جفّ حبر أقلام الكتّاب وهم ينتقدون ويقترحون الحلول الناجعة لمعالجة الفساد المالي والإداري المتغلغل في أروقة معظم الإدارات الحكومية. كما بحّت أصوات السياسيين والمثقفين والمعالجين النفسانيين من كثرة نقاشات ظاهرة الفساد الدخيلة علينا… لكن من دون جدوى. فالفساد في ازدياد لدرجة تشبّع الديرة من جميع أنواعه وألوانه وكمياته. فمن تزوير الجناسي إلى رشى وخداع وغش ونصب واحتيال وسرقة للمال العام. فصحنا حينها… قد بلغ السيل الزّبى. فتُفاجِئونا هذه الأيام بفاجعة تزوير الشهادات العلمية بتفاصيلها اليومية المؤلمة، وكأنها برنامج درامي حزين ومحرج بل ومخجل. فقد حقّ العقاب الشديد والقصاص الأكيد على كل من تسبّب في هذه الجرائم غير المبررة. تساؤلي هنا لماذا لم تنشأ هيئة متكاملة مستقلة تهتم بمعادلة الشهادات العلمية ومتابعة جميع أمورها من فحص الجامعات الى تدقيق الشهادات وذلك منذ ٥٠ – ٦٠ عاماً؟ تواصلت ردود الأفعال النيابية من استياء واستنكار وشجب في المطالبة بمحاسبة الصغير والكبير في هذه الكارثة العلمية البشعة. أعجبني طرح النائب الفاضل ماجد المطيري، إذ طالب الحكومة بمعالجة فورية لهذا الملف المخزي، وعدم التهاون مع أي شخص، وعزل كل موظف خان الأمانة، داعياً إلى إحالة كل من تثبت إدانته الى النيابة. وأضاف أن المسؤولية تقع على كاهل الداخلية والعدل والخارجية وليس على التعليم العالي فقط. إنني أشبّه من تسبّب ببلاء التزوير بمثلث برمودا الشهير. ضلعه الأول يمثل دور الحكومة المتقاعس بما فيه ديوان الخدمة والتعليم العالي وأي جهة حكومية مسؤولة أخرى. مجلس الأمة يرمز إلى الضلع الثاني، حيث إنه لم يتابع بحرص وتفان لإزاحة هذا الهم الجاثم على صدورنا ولعشرات السنين. الضلع الأخير يشير إلى عديمي الضمير من مزوري الشهادات الذين سيعاقبهم الله وستطالهم العدالة. أتقدّم بهذا الاقتراح إلى رئيس الحكومة الموقر بشأن إنشاء لجنة متخصصة من المتقاعدين المثقفين والمسلحين بالخبرات المناسبة في مجالات التوظيف وتقييم الوظائف بجميع أنواعها الفنية والإدارية وأعضاء متقاعدين آخرين من التعليم العالي والخدمة المدنية، إن هذه الفئة المجتمعية المهمة التي تربط وشائج المجتمع بعضها ببعض لا يرغبون بزيادة معاشات ولا علاوات ولا مناقصات، بل إنهم يتألمون حسرة على بلدهم وما حل به من فساد. فهم يتمنون فقط لو أنهم يقدمون ما تبقى لديهم من قوة ومعرفة وخبرات تراكمية لخدمة وطنهم. فمع احترامي للجميع، كان «للبعض» متّسع من الوقت قوامه أجيال لتقويم الواقع المرير والمزيف، ولكن ذلك لم يحدث وهذا هو البرهان.. بركان الشهادات المزورة. – مثَل وقْع الشهادات المزورة على مجتمعنا كمثل وقْع سوق المناخ علينا لغياب الضمير والإخلاص. – من غشّنا فليس منّا. حامد يوسف السيد هاشم الغربلليSayidhamed@gmail.com
مشاركة :