لست مضطرا لقياس رضا الناس بالآلة!

  • 7/31/2018
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

تضع بعض الجهات كالمطارات وغيرها آلة صغيرة لقياس رضا المستخدمين، وذلك من خلال أربعة وجوه، أحدها مبتسم جدا، والثاني مبتسم قليلا والثالث مبتسم أيضا لكنها ابتسامة صفراء، والأخير حزين للغاية، وكل واحد من هذه الوجوه الصفراء يدل على مستوى معين من مستويات الرضا أو عدم الرضا، وشخصيا أظن - وقد يتفق معي كل الناس إلا من اقترح هذه الآلة الغريبة - أن هذه الطريقة هي الأغبى على الإطلاق في قياس الرضا (لا أحب إطلاق مثل هذه الكلمات لكنها كذلك!)، في العموم الرضا يتضح من أشياء أخرى ليس لها علاقة بالآلة، ومنها: - عدم وجود تلاسن بين الموظف والعميل، فالجهات تحتاج لسجل تحت مسمى سجل التلاسن بين العميل والموظف، وسيظهر لها من خلاله حجم الرضا، فإن كان السجل شهريا وظهر تلاسن واحد فالأمور على ما يرام، أما إن زاد العدد فهي كارثة! - عدم الاتصال بمركز الشكاوى أو قلة ذلك (هذا إن كان موجودا أصلا)، فهذه إحدى علامات الرضا، فمن يبحث عنك - يا عزيزي المدير - إن كانت الأمور تسير على ما يرام؟! - مقولة شكرا جزيلا دليل الرضا، وبالسعودي إن قال «بيض الله وجهك يا أخوي» فهو راض جدا، أما إن سمعت وشوشة بعد أن يعطيك ظهره، فاعلم أنها الشتائم أعاذنا الله وإياكم منها! - إن لم يترك العميل كلمة طاعنة في الموظف (ذبة) في وجهه فهي علامة رضا، إذ يروق للعميل غير الراضي أن يرمي (ذبته) وهذه الحالة تشبه الحالة السابقة، لكنها في وجه الموظف، وليس من وراء ظهره (نحتاج آلة تسجل معدل «الذبات» على الموظفين!). - إن عرض العميل على الموظف خدماته بعد (وليس قبل) أن يخدمه، وبين له أين يعمل فهو دليل رضاه، وبناء عليه نحتاج سجل «أين يعمل العملاء»، وكلما زادت القائمة زاد الرضا، بشرط عدم الكذب، لأن لا أحد سيدقق في صحة البيانات إلا إن احتاج أحد المديرين التنفيذيين واسطة! - إن كان الموظف مبتسما في آخر ساعات الدوام، فهذا دليل على أن عمله جيد، لأن الاستفزاز الذي يحصل عليه نتيجة سوء عمله سوف ينكد عليه وعلى العميل، ربما نبحث عن آلة تشبه آلة كشف الكذب، نسميها «آلة كشف الموظف المستفِز والمستفَز!»، إلا في حالة وجود موظف «ما عنده دم» يستفز الناس بدم بارد، دون أن يؤثر عليه هذا الأمر! - إذا كانت آخر هوشة أو (مدة يد) في المكان قبل سنوات عدة، أو لم تحدث قط فالأمور تمام بإذن الله، فاليد وسيلة تفاهم، وفي الوقت نفسه وسيلة قياس للرضا! - إن كان الموظف هو من يبادر في التذمر من العملاء، فهذا دليل عدم رضا جميع الأطراف، الموضوع لا يحتاج لآلات! - من علامات الرضا عدم الحديث عن الرضا، أما من علامات عدم الرضا الإفصاح عن عدم الرضا، فصمت العميل عن الخدمة والموظف والمكان دليل رضاه عليهم، إلا في حالة الاحتكار التام، حيث لا يوجد إلا الصمت والصمت فقط هو الحل، المشكلة في الاحتكار وليس في سلوك الموظف، أو قياس الرضا نفسه! (هل ذكرت الخطوط السعودية في قطاع أوامر الإركاب الحكومية؟ لا لم أقل شيئا!). - من علامات الرضا أن يشتري الناس من الكافتيريا الموجودة في المكان، فعدم الشراء يعني عدم الرضا، ولسان حال العميل «والله ما تكسبون مني» أو «سوء خدمة وأدفع؟ لا!». أخيرا وبخصوص آلة قياس الرضا الغبية، هناك بعض المتغيرات غير المحسوبة: - الأطفال والمراهقون دائما يجدون لهم لعبة أثناء الانتظار، قد تكون هذه لعبتهم المفضلة، ضغط هذه الأزرار من باب التسلية وتمضية الوقت، فالآلة لا فائدة منها إذن. - قد يحضر العميل ومعه بعض أصدقائه غير المستفيدين من الخدمة، ثم يضغطون من باب التسلية وتمضية الوقت والفزعة (يعني كالأطفال تماما)، فتضاف أرقام ليست مستهدفة، فالآلة لا فائدة منها أيضا. - إن فسدت هذه الآلة لن يصلحها أحد، وهذا أحد أدلة عدم أهميتها، بالإضافة إلى أنها ناقل جيد للأمراض بسبب كثرة الضغط، ولا يوجد بجوارها مطهر! قصة ليست ظريفة: أول مرة تم تركيب هذه الآلة في أحد القطاعات ضغط صاحبنا المغترب على الوجه المبتسم للغاية، دليل رضاه على الخدمة، فالموظف مهني وسريع الأداء، لكن الموظف غضب، وقال «لست أنت من يقيمني، أنا ما يقيمني إلا مديري، أبوعبدالله فقط»، كان أمام الجهة تلك خياران اثنان: إزالة الآلة، أو إزالة الموظف العصبي، تمت إزاله الآلة والمغترب، وبقي الموظف!

مشاركة :