تزامناً مع التغيرات الاقتصادية في المملكة و»رؤية 2030»، ازدادت ضرورة تربية وتوجيه الأبناء على زيادة الوعي والتثقيف بقيمة الريال، وهذا لم يكن شيئا ثانويا في السابق، ولكن كثير من الآباء والأمهات بعدما لاحظوا غلاء المعيشة، اتجهوا إلى التأكد من الطرق، التي انتهجوها منذ قديم الزمان، ليضيفوا ويصححوا عليها، ولينقلوا أسلوب حياة اقتصاديا واعيا إلى أجيال ستسهم بشكل كبير وفعّال في دعم مستوى اقتصاد الوطن. وهناك أبناء يلحون على الآباء في طلب الأموال ليهدروها بشكل خاطئ ومن دون رسم خطة، مما هو يعد من الضروريات أو الكماليات، وذلك بجانب تهميش الترتيب حسب الأهمية، مع معرفة المستويين الاجتماعي والاقتصادي للأسرة، وهذا هو العنصر الأهم والسبب الرئيس، الذي يجعل عملية الضغط على ولي الأمر قوية ليكون الناتج «خذوا ما تبغون» وترك التوجيه غالباً. توفير المال وقالت صباح النفيعي- اختصاصية نفسية-: إنه في عمر ثلاثة أعوام يبدأ الطفل بتعلم العد وتمييز الأحجام (كبير، صغير)، وبعمر أربعة إلى ستة أعوام يكون واعيا لمفهوم ووظيفة المال وعملية البيع والشراء، وفي عمر ثمانية أعوام من المهم الحديث عن توفير المال للغد، ذاكرةً أن بعض الأطفال يتأخرون في الإدراك، ولكن التصنيف السابق كان لمتوسط الأعمار في الإدراك، لذلك على الأهل تعويد الطفل منذ الصغر على أهمية توفير المال؛ لأن المدرسة تعلم الطفل الرياضيات والعد وليس التوفير وقيمة المال، مثلاً في السوق يخير الطفل بشراء شيء واحد فقط (لعبة، حلوى، بنطال..إلخ) مع الأخذ في الحسبان سعر هذه السلعة أيضاً، مبينةً أنه من الممكن أن يكون المال أسلوب تحفيز وتشجيع، كأن تقول لابنك: «لأن درجاتك هذا الفصل كانت ممتازة، ستكون هديتك مبلغا من المال»، مؤكدةً أن الإفراط في المال بلا حدود سيفقد قيمته عند الطفل، ما يؤدي لأن يصبح غير قادر على التحكم في رغباته، وما هو المهم في الحياة، وأيضاً سيزيد من اعتماد الطفل على أهله، وبالتالي سيكسب صفة التبذير والإسراف في المال. وأضافت: «ما تم ذكره كان بالنسبة للوقاية من الإسراف لدى الطفل، ومن شب على شيء شاب عليه، أمّا المراهقون والبالغون فيعود سبب اكتساب هذا السلوك إلى مشكلات أو خلل في الطفولة، لذلك يجب معرفة السبب لحل المشكلة»، مشيرةً إلى أنه من أحد الحلول الموثوقة الذهاب إلى عيادة نفسية لكشف سبب السلوك أولاً ثم تغييره. مصروف ثابت وأوضحت وهايب بن جريس –باحثة اقتصادية- أنه مما لا شك فيه أن رؤية 2030 كشفت بشكل كبير أن توجهها اقتصادي من ناحية سلوك الفرد إلى الحد من الإنفاق، بمعنى آخر رفع مستوى الادخار لدى الأسرة السعودية، وتعاوناً مع هذه المبادرة أو البرنامج يفترض على ولاة الأمر ترسيخ مفهوم الاقتصاد والتوفير في الأبناء، نظراً لكونه مهما جداً ليس فقط للاقتصاد، وإنما أيضاً على المستوى الشخصي، مؤكدةً أن هناك طرقا عديدة لتغيير الأنماط المبذرة أو الصورة، التي نراها من التقليل من قيمة الريال الفعلية، مقترحةً تعويد الابن على مصروف ثابت شهرياً يساعد على ترسيخ حس المسؤولية تجاه ما يملكه والادخار فيه. ترك الهدر وتحدث ناصر العموش– باحث اقتصادي- قائلاً: إنه لا بد من تعويد الابن منذ الطفولة على استشعار قيمة كل ريال بل كل هللة، وذلك بتوضيح سعر اللعبة أو الحلوى وغيرها من رغبات الأطفال، هذا بحانب التحاور مع الطفل عن كيفية جلب الأب والأم لهذه النقود، وأنها لا تأتي على طبق من ذهب، وبالتالي يجب وضعها في مكانها الصحيح، ومع تقدم عمر الابن سيكون شيئا راسخا وثابتا في ذهنه، بل ربما يصل إلى أن يكون هو المستشار الاقتصادي للأسرة، حيث إنه تشرب منذ الطفولة عدم التبذير وترك الهدر وإنفاق المال بما ليس كفئا له، مضيفاً أن هذا أسلوب والده معه أثناء طفولته ومراهقته، ونتاجه كان دخوله في عالم الاقتصاد، وتحمل كل ما يخص هذا الشأن، إضافةً إلى إدارة ممتلكات والده، مشيراً إلى أن الأبناء سيعمرون هذا البلد، وسيطبقون رؤية المملكة 2030، ولا بد من تهيئتهم منذ الصغر ليكونوا خير حامٍ لأموال وخيرات الوطن. طبقات مختلفة وذكرت منال السويدان– اختصاصية اجتماعية- أن المجتمع يتكون من طبقات مختلفة، ووفقاً لذلك سيكون معنى الاقتصاد مختلفاً لدى كل شريحة، مضيفةً أن التربية منذ الصغر ضرورة لتجنب أسلوب التبذير والإسراف في الكبر، وأنه لا بد على الآباء والأمهات التقدير والموازنة نسبياً مع الوضعين الاجتماعي والاقتصادي للأسرة، والبُعد كل البُعد عن الشد والتضييق الذي قد يؤدي إلى مشكلات اجتماعية بعيدة المدى على الابن، وهذا لا يعني أن الإفلات هو الغاية والمطلب، والذي ربما يكون سببا في دمار الابن وضياعه، مؤكدةً أن الوسط هو الحل، ولا بد من مسك العصا من وسطها ليتكون لدينا مجتمع واع بقيمة الريال. ترفيه الأبناء مطلب لكن يجب أن لا يكون على حساب أمور أكثر أهمية يجب أن يتعلم الأطفال قيمة المال جيداً
مشاركة :