لا مفر من هيمنة الصين على الذكاء الاصطناعي عالمياً

  • 7/31/2018
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

جون ثورنهيل كانت البداية عندما انهزم بطل العالم في الشطرنج 18 مرة أمام أول روبوت من صنع شركة «ديب مايند» عام 2016، حيث تنبه العالم إلى المدى الذي بلغته عبقرية الذكاء الاصطناعي في مواجهة الدماغ البشري.والمؤكد أنه نتيجة تلك المباراة لم تغب عن أذهان المسؤولين الصينيين، ومن بينهم لاعبون مهرة في لعبة التخطيط الاستراتيجي التي مضى على اختراعها 3 آلاف عام.وقد رأى فيها بعضهم شرخاً في جدار التقنية الصيني.ولا يمكن لأحد أن يتهم القيادة الصينية بالفشل في الاستجابة لتحدي الذكاء الاصطناعي. فالصين طبقاً لبيانات«فاينانشيال تايمز» تضخ الأموال الطائلة في أبحاث الذكاء الاصطناعي، وتحرص على نشر تقنياته في العديد من المجالات. وتسجل بكين تفوقاً لافتاً في عدد من مجالات تقنية الذكاء الاصطناعي، خاصة تقنيات تمييز الوجوه والأصوات حتى أنها تقود العالم على هذا الصعيد، وتتهم بخرق قوانين الخصوصية.وأعلن الرئيس شي جين بينج صراحة عن تطلع الصين لتصبح القوة الرئيسية الأولى في ابتكارات الذكاء الاصطناعي بحلول عام 2030. وتستثمر شركات التكنولوجيا القوية، والتي تتشابك مع مؤسسات الدولة، مثل «تينسنت» و«علي بابا» و«بايدو»، بسخاء في هذا القطاع. كما تتنافس المقاطعات الصينية على توطين نفسها كمراكز تكنولوجية، ولعل أحدث الخطوات في هذه المنافسة إعلان مدينة تيانجين عن إنشاء صندوق بقيمة 16 مليار دولار لدعم تقنيات الذكاء الاصطناعي.وربما تواجه الولايات المتحدة لأول مرة منذ نهاية الحرب الباردة، تهديدًا خطيرًا لهيمنتها التكنولوجية مع تداعيات عسكرية غير متوقعة. وقد حذر مركز الأمن الأمريكي الجديد من «عجز ابتكاري» يمنح الجيش الصيني فرصة السيطرة على ساحة المعركة.ويمكن النظر إلى المنافسة في تقنيات الذكاء الاصطناعي بشكل أفضل كجزء من صراع أوسع نطاقاً بين نموذج ديمقراطي لا مركزي ونظام استبدادي رقمي حسب توصيف مجلة «فورين أفيرز» التي رأت أن سباق التسلح الذي ساد في القرن العشرين بين الرأسمالية والاشتراكية، سوف يتكرر بين الديمقراطية الليبرالية والاستبداد الرقمي خلال القرن الحادي والعشرين. وإذا كانت الحرب هي استمرار للنزاع الاقتصادي بوسائل أخرى فلا شك أن الصينيين عازمون على كسب هذه الحرب، والذكاء الاصطناعي هو أحد الأسلحة الرئيسية في ترسانتها.وربما تحتفظ الولايات المتحدة حتى الآن بميزة مهمة في سباق التقنية. يقول جيفري دينج، الباحث في جامعة أكسفورد، أن قدرات الصين الحالية تبلغ فقط نصف قدرات الولايات المتحدة. ويرى أن الولايات المتحدة تتمتع بميزة واضحة من حيث تصميم الأجهزة، والبحث اللوغاريتمي وتسويق الأفكار تجاريا، وذلك بفضل بيئة العمل الفريدة في وادي السيليكون. لكن الصين تتفوق على الولايات المتحدة في حفظ البيانات وتجميعها، والتي غالباً ما يتم تقاسمها بين الشركات الخاصة والمؤسسات الحكومية. وتقدر مجموعة استشارية صينية أنه بحلول عام 2030، سيكون لدى الصين حوالي 30 في المئة من بيانات العالم التي تعتبر الوسيلة الرئيسية للإنتاج في العديد من برامج الذكاء الاصطناعي.وتتركز الفجوة بين الجانبين في مجال البحث والتطوير، حيث تهيمن الولايات المتحدة بفضل وجود عدد من الجامعات الرائدة على مستوى العالم. ورغم أن الأرقام ليست كل شيء، لكن الولايات المتحدة تفتخر بوجود 78 ألف باحث في الذكاء الاصطناعي، مقارنة ب 39 ألف باحث في الصين. وتوفر الولايات المتحدة المنفتحة على العالم نافذة أوسع لجذب النخبة من أفضل الأكاديميين من الخارج. وتسعى بكين لجذب الباحثين الصينيين العاملين في الخارج، أومن يسمون«السلاحف البحرية»، وجذب المزيد من المواهب الأجنبية.وإذا كانت لامركزية الولايات المتحدة تشكل عنصرا مهما لتطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي في المدى البعيد، إلا أن الصين لا بد أن تكون قد تعلمت من دروس الغرب خلال القرن الماضي. فالأزمات تحرض على تطوير تقنيات اللحظة الحرجة التي غالباً ما تكون مفيدة جداً لاحقاً.

مشاركة :