البخل يقف في طريق منح الآباء إجازة لرعاية الأبناء

  • 7/31/2018
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

نيويورك - لا تسمح الولايات المتحدة بمنح إجازة للأب لرعاية الأبناء، بينما تفعل ذلك دول مثل سورينام وبابوا غينيا الجديدة، وتمنح دول كثيرة في آسيا إجازة للأم فقط لرعاية الأبناء، من بينها الهند والصين. وفي الوقت نفسه، تعتبر نيوزيلندا الدولة الوحيدة التي تمنح إجازة رعاية أبناء للأمهات والآباء. وتطرح إجازة الأبوة جدلا في العديد من الدول العربية على عكس إجازة الأمومة، رغم المطالب المتصاعدة بترفيعها. وأقرت الأردن إجازة أبوة بثلاثة أيام، وهي نفس المدة التي أقرتها الجزائر والمغرب كما سمحت الإمارات بمنح الأب إجازة مدفوعة الراتب لمدة 3 أيام عمل خلال الشهر الأول من ولادة الطفل، شرط أن تتم الولادة داخل الدولة، أما أطول إجازات الأبوة إلى حد الآن فهي من نصيب جزر القمر وتبلغ 10 أيام. وفي السنة الماضية قالت وزيرة المرأة التونسية، نزيهة العبيدي، إن الوزارة بصدد مراجعة بعض الجزئيات في نص مشروع قانون متعلق بحماية الأمومة والأبوّة، قبل عرضه على مجلس الوزراء للمصادقة عليه. وأضافت أن مشروع القانون ينص على تمديد عطلة الأمومة إلى 14 أسبوعا في القطاعين العام والخاص، 4 أسابيع قبل الولادة و10 أسابيع بعد الولادة، وذلك تماشيا مع المعايير الدولية. كما يمنح ذات المشروع للزوج، عطلة أبوة مدتها 15 يوما، مقابل يومين لموظفي القطاع العام حاليا ويوم عطلة واحد لموظفي القطاع الخاص. ولم تتم المصادقة على المشروع إلى اليوم. وصرحت العبيدي خلال مداخلة لها في مجلس نواب الشعب في يوليو الماضي 2017 أن “هناك فلسفة خلف إجازة الأبوة، ففترة اليومين لا تعني شيئا في الأسرة، ما يهمنا هو توازنها والأب يضحي من أجل أبنائه ويستحق هذه الإجازة”. وربط الكثيرون التصريح بإجازة الشهرين التي اعتمدها مؤسس فيسبوك مارك زوكربرغ، بعد ولادة ابنته، والتي أثارت جدلا واسعا. ومن المثير للسخرية، أنه حتى عندما تكون هناك سياسات لمنح إجازة للآباء لرعاية الأبناء، فإنها تتم في نطاق محدود. وتتبع دولتا اليابان وكوريا الجنوبية، وهما من المجتمعات التي تهتم بالأب بصورة كبيرة، سياسة منح فترات إجازة للآباء، تعتبر هي الأطول بين الفترات التي تمنحها الدول الأخرى في العالم. الإجازة المدفوعة الأجر ترتبط بالاحتفاظ بالموظفين، ومن الممكن أن تساعد في سد فجوة الأجور بين الجنسين ويحق للآباء في اليابان الحصول على إجازة مدتها 52 أسبوعا بأجر يغطي نحو 60 بالمئة من متوسط الدخل الإجمالي، لتكون بذلك الأكثر سخاء بين دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، إلا أن ما يتراوح بين 2 و3 في المئة فقط من الآباء الجدد هم من يحصلون على تلك الاستحقاقات. وتقف وجهات النظر الراسخة -حول من يجب أن يعمل- بالإضافة إلى المعلومات المضللة حول دور الأب في رعاية الأبناء، في طريق فعالية هذه السياسات. فقد قام موظف في أحد البنوك باليابان برفع دعوى قضائية ضد صاحب العمل، وهي شركة “ميتسوبيشي يو. إف. جيه. مورجان ستانلي للأوراق المالية” يزعم فيها حرمانه من الحصول على إجازة بصفته أبا منفصلا عن زوجته، وعانى من مضايقات، وصلت إلى حد إقدام شركة السمسرة على فصله من العمل في وقت سابق من العام الجاري، ومازالت قضيته مطروحة في ساحة القضاء حتى الآن. وبحسب وكالة “بلومبرج” للأنباء، لا تختلف كوريا الجنوبية كثيرا عن اليابان من حيث عدد أيام الإجازة والتعويضات المتاحة، إلا أن النفقات العامة التي تخصصها كوريا الجنوبية للآباء والأمهات لرعاية كل طفل، تقل عن 5 آلاف دولار، وهو مبلغ أقل من متوسط المبلغ الذي حددته منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، كما أنه يعادل نصف المبلغ الذي تنفقه اليابان في هذا الصدد، وهو 10 آلاف دولار، أي ما يمثل الحد الأدنى للاستفادة من هذه الفوائد. وخلافا لهذه الحواجز، تبرر الشركات في الكثير من الأحيان سياساتها التي تتسم بـ”البخل”، حيث تقول إن تكلفة إجازة الأب لرعاية الأبناء مرتفعة للغاية، وإنها من الممكن أن تؤدي إلى تقليص عدد الوظائف. ومن جانبه، يطرح الأستاذ جودي هيمان، الذي يعمل في كلية الصحة العامة ومركز تحليل السياسات العالمية في جامعة كاليفورنيا بلوس أنجلس، سؤالا واقعيا، حول حجم تكلفة استبدال هذا الموظف، وبالنسبة لأي شركة عادية، ففي الحقيقة، تعتبر الإجازة مدفوعة الأجر أرخص من حيث التكاليف. وعندما نأخذ في الحسبان الوقت، والمال، والموارد الأخرى التي يتم إنفاقها، فمن الممكن أن يصل إجمالي تكاليف الاستبدال إلى ما يتراوح بين 90 بالمئة و200 بالمئة من راتب الموظف السنوي، وذلك بحسب ما يقوله جوش ليفز، مؤلف كتاب “كل شيء: كيف تحبط ثقافة العمل أولا الآباء والأسر والشركات، وكيفية علاج ذلك”. دبي قامت بتمديد إجازة الأمومة إلى ستة عشر أسبوعا وإجازة الأبوّة لمدة أسبوع واحد ويوضح ليفز أن الإجازة المدفوعة الأجر، ترتبط بالاحتفاظ بالموظفين، مما يقلل من النفقات ويعزز الأرباح. ولكن يبقى السؤال، من الذي يتحمل تكاليف الإجازة؟ في جميع أنحاء العالم، تقوم نظم التأمين الاجتماعي في الغالب بتغطية نفقات الإجازات المدفوعة، وذلك سواء بشكل كلي أو جزئي، مع وجود مساهمات من جانب أصحاب العمل والموظفين. وفي اليابان وكوريا الجنوبية، من الممكن للشركات التي تضم أقل من خمسة من العاملين أن تختار برامج تأمين إعانات الوالدين، لتكونا بذلك الدولتين الوحيدتين من بين الدول الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية التي تنطبق عليهما هذه الاستثناءات. ومازالت خطط التأمين الطوعية متاحة في هاتين الدولتين. ومن جانبها، وفرت الولايات المتحدة 12 أسبوعا من الإجازات غير مدفوعة الأجر في إطار قانون الأسرة والإجازات الطبية الذي دخل حيز التنفيذ في مطلع تسعينات القرن الماضي. وفي هذا العام، بدأت بعض الشركات الأميركية متعددة الجنسيات التي كانت تتبع في السابق القوانين المحلية، في تقديم سياسات عالمية متعلقة بإجازة الأمومة، تصل إلى 20 أسبوعا، إلا أنها تستمر في الالتزام بالممارسات المحلية عندما يتعلق الأمر بإجازات الآباء. وفي هونغ كونغ على سبيل المثال، يحق للآباء الحصول على ثلاثة أيام إجازة مقابل 80 بالمئة من حجم الراتب اليومي. وإلى جانب ميزة الاحتفاظ بالموظفين، هناك دليل على أنه من الممكن أن تساعد إجازة الأبوة أيضا في سد فجوة الأجور القائمة بين الجنسين. ووفقا لدراسة أجراها “المعهد السويدي لتقييم سياسة سوق العمل”، فإن دخل الأم يزيد بنسبة حوالي 7 بالمئة عن كل شهر إضافي يأخذه زوجها كإجازة من العمل. جدير بالذكر أن شركة إرنست ويونغ (EY) في دبي أعلنت عن سياسة جديدة لإجازات الأمهات والآباء الجدد في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث قامت بتمديد إجازة الأمومة إلى ستة عشر أسبوعا وإجازة الأبوّة لمدة أسبوع واحد. وباشرت الشركة بتفعيل سياستها اعتبارا من 1 يوليو 2018 للموظفين الذين يستقبلون مولودا جديدا. وتم تصميم نظام الإجازات الجديد لمنح الوالدين فترة أطول لرعاية أطفالهما، وتمكينهما بعد ذلك من الانتقال إلى بيئة مكتبية مرنة تستوعب احتياجات أسرهم. وقالت راشيل إليارد، رئيس قسم الموارد البشرية لدى “EY”، “نحن فخورون بالإعلان عن تمديد إجازات الوالدين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ونأمل أن نكون مثالا يحتذى به كمكان عمل داعم وشمولي”

مشاركة :