحفة فنية وللتغلب على الجزء المتهدم فوق شارع صلاح سالم، وستستخدم التكنولوجيا الحديثة في المؤثرات الخاصة ليظهر كأن المياه تتدفق منه باتجاه القلعة. وكشف مدير مشروع تطوير القاهرة التاريخية في وزارة الآثار المصرية محمد عبدالعزيز تفاصيل الخطة المقدمة للمنطقة، موضحاً أن المشروع يدخل ضمن نطاق المرحلة الثالثة من مشروع الإحياء العمراني للقاهرة التاريخية، وستشهد المنطقة مرحلة كبيرة من التطوير والصيانة، واستغلال الأماكن المحيطة والتي ستخلى من المدابغ لتصبح منطقة جذب سياحي. ولفت إلى أن منطقة السور ليست المدابغ فقط، ومشروع التطوير يتضمن المنطقة العشوائية المتصلة بها، مضيفاً أن وزارة الآثار تتولى مسؤولية ترميم السور والمنطقة المحيطة به وتطويرهما.
مشاركة :