تحقيق : رشا جمال تعتزم الهيئة الوطنية للمؤهلات خلال الفترة المقبلة، اعتماد مؤهلات جديدة مبنية على الاعتراف بالتعلم المكتسب من الخبرات السابقة، حيث تمنح الآلية الجديدة الأفراد ذوي الخبرات السابقة شهادات في مجالاتهم، بعد تقييم جميع المهارات والمعارف التي اكتسبوها خارج بيئة التعلم والتدريب النظامي، والتي لم يتم الاعتراف بها حتى الآن.وحسب المشروع الجديد - الذي يهدف إلى دعم فكرة التعليم المستمر - سيتم اعتماد التعلم والخبرات السابقة استناداً إلى نتائج التقييم، على أن يتم منح المتقدم عدداً من الساعات المعتمدة إذا ما اجتاز بنجاح متطلبات الحصول على تلك الساعات المعتمدة من المعارف والمهارات ذات الصلة والتي تحتويها «وحدة المعيار». هذا المشروع أثار جدلاً واسعاً بين الأكاديميين والطلبة ومراكز معادلة الشهادات، حول جدوى الحصول على الشهادات العلمية المبنية على الخبرة المهنية، والفارق بينها وبين بعض شهادات «معادلة الخبرة» التي تروج لها بعض مكاتب الوساطة الدراسية، من خلال مواقع إلكترونية وتمنح شهادات غير معترف بها حتى الآن.«الخليج» استطلعت أراء مسؤولي عدد من المكاتب التي تروج لشهادات معادلة الخبرة المهنية، كما التقت طلاباً وأكاديميين لتوضيح الفروق بين نوعين من التعليم، ومدى الاستفادة الممكنة من هذا المشروع، فاتفق وسطاء الشهادات المعادلة على أن مشروع «الوطنية للمؤهلات» لن يقدّم للطلبة أكثر مما تقدمه مكاتبهم، من خدمات وشهادات، فيما أجمع أكاديميون وطلبة على أن هذا المشروع سيقدم بجانب الخدمة العلمية، ضمانة رسمية واعتماداً للشهادات التي سيحصل عليها أصحاب الخبرات، ما يوجّه ضربة قاصمة لمن وصفوهم ب«مافيا الشهادات الوهمية وغير المعتمدة». أكدت الهيئة الوطنية للمؤهلات، أنها تعكف حالياً على دراسة اعتماد مؤهلات مبنية على الاعتراف بالتعلم والخبرات السابقة، لافتة إلى عدم وجود أي مؤسسة تعليمية أو تدريبية معتمدة في الدولة تطرح هذه النوعية من المؤهلات وأشارت الهيئة إلى أن نظام طرح المؤهلات المبنية على الاعتراف بالتعلم والخبرات السابقة مازال في طور الدراسة والتجريب، مشددة على أنها لم تعتمد أي مؤسسات تعليمية أو تدريبية أجنبية داخل أو خارج الدولة لطرح مثل هذه المؤهلات، كما نوهت بأنها الجهة الوحيدة المعتمدة للإعلان عن المؤسسات التعليمية والتدريبية المعتمدة والمدربين والمستشارين والمدققين وأوضحت الهيئة أن آلية الاعتراف بالتعلم والخبرات السابقة تقوم على تقييم جميع المهارات والمعارف التي اكتسبها الفرد خارج بيئة التعلم والتدريب النظامي والتي لم يتم الاعتراف بها إلى الآن، مشيرة إلى أن عملية التقييم وفقاً لمخرجات التعلم الخاصة ب «مؤهل معترف به» وفقاً لمستويات منظومة المؤهلات الوطنية، وهو المؤهل الذي يرغب المتقدم بالحصول عليه، وحسب المشروع الجديد سيتم اعتماد التعلم والخبرات السابقة استناداً إلى نتائج التقييم، على أن يتم منح المتقدم عدداً من الساعات المعتمدة إذا ما اجتاز بنجاح متطلبات الحصول على تلك الساعات المعتمدة من المعارف والمهارات ذات الصلة والتي تحتويها «وحدة المعيار».وحول آلية الاعتراف بالتعلم والخبرات السابقة، أشارت الهيئة إلى أنها تغني الأفراد عن دراسة مواد سبق لهم دراستها أو الدخول في برامج تدريبية سبق لهم المشاركة فيها واجتازها بنجاح، كما تشجع مبدأ التعلم المستمر.ولفتت الهيئة إلى وجود حالات معينة لا يمكن فيها حصول المتقدم على وحدة تعليمية أو تدريبية أو مؤهل، من خلال إجراء عملية الاعتراف بالتعلم والخبرات السابقة، ومن هذه الحالات متطلبات الصحة والسلامة التي تستوجب خضوع المتقدم لاختبار الكفاءة أو إذا كانت الوحدة التعليمية أو التدريبية أو المؤهل جزءاً من «رخصة ممارسة»، إذا كانت الوحدة التعليمية أو التدريبية أو المؤهل جزءاً من متطلبات الاعتراف المهني أو الوظيفي. ساعات معتمدة وعرفت الهيئة مبادئ الاعتراف بالتعلم والخبرات السابقة، موضحة أنها عبارة عن عملية للحصول على ساعات معتمدة للوحدات التعليمية أو التدريبية أو للمؤهل في منظومة المؤهلات الوطنية، كما أنها عملية طوعية تعتمد على مدى رغبة المتعلم في التقديم إليها، وتلتزم بجميع اللوائح والإجراءات اللازمة لعملية التقييم وأشارت إلى أنها تخضع لجميع أسس ولوائح المراقبة وضمان الجودة التي تخضع لها أشكال التعلم أو التقييم الأخرى لافتة إلى ضرورة الربط بين طرق التقييم الخاصة ب «الاعتراف» بالتعلم والخبرات السابقة وبين أدلة التعلم والأدلة التي تثبت كيفية حصول المتقدم على المعارف والمهارات الخاضعة للتقييم الأخرى. شهادات بلا مجهود «لا ضرورة للانتظار لسنوات أو إضاعة الوقت في الالتحاق بالجامعات وتحمّل عناء الدراسة.. احصل على ماجستير أو دكتوراه مقابل سنوات خبرتك العملية».. إعلان دعائي متداول على الهواتف الجوالة ومواقع التواصل الاجتماعي، من شركات للوساطة الدراسية، للترويج إلى شهادات تدّعي أنها موثقة ومعتمدة من كبرى الجامعات العالمية والمعروفة. هذه الشركات تحاول إقناع الراغبين في الحصول على مؤهلات عليا أو شهادة خبير أو مستشار في إحدى المجالات، عن طريق تحويل خبراتهم العملية إلى شهادة علمية من جامعات عربية أو أجنبية، إذ تطالبهم فقط بتقديم السيرة الذاتية لتحويلها إلى شهادة بكالوريوس أو ماجستير أو حتى دكتوراه، مقابل مبلغ مالي يتراوح من 3 إلى 10 آلاف درهم حسب الجامعة والدرجة العلمية المطلوبة.ورغم توافر آلية احتساب فترة الخبرة ضمن عدد ساعات الدراسة وقانونيتها تحت شروط معينة في بعض الجامعات الأجنبية، إلّا أن البعض يستخدم هذه الآلية كغطاء للشهادات المزورة والوهمية، من خلال إقناع الأفراد الذين يرغبون في الحصول على شهادات رسمية بتقديم ما يثبت خبراتهم في مجال ما، لامتلاك شهادة جامعية أو استكمال دراستهم العليا لتحسين مستواهم. مندوب أحد مكاتب معادلة شهادات الخبرة مكتب وساطة دراسية تحدث ل«الخليج» عن شروط معادلة الخبرة حسب متطلبات هذه المكاتب، موضحاً أنه للحصول على درجة الماجستير يجب تقديم شهادة بكالوريوس وشهادة خبرة لا تقل عن عام في مجال الشهادة، بينما تحتاج الدكتوراه إلى عامين من الخبرة للحصول على الدرجة، كما أكد أن بعض الجهات تقبل أوراق وتعادل شهادات 99 % من المتقدمين.«جميع التخصصات متاحة».. جملة تحدث بها مندوب مكتب آخر، حيث أشار إلى أن أبرز الشهادات المعادلة التي يمنحها مكتبه تشمل تخصصات «إدارة الأعمال، القانون، الهندسة، وهندسة الكمبيوتر، إضافة إلى التخصصات التربوية وعلم النفس واللغات والتنمية البشرية»، مشدداً على أحقية حصول المتقدمين على الدرجات العلمية لما يمتلكونه من خبرة في مجال عملهم، بشهادات معتمدة وموثقة ومعترف بها عالمياً. مصروفات رمزية أكد مندوب أحد مكاتب معادلة الشهادات، أن تكاليف شهادة الماجستير شاملة التوثيق، لا تتجاوز 800 دولار فقط لاغير شاملة التوثيق من الجهات المعنية في السفارة ووزارة الخارجية في الدول التي تنتمي لها الجامعات المانحة. وقال:«إذا كان المتقدم يريد الحصول على شهادة في مجال الهندسة المدنية، فعليه تقديم ما يفيد بخبرته في المشاريع الهندسية مثلاً، وبدورنا نساعده في الحصول على شهادة من جامعة مرموقة بالولايات المتحدة». أما عن اعتماد الشهادة داخل الدولة، فزعم المندوب بأن تلك الشهادات معتمدة ويمكن التوظيف على أساسها أو طلب الترقية إذا ما كان الحاصل عليه موظفاً، موضحاً أنه يتم إصدار الشهادة خلال أسبوع من إرسال المتقدم لسيرته الذاتية التي تحتوي على مجموعة الدورات التي حضرها المتقدم وشهادات العمل التي يمتلكها والأوراق الثبوتية. فيما أكد مندوب مكتب آخر، أن الشهادات غير معترف بها من قبل حكومات الدول العربية، ولا يمكن للحاصل عليها أن يقدمها للجامعات لاستكمال دراسته، بينما يمكن العمل بها في القطاع الخاص، بجانب فائدتها في الوجاهة الاجتماعية، وتسهيل أمور كثيرة في الحياة، بحسب قوله. جامعات وهمية أكد محمد وزاني، مسؤول في أحد مكاتب الوساطة المتخصصة في مساعدة الطلاب للدراسة بالخارج، أن مواقع الجامعات الوهمية والمكاتب غير المتخصصة، شوّهت فكرة التعليم عن بعد، والتي وصفها ب«الفكرة المريحة والعملية» لبعض الطلبة الذين لا تساعدهم ظروفهم على الالتحاق بجامعات الخارج بسبب وظائفهم أو ارتباطاتهم الأسرية.وقال وزاني: «هناك جامعات عالمية لديها برامج تعليم عن بُعد، محترمة للغاية ومعتمدة في دولها، وليس بها أي مشكلات، ولكن الجامعات الوهمية والممارسات المخالفة لبيع الشهادات وغيرها كانت سبباً في وضع الجميع في سلة واحدة، فأصبح التعليم عن بُعد، تعليماً مشكوكاً فيه حتى ولو كان معتمداً».فيما دعت مروة عبدالله، مدير التسويق في أحد مكاتب الوساطة للدراسة بالخارج، الطلبة إلى ضرورة مراجعة وزارة التربية والتعليم قبل التعامل مع أي من مكاتب الوساطة، قائلة: «هناك قائمة تتضمن المكاتب المعتمدة من وزارة التربية والتعليم، يمكن مراجعتها لضمان التعامل مع جهة موثوق فيها، لأن هناك بعض شركات السياحة تروج لقدرتها على توفير أماكن في الجامعات، وليس بالضرورة أن تكون وهمية، ولكن عندما يسافر الطالب لن يجد أي تنسيق مع الجامعة، لأن هذه النوعية من الشركات تسعى للحصول على أتعاب مقابل توفير التأشيرة ومتطلبات السفر، لكنها لا تستطيع توفير مكان للطالب، وهو ما يضعه في مشكلة كبيرة قد تعيده إلى وطنه. ترحيب طلابي مشروط في المقابل رحّب طلاب جامعيون بمشروع منح شهادات عليا ودرجات علمية نظير الخبرات العملية المتراكمة، حيث رأت حصة العامري، طالبة جامعية، أنها لا تجد أي مشكلة في منح شهادة علمية مبنية على الخبرة، ولكن وفق عدد من الشروط والضوابط، أهمها أن تكون الجامعة معتمدة ومعروفة، وليس عن طريق مكاتب الوساطة التي قد تورط الراغبين في تحسين مستواهم العلمي، وأن يكونوا مؤهلين فعلياً ولديهم الخبرة المهنية الكافية في مجال تخصصهم. فيما أرجع علي عبد المنعم، طالب جامعي، إقبال البعض على تلك الشهادات، إلى سبب شروط القبول للوظائف المتاحة لسوق العمل، بما يحتويه من شركات ومؤسسات وهيئات و منظمات، والتي تشترط وجود شهادة تحصيل علمي، ما دفع الطلاب للتوجه إلى الجامعات والكليات و المعاهد للحصول على الشهادات المطلوبة.وقال: «البعض من الطلاب توجه إلى أي دورة تدريبية تعطي شهادة يزعمون أنها تعادل الشهادة الجامعية دون الانتباه إلى مدى المصداقية»، معتبراً أن شهادة معادلة الخبرات المعتمدة على الخبرة المكتسبة للطالب من خلال ممارسته عملاً خاصاً لفترة زمنية، بحيث يمكنه الانتساب لهذه الجامعات من خلال إثبات وجود خبراته بإقرار خطي مكتوب من أي جهة عمل، تصادق على ممارسة الشخص عملاً معيناً لفترة معينة، و يمكن الحصول على إثبات الخبرة من أي شركة خاصة خلال فترة زمنية قصيرة جداً وأحياناً من غير وجود ممارسة فعلية لعمل معين، فتقوم الجامعة بتحويل هذا الإقرار إلى شهادة جامعية (مزيفة) مقابل مبلغ مادي يدفعه الطالب، ليجد نفسه اشترى مصادقة وهمية مزيفة لتساعده على العمل ظناً منه أنها شهادة جامعية. د. فايد الصفدي: بيزنس الشهادات السهلة قال الدكتور فايد الصفدي، أستاذ بجامعة نورث أوهايو الطبية: إن الحصول على شهادات أكاديمية لا بد أن يتم وفقاً لعدد من الشروط، لافتاً إلى أن أنواع التعليم عن بُعد، كثيرة ولكنها لا تصلح لجميع أشكال الدراسات، معتبراً أن التعليم عن بُعد على سبيل المثال قد يفيد في حال الدورات المكثفة التي تسهم في تطوير الذات.هذه الدراسات لا يمكن أن تكون مجدية أو مفيدة في حال الدراسات العليا مثل الماجستير والدكتوراه والدبلومات المتخصصة، إذ إن التعليم في هذه المراحل لا بد فيه من التواصل والتفاعل مشيراً إلى أن الطالب الذي يريد التعلم لا يهمه إذا كان سيحصل على شهادة علمية أم لا، بقدر ما يكون استفاد فعلياً من عمليات التعلم، ويجب حضور برنامج أكاديمي للحصول على شهادة أكاديمية وإلا اعتبر أي شهادة أخرى، هي بمنزلة شهادة خبرة.كما يجب أن يتأكد الطالب من صدقية واعتمادية الجامعات أو المواقع الإلكترونية في حال اختيار الدراسة عن بُعد عبر الإنترنت، وذلك من خلال التوجه إلى وزارة التعليم العالي، لمعرفة ما إذا كانت الجامعة التي اختارها معتمدة أم لا، علاوة على التأكد من المناهج والمسارات، لأن هناك جامعات معتمدة لكنها تقدم مجموعة من المساقات غير المعتمدة بمصروفات أقل، لتجنب أي شبهات في هذا المجال. د. غالب الرفاعي: يهتمون بشهادة أكاديمية لينالوا وظيفة الدكتور غالب الرفاعي رئيس جامعة العين للعلوم والتكنولوجيا، يقول: إن معظم الطلاب يهتمون بالحصول على شهادة أكاديمية، لضمان الحصول على وظيفة في مكان مميز ولكن على الطالب مراجعة الوزارة والجهات المسؤولة عن مسألة الاعتماد الأكاديمي، لاعتباره الجانب الأهم عند اختيار الجامعة، حتى لا يضيّع الطالب وقته ومجهوده.قد يكون التعليم عن بُعد أو شهادات معادلة الخبرة غير مجدٍ، في بعض التخصصات، لأنه يتجاوز عن أهم وسائل التعلم، وهي التواصل والتفاعل المباشر والبحث والعمل الجماعي، وهي أبرز المهارات التي لا يكتسبها الطالب في حال دراسته عن بُعد، خاصة في مرحلة البكالوريوس. أصبح هناك وعي من المجتمع ومن معظم الجهات الحكومية والخاصة التي باتت تراعي في مسألة التوظيف شرط اعتماد الجامعة، وهى طريقة كافية لمجابهة ظاهرة لجوء البعض لتلك النوعية من الدراسة، للحصول على الترقي الوظيفي أو الحصول على وظيفة تتطلب الحصول على درجة الماجستير أو الدكتوراه. د. محمد العاني: السؤال عن الجامعات قبل الدراسة فيها اعتبر الدكتور محمد العاني عميد كلية الخوارزمي، أن شهادات الجامعات الواردة من خارج الدولة أو عبر الإنترنت لا يمكن الموافقة عليها إلا بعد التأكد من اعتمادها من وزارة التربية والتعليم في الدولة، والتي توفر آليات عديدة وسهلة ليتأكد كل طالب من الاعتراف بالجامعة، كما يمكن للطلبة السؤال عن الجامعات قبل الدراسة فيها وتضييع سنوات عمرهم وإنفاق أموال لا عائد منها، حسب قوله.وأضاف: «بالرغم من كون التعليم الإلكتروني قد يكون حلاً في بعض الأوقات لمن لا تسمح لهم الظروف بمواصلة دراساتهم بشكل طبيعي، إلاّ أنه يجب أن يتوافر الكثير من الشروط في هذه الكيانات لتعود على الطالب بنتيجة أكاديمية مرضية»، مؤكداً أن الدراسة عن بُعد، قد لا تفيد في بعض برامج البكالوريوس والدبلومات والماجستير والدكتوراه، لا سيما أن هناك مساقات تتطلب التواصل والتفاعل المباشر.
مشاركة :