واجه الشارع المغربي خيبة أمل كبرى بعدما فشلت جهود بلاده في نيل شرف تنظيم مونديال 20226، على خلفية فوز الملف الثلاثي "أميركا – كندا – المكسيك" في الحصول حق استضافة كأس العالم. وجاء تعثر الملف المغربي ضمن سلسلة محاولات للفوز بشرف استضافة البطولة العالمية بدأت منذ العام 1994 واستمرت في 1998 و2006 و2010 قبل أن تنتهي بخسارة الترشح لتنظيم نسخة 2026، وكانت جهود المغرب عرفت دعماً لافتاً من السعودية، قبل أن يبلغ ذروته حين قررت الرباط الترشح لاستضافة كأس العالم 2006. وقاد الأمير مولاي رشيد، نجل الملك الحسن الثاني، ملف بلاده معلناً اختيار الملك فهد بن عبد العزيز في عام 1998 ليكون الشخصية الأولى الداعمة للملف، إلى جانب شخصيات رياضية وفنية عالمية. ونجح الملف المغربي في نيل ثناء المسؤولين في الاتحاد الدولي لكرة القدم، فضلاً عن تأييد الشركات الأوروبية الراعية لاحتضان المغرب للبطولة العالمية. حنق الأمير وأثار وجود الملك فهد في مقدمة الملف المغربي امتعاض أمير قطر السابق حمد بن خليفة المعروف بمواقفه المخالفة للتوجه الخليجي عموماً، ما جعله يعمل على إسقاط ملف استضافة المونديال، فضلاً عن محاولة إغاضة المغرب بتمويل صفقة أسلحة بريطانية لصالح الجيش الجزائري، قبل أن تعترف الدوحة بهذه الصفقة رسمياً. وقادت قطر حملة لدعم ملف المانيا المنافس، ولعب رئيس الاتحاد الآسيوي لكرة القدم السابق محمد بن همام دوراً في تغيير وجهة أصوات في المكتب التنفيذي للاتحاد الدولي قبل اليوم المحدد للتصويت، وتسلمت شركة قطرية أموالاً بمعرفة اللجنة المنظمة للمونديال برئاسة الألماني فرانس بكنباور بهدف تسهيل مهمة بن همام، وتمكنت المانيا من الفوز بشرف تنظيم كأس العالم في التصويت الذي جرى خلال صيف العام 2000. المغرب يستدعي سفيره واتخذ الملك محمد السادس قراراً بسحب السفير المغربي محمد العربي الدلائي من الدوحة احتجاجاً على الاستفزاز القطري الذي بلغ ذروته بمساندة الملف الألماني لاستضافة كأس العالم 2006 وتصويت عضو المكتب التنفيذي محمد بن همام لصالح المانيا. وبعد قطيعة استمرت لنحو أربعة أشهر، قدمت قطر اعتذاراً رسمياً للمغرب انتهى بعودة السفير الدلائي إلى الدوحة مجدداً. واستمرت المحاولات المغربية لاستضافة المونديال في 2010، غير أن وجود رئيس الاتحاد الآسيوي القطري محمد بن همام وكتلته في المكتب التنفيذي، كان كفيلاً بضرب آمال المغرب، خاصة أن الرباط تجاهلت قطر مجدداً، وابقت رهانها على الدول الكبيرة في المنطقة. قطر تتبنى الملف المغربي وعادت المغرب للترشح مجدداً لاستضافة كأس العالم 2026، وعادت معها قطر لمحاولة لعب دور الداعم للملف المغربي بدلاً عن السعودية، واستفادت الدوحة من التغييرات السياسية التي حدثت في الرباط بعد نجاح حزب العدالة والتنمية في الوصول إلى رئاسة الحكومة، ما قاد مسؤولي ملف المونديال للتجاوب مع مطالب قطر بتبني حملة الاستضافة وتهميش الاتحاد العربي لكرة القدم الذي تقوده السعودية منذ السبعينات. قطر تلقي بثقلها وكانت قطر أعلنت عن تسخير علاقاتها الدبلوماسية وثقلها السياسي من أجل جمع أصوات الأغلبية في الجمعية العمومية للاتحاد الدولي مساء الثالث عشر من يونيو 2018 في موسكو، غير أن ثقة الدوحة المفرطة بقدراتها، تراجعت بعد الفوز الكاسح الذي حققه الملف "الأميركي – الكندي – المكسيكي" على حساب المغرب، فضلاً عن عجز الدبلوماسية القطرية إقناع دول عربية بالتصويت للمغرب بعدما ذهبت أصوات العراق والأردن والكويت ولبنان إلى الملف الثلاثي. ولم تجد حملة المساندة القطرية تجاوباً من الحليف الإيراني الذي حجب صوته عن المغرب بعدما رفض التصويت أيضاً للملف الأميركي. ما اعتبره المتابعون نكسة للدور القطري الذي ظهر محدود التأثير، فضلاً عن الضريبة التي دفعها الملف المغربي بخسارة دعم الاتحاد العربي لكرة القدم. حرج قطري وتسببت خسارة المغرب تنظيم كأس العالم 2026، بحرج لحكومة قطر التي سوّقت سمعتها كحليف قوي في المحافل العالمية، ما جعل قنوات التليفزيون المملوكة للدوحة تشن هجمة نحو السعودية والإمارات، لتحويل الأنظار عن العزوف الأقليمي والدولي الذي واجهته الدوحة خلال حملة مساندة المغرب. علماً أن قطر تواجه منذ صيف العام 2017 عزلة سياسية مع بلدان عربية مهمة، بسبب تورطها في قضايا تخص دعم الجماعات الإرهابية وزعزعة الأمن. وتأمل الدوحة في انتهاء العزلة سريعاً لفتح الحدود البرية مع الجارة السعودية وعودة حركة الطيران إلى طبيعتها مع الإمارات، تفادياً لقرار محتمل من الاتحاد الدولي لكرة القدم يقضي بنقل تنظيم كأس العالم 2022 إلى بلد أخر، بسبب عدم قدرة الدولة الخليجية الصغيرة على استيعاب ملايين المشجعين وسط المصاعب التي تواجهها حالياً بفعل إغلاق المنافذ البرية والمطارات والموانئ.
مشاركة :