قال الدكتور لؤي محمود سعيد، مدير مركز الدراسات القبطية بمكتبة الإسكندرية، على صفحته الشخصية بشبكة التواصل الاجتماعي فيسبوك، بعد مقتل الأنبا إبيفانيوس أسقف ورئيس دير أنبا مقار، "الأنبا إبيفانيوس: ظل هذا الاسم مجهولًا لكثير من المصريين حتى صبيحة يوم الأحد ٢٩ يوليو ٢٠١٨، فغالبية المسيحيين والمسلمين لم يسمعوا عنه. وكثير ممن سمعوا اسمه لم يعرفوا عنه أكثر من كونه رئيس دير أبو مقار الشهير.وأضاف لؤي: "لكن فجأة، وبسبب النهاية المؤلمة لحياته، أصبح محور اهتمام الجميع. لم يكن هذا الأسقف المتواضع البسيط مشهورًا، ولم يكن نجمًا لامعًا تتسابق إليه القنوات والإعلام. لذا كان وقع المفاجأة كبيرًا على الغالبية. فقد اكتشفوا فجأة أنهم أمام قامة استثنائية على المستوى الإنساني والعلمي والكنسي. فمن سيل الكتابات التي تسابق أصحابها إلى سرد حكاياتهم معه تكشفت أمور خافية كثيرة، وتشكلت أمام الأعين صورة فريدة لم يكن معها يدرك كثيرون حجم هذه الشخصية وقيمتها.. فبدأ ينجلي بوضوح مقدار الخسارة التي منيت بها مصر بفقدان هذا الراحل الجليل. وتابع "لؤي"،: جمع هذا الراهب (وهو اللقب الذي كان يفضله عن استخدام لقب الأسقف) صفات يندر أن تجتمع في شخص ما. فهو الإنسان البسيط المتواضع الذي يكره الأبهة والأضواء. وهو العالم الباحث المتعمق الذي يجيد عدة لغات قديمة وحديثة ويتمتع بثقافة موسوعية واسعة، ولديه عشرات الأبحاث والكتب والترجمات العميقة، والتي أبهرت محافل العلماء في مصر والعالم. كان رائدًا من رواد العقل وليس النقل، مجتهدًا في التفسير والتحليل بانتمائه لجامعة (ولا أقول مدرسة) دير أبو مقار التي أسسها أبوه وأستاذه الراحل القمص متى المسكين. وهو اللاهوتي المحدث المجدد، الذي يستلهم روح وفكر كتابات الآباء بدون تكرار واستنساخ. وهو الإنسان الحنون المحب الذي يصعب عليك أن تلتقيه ولو لمرة واحدة دون أن تستشعر انجذابك إليه من فرط محبته وصفاء سريرته، حتى وإن كنت مختلفًا معه في الرأي أو العقيدة. كان ملائكي التكوين يأسرك بابتسامته الصافية الحقيقية التي لا تفارق وجهه.واستطرد "لؤي" بانه لم يكن الأنبا ابيفانيوس نجمًا إعلاميًا، ولا شخصية مشهورة في حياته. لكنه بالقطع يمثل علامة فارقة في الفكر المصري المعاصر، لأنه كان يحمل في قلبه وعقله (الذي اغتالوه بتحطيمه) قضية ورسالة أفنى حياته من أجلها: حفظ التراث، ونشر العلم، وإشاعة المحبة والتسامح بين المصريين. قضايا جديرة بأن يتبناها الإعلام المصري ويقدمها للناس، ويمنح الفقيد الجليل بعد موته بعضًا من حقه المهضوم في حياته مثله مثل الكثير من القامات التي تعيش بيننا، ولا ندرك قيمتها إلا بعد أن تغادرنا.
مشاركة :