«أمنا الغولة».. ليست وحشًا يطارد الأطفال ويأكلهم، كما سمعوا عنه فى روايات الأجداد، بقدر ما هو حقيقة، تجسدت بحذافيرها على أرض الواقع، عندما أراد القدر أن ينهى أسطورة زوجة أب «غولة»، ظلت على مدى شهور وأيام، تعذب طفلتين صغيرتين بمنتهى القسوة، دون أن ينبض قلبها بالرحمة، لتجد الطفلتان أنهما أمام أحد أمرين؛ إما التشرد فى الشارع، بعد أن تخلى عنهما الأب والأم، وإما الموت؛ فوجدتا نفسيهما تجهزان أمتعتهما من أجل الرحيل، وترك ذلك المنزل، الذى أصبح قطعة من جهنم، لتأخذهما أسرة أرسلها القدر لهما، لتكون نهاية تلك المجرمة، وتقع تحت طائلة القانون. «البوابة» تكشف كواليس وتفاصيل تلك الواقعة، التى هزت القاهرة، من خلال روايات شهود الواقعة، ومن خلال صرخات الطفلتين الضحيتين، من داخل منطقة المرج بالقاهرة، والتى كانت شاهدة على الواقعة. فى البداية؛ «تقول أسماء، ٣٣ سنة»، شاهدة على تلك الجريمة المأساوية، والتى لجأت إليها الطفلتان هاربتين من وحش تجسد فى صورة بنى آدم: «تم اكتشاف الواقعة عندما أبلغتنى نجلتى، بأن هناك فتاتين روضة ١٠ سنوات، وفاطمة ٧ سنوات تقفان أسفل المنزل، وعندما استكشفت الأمر، وجدت الطفلتين الصغيرتين تقفان أسفل المنزل، فأخذتهما إلى داخل الشقة، وأحضرت لهما الطعام والشراب، وقمت بتنظيفهما».وأضافت «أسماء»، لـ«البوابة»: «فى البداية تعجبت من الموقف، ودفعنى الفضول، وخوفى عليهما إلى معرفة السبب الرئيسى، فاكتشفت الفاجعة، عندما أوضحتا لى أنهما ليستا متشردتين، ولكنهما هاربتان من قسوة زوجة الأب، التى استمرت فى تعذيبهما أيامًا طويلة، دون أقصى رحمة، ودون تدخل من والدهما، ما أدى لهروبهما، خوفًا من الموت على يد تلك المتوحشة».آهات كثيرة بصوت منخفضأما عن آلام ومعاناة تلك الطفلتين البريئتين، فكان أشبه بآهات عجوز، يرهقه وجع شديد فى جسده، لكنه غير قادر على أن يعلو بصوته، من شدة ضعفه.. هكذا تصف الشاهدة مشهد الطفلتين، موضحة أن لسانهما يردد باستمرار: «مرات أبونا قالتلنا، لو جيتوا البيت تانى هدبحكم وهقطعكم واحطكم فى أكياس»، فالرعب كان المشهد المسيطر على وجههما».أما عن الطريقة التى كانت تقوم بها تلك السيدة المتوحشة، لتعذيب هاتين البريئتين؛ حيث أكدت الطفلتان أنها كانت تقوم بـ«عضهما»، وكيِّهما باستخدام «سكين»، بعد أن تضعها على النار حتى تسخن، وتقوم بـ«كيِّهما» فى ذراعهما وقدمهما وظهرهما، كما أنها كانت تشد شعرهما، حتى تقتلعه بكل قسوة ووحشية، ودون رحمة، وهو ما اتضح بالفعل على ظهرهما ويديهما وقدمهما والتى كانت أشبه بجسد عبد نحيل أرهقه سيدة من التعذيب، حتى كاد يموت.وتستكمل الطفلتان معاناتهما؛ مؤكدتين أنها لم تكن ترحم صرخاتهما ليلًا ونهارًا، مستغلة انشغال والدهما خارج المنزل طوال الوقت، وعندما يعود الأب، ويسأل عما حدث، تخبره بأن الفتاتين هما من قامتا بضرب بعضهما البعض، حتى إن الطفلتين وصلتا لمرحلة أنهما أصبحتا غير قادرتين حتى على الشكوى، من تلك السيدة متحجرة القلب، من شدة الخوف، من تلك المجرمة، كما أن الأب كعادته لا يبالى، وكان اهتمامه الوحيد هو كيف يتفنن فى ضرب الطفلتين، بين الحين والآخر، كلما أخبرته المجرمة كذبًا بأن الطفلتين سببتا مشكلة أو إزعاجا.طرق شيطانية لتعذيب الطفلتينوأكدت إحدى الطفلتين «فاطمة»، أن تلك المجرمة سبق أن أمسكت بها، ووضعت قماشة على عينيها، ووضعتها داخل المياه حتى تموت، وتخرجها من المياه فى اللحظات الأخيرة، وفى إحدى المرات طردتهما من المنزل، وأخبرتهما أنه فى حالة عودتهما ستذبحهما، لكنهما لم يستطيعا المكوث خارج المنزل، وعند عودتهما مضطرتين أخبرت والدهما بأنهما كانتا تحاولان الهروب، ما جعل الأب يقوم بضربهما، وفى وسط الحديث استغاثت الطفلة قائلةً «مش عاوزين نرجع البيت تانى، إحنا مبسوطين معاكم، هتموتنا، جسمنا واجعنا من الضرب».ومن الوسائل الشيطانية الأخرى، التى استخدمتها تلك المجرمة فى التعذيب، تقول الشاهدة، إن الطفلتين أخبرتاها بأن المجرمة لا تسمح لهما بالشبع؛ حيث كانت تجبرهما على أكل نصف رغيف فقط من العيش، كما أنها لم تكن تهتم بنظافتهما، وكانت تقوم باستمرار بشد شعرهما، بطريقة قاسية، لا يحتملها الكبير، فكيف يحتملها الصغير. كان المستشار محمد عرجاوى، مدير نيابة المرج، تسلم التقرير الطبى الخاص بتعذيب طفلتين، والذى أكد تعرض الطفلتين لواقعة تعذيب، ووجود آثار حروق باستخدام سكين ساخن، بالإضافة لآثار ضرب وتعذيب أخرى، كما أمر بحجز المتهمة ٢٤ ساعة، على ذمة تحريات المباحث. وتبين من التقرير الخاص بالطفلة الصغيرة فاطمة، وجود آثار لأسنان بشرية أعلى الظهر، وجرح مستدير بالجانب الأيسر من الجسم، وكدمة بفروة الرأس، مع سوء الحالة النفسية.أما شقيقتها روضة، فتبين وجود آثار حروق بأماكن متفرقة من جسدها، وآثار لجرح قديم بفروة الرأس، بالإضافة إلى وجود نقص شديد فى الوزن، كما تبين أنها تعانى من سوء تغذية، واضطرابات نفسية.كان قسم شرطة المرج، تلقى بلاغًا من سيدة تفيد بعثورها على طفلتين «روضة»، ١٠ سنوات، و«فاطمة»، ٧ سنوات، بحالة إعياء شديد، وعلى جسدهما آثار ضرب وتعذيب، كما أن الطفلتين اتهمتا زوجة والدهما بتعذيبهما بـ«سكين» ساخن، كما أكدتا أن والدهما على علمٍ بضربهما وتعذيبهما، وتحرر المحضر اللازم، وتولت النيابة التحقيقات.
مشاركة :