نقلت بعض مصادر الأخبار الأسترالية خبراً يشير إلى أن أمريكا تستعد لشن ضربات عسكرية دقيقة لمفاصل القوات العسكرية في نظام الملالي بإيران. وسواء صدقت أخبار كهذه أم لم تصدق؛ فإن النظام نفسه سيسقط عاجلاً أم آجلاً؛ لأنه غير قابل للحياة. تحديات الملالي التي تستفزهم من الداخل الإيراني ربما تكون أكثر قسوة عليهم من المناورات الكلامية الأمريكية بشن حرب خاطفة مدمرة تعيد إيران إلى الداخل الإيراني منكمشة ضعيفة أو بفرض عقوبات اقتصادية أشبه بالحصار الخانق بدءاً من السادس من فبراير القادم. الشعوب الإيرانية بمختلف مكوناتها العرقية والإقليمية التي تشكّل الفسيفساء الإيرانية تغلي وتعلن رفضها وتمردها على نظام «ولاية الفقيه» بالمظاهرات والاحتجاجات المستمرة حيناً وبالإضراب عن فتح المحلات التجارية حيناً آخر وبالاعتصام أمام البنوك الكبيرة الأربعة التي أقفلت أبوابها بعد إعلان إفلاسها وضياع مدخرات آلاف من المواطنين الإيرانيين. وتجلت مشاعر نقمة الشعوب الإيرانية على أيدلوجية الملالي حين ارتفعت أصواتها مطالبة رأس النظام الكهنوتي علي خامنئي بعدم التدخل في شؤون دول الجوار وسحب المليشيات الإرهابية الإيرانية ومن يتبعها من الموالي الطائفيين من سوريا والعراق واليمن وغيرها، وهو احتجاج صارخ على سياسة ولاية الفقيه التي تعمل وفق مفهوم «تصدير الثورة» كمبدأ من مبادئ ثورة المقبور الخميني عام 1979م الهادفة - كحلم طوباوي مجنون - إلى استعادة مجد الإمبراطورية الفارسية الآفلة التي اقتلعتها بكل الفخر والعزة جحافل المد العربي الإسلامي بمعركة القادسية الباسلة في عهد الخليفة الراشد عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - في الثالث عشر من شعبان 15هـ. ويدرك أي متابع لتطور الأحداث بعد ثورة الهالك الخميني خلال ما يقرب من أربعين عاماً أهدافه وغاياته ومن تبعه ممن اغتر بفكره واعتنق مبادئه العنصرية المعادية لشعوب المنطقة وعلى الأخص منها الأمة العربية والمسلمين بعامة. إن أحقاد الخميني ومن لف لفه من أتباعه كشعوبي فارسي ليست وليدة ولا جديدة؛ فهم من عملوا على تكوين الفرق لشق وحدة المجتمع العربي الإسلامي الوليد؛ فاغتالوا عمر بن الخطاب، ثم صنعوا الضغائن في عهد عثمان حتى قتل شهيداً، ثم كونوا «الخوارج» و أتبعوها بتكوين فرقة أخرى تغلو في الخليفة الرابع «علي بن أبي طالب» وتدعي التشيع له، وبعد أن استقرت الخلافة الأموية لم يدعوها فزعموا أنهم يرون بني العباس الأحق بالخلافة من الأمويين حتى أسقطوا الخلافة الأموية عام 132هـ وفي سنوات الانتقال بين العهدين تجلّت مطامع الفرس في انشقاق «أبي مسلم الخراساني» على أبي جعفر المنصور حين أظهر نيته باستقلال إقليم خراسان عن الدولة العباسية الناشئة؛ فقضى عليه المنصور قبل أن يحقق هدفه. هكذا هم الشعوبيون الفرس الذين يتلوّنون بأشكال مختلفة؛ مرة في هيئة قادة عسكريين مخلصين كأبي مسلم الخراساني، أو وزراء يخدمون الدولة كالبرامكة، أو فلاسفة كابن الراوندي، أو فرقة تدعو إلى العدالة الاجتماعية (وهو زعم باطل) كالقرامطة.. يتبع
مشاركة :